«مرهبا؟ مرهبتين أبو هسين»
بهذه الكلمة التي كان القصد منها طبعاً «مرحبا»، استهل الرئيس الأميركي، الذي يعيش فترة ولايته الثانية، خطابه في مقر «المقاطعة» في رام الله، قبل أن يتحدث عن حلمه في السلام والتأكيد على أهمية أن تكف «حماس» عن اطلاق الصواريخ من القطاع، مشدداً على «الضرر النفسي» الكبير الذي يلحق بسكان «سديروت» جراء اطلاق تلك الصواريخ. بالطبع لم يتنبه الرئيس الاميركي الأسمر، الذي راهنا كثيرا على لون بشرته السياسي، للقضايا الجوهرية التي تعيق عملية السلام «المنشودة»: مثل حق عودة اللاجئين ووقف الاستيطان وعمليات المداهمة اليومية والتنكيل بالمواطنين وحجز اموال الضرائب وغيرها.. وبرغم هذا كله، بدورنا قلنا له «مرهبتين .. نورتنا خيو أبو هسين».
الشعب الفلسطيني استقبل الرئيس الأميركي كما لم يفعل مع أي رئيس من قبل، ولعيونه، اطلق العنان لابداعاته في استقباله. ولعيون أبو حسين عملنا «فيديو كليب» في ظرف يومين: أغنية «أوباما جاي» التي صورت الرئيس الأميركي على حاجز قلنديا، وهو الحاجز الذي يفصل القدس المحتلة عن رام الله، يشرب العصير ويرقب ساعته بانتظار السماح له بالمرور. وفي المشهد الآخر صورة لشباب فلسطينيين يتحدثون عن موعد الزيارة ويرحبون به. ويواجه أوباما، بالفيديو، صعوبات للوصول إلى المكان المنشود، وعند وصوله يعتذر عن مواصلته للزيارة ويعد الفلسطينيين بزيارة أخرى. وفي السياق نفسه، كتب الكثيرون على شبكات التواصل «وصايا هامة» للرئيس أوباما ستفيده خلال زيارته. فنصحه أحدهم بعدم المرور من حاجز قلنديا بسبب الأزمة الخانقة هناك، وبدلا من ذلك الدخول من طريق الـ DCO وهي طريق مخصصة للدبلوماسيين الفلسطينيين. ونبهه آخر «إصحا تعجقلي حالك في موضوع الحراسات والقصص هاي .. احنا الوضع عنا كثير أمان .. نص الشعب مفرغ على الأجهزة الأمنية، والنص الثاني بدفع ضرايب عشان يدفع رواتب النص الأول... وبرضو اذا عجقت حالك في الموكب، ممكن يوقفوك جماعة الضابطة الجمركية، وهات حلها بعدين إذا بتقدر». وفي نقد صريح للوضع الفلسطيني قال أحدهم «في مجموعة أسئلة مش لازم تجاوب عليها بالمرة، واذا حسيت حالك انضغطت بتقول «آي دونت سبيك ارابيك». زي شو الأسئلة؟ أنا بحكيلك: انت مدريدي ولا برشلوني؟ أو ما شالله بتشتغل رئيس! أو شو أخبار ميشيل «ام حسين؟ فش إشي عالطريق؟ بدكوش تجيبولكو أخو لهالبنات؟ أو شو أخبار المصالحة؟ او ليش هدول النصائح تسعة مش عشرة؟».
أما أكثر مراسم الاستقبال حفاوةً فكانت تلك التي ابتدعها احد المثقفين الفلسطينيين الذي طلب عدم ذكر اسمه «لأسباب أمنية» حين قام بالتعاون مع مجموعة شركات من القطاع الخاص لتعليق لوحات إعلانية ضخمة «Billboards» تحمل صورة الرئيس والعلم الأميركي مكتوب عليها «الرئيس أوباما، لا تحضر معك هاتفك الذكي إلى رام الله، لأننا محرومون من 3G في فلسطين» في اشارة إلى الرئيس الذي لا يمكنه العيش بدون هاتفه الذكي، حسب ما ذكر في أحد خطاباته. لكن الأهم هو أن هذه اللفتة اثارت ضجة اعلامية كبيرة، حيث تحدثت عنها ما يزيد على 20 قناة ووكالة اخبارية عالمية. وما يثير السخرية أن هذه الحملة اثارت جدلا داخليا كبيراً، فرأى بعضهم أننا بذلك نتغاضى عن مشاكلنا الجوهرية مقابل الكماليات مثل خدمة 3G التي حرم منها الفلسطينيون بسبب معاهدات سابقة، ومن الفلسطينيين من اعتقد انها لوحات ترحيب وتمجيد بالرئيس الأميركي فقاموا بافسادها بطرق مختلفة.
بالعودة إلى قائمة النصائح التي قدمها الشباب الفلسطيني قال أحدهم معقباً على الموضوع نفسه «تردش على اللي بقوللك تجيبش معاك «الصمارط فون» تبعك... لأ.. جيبو عادي وأول ما تدخل دولتنا.. من على أي بسطة بتتناولك شريحة «سيلكوم» أو «أورنج» بعشرة شيكل، وفيها رصيد»، في اشارة إلى امكانية الاستعانة بالشركات الاسرائيلية لتشغيل هاتفه الصمارط، لعدم توفر شركات فلسطينية بسبب اتفاقات سابقة. وهنا تشديد على أن هذه الاتفاقيات التي تقيد الفلسطينيين، معظمها اقتصادي بالمقام الأول.
ونهاية سيدي الرئيس نعتذر عن اي اساءة ونقدم لك جزيل الشكر على خطابك الرومانسي الحميم. وكشباب فلسطيني، ننصحك بالتوجه لتحقيق انجاز بشري هام قبل نهاية ولايتك كالذي قام به سلفك بيل كلينتون في فك شيفرة الحمض النووي لأن هذه الطريقة الوحيدة التي ستجعلك immortal، دون الخوض بقضايا اللوبي الصهيوني في ولاياتك المتحدة.
يذكر أن الرئيس الأميركي وقبل نهاية ولايته الأولى اصبح «سوبرمان» عندما قدم لحركة مكافحة الإرهاب العالمية «رأس بن لادن»، اما ماذا سيقدم في ولايته الثانية؟ فغير معروف بعد.. يجب ان نعرف اولاً ان كان هذه المرة يريد ان يكون «باتمان» او «المهرج؟».
حسين زهور