رام الله | قبل أن يغادر الرئيس الأميركي، باراك أوباما، المنطقة، وتحديداً بعد زيارته لفلسطين ودولة الاحتلال، وفور وصوله إلى الأردن، استفاق الفلسطينيون على خبر تحويل مبلغ 500 مليون دولار أميركي مساعدات للحكومة الفلسطينية، منها ما احتجزه الكونغرس، والجزء الآخر مزيد من الدعم من الإدارة الأميركية. لكن ما الذي تغيّر ليحصل الفلسطينيون على هذه الأموال، رغم أن الزيارة لم تحمل أي جديد؟
بحسب مصادر فلسطينية مطلعة على الزيارة وتفاصيلها، فإن من وضع برنامج الزيارة هو «مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس»، وفي حينها لم يكن مقرراً أي لقاء بين أوباما ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، لكن الأول هو من طلب لقاء الأخير، فأُعيد وضع اللقاء على البرنامج نزولاً عند رغبة الرئيس الأميركي.
وقبل لقائه فياض، أشاد الرئيس الأميركي بدور الرجل في بناء المؤسسات الفلسطينية تحضيراً لـ«الدولة». وتحدث عن «رام الله مختلفة» عنها قبل خمس سنوات إبان زيارته الأولى للمنطقة، لكن هذا الموقف الداعم لفياض لا ينسجم مع ما يكنّه عباس وحركته «فتح» له.
وبحسب المصدر نفسه، فإن قادة بارزين من «فتح» هاجموا فياض خلال الأسابيع الماضية، وطالبوا بإقالته من منصبه وتشكيل حكومة جديدة، ومنهم توفيق الطيراوي ووزراء «فتح»، وبسام زكارنة، رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية، فيما سرت أنباء عن توجه عباس لتبني هذا الخيار قبيل زيارة أوباما للمنطقة أو بعدها مباشرة، وتعيين رجل الأعمال محمد مصطفى لتولي رئاسة الوزراء.
الغضب «الفتحاوي» على فياض له أكثر من سبب، بحسب المصدر الفلسطيني، الذي فضل عدم ذكر اسمه، «منها موافقته على استقالة وزير المال الفلسطيني نبيل قسيس، فيما كان الرئيس خارج البلاد، ومنها ما هو مرتبط بالأزمة المالية والرواتب المتأخرة، وصرفها بعد اقتطاع أجزاء كبيرة منها لصالح فواتير الكهرباء، وتحديداً من موظفي غزة، الفتحاويين في غالبهم، رغم تراجع الحكومة عن قرار الاقتطاع». إضافة الى ذلك، فإن السبب الأهم يعود الى توقف فياض عن صرف الأموال الطائلة لحركة «فتح» وقادتها كما كان يفعل الراحل ياسر عرفات، وإقفال «الحنفية»، على حدّ تعبير المصدر، وهو ما أزعج قادة الحركة، ودفع الطيراوي الى اتهام «فياض بأنه يحاول شرذمة الحركة، والتدخل في شؤونها الداخلية، والتآمر عليها بهدف تقويضها».
لذلك، جاء الدعم الأميركي لحكومة فياض من ناحيتين: السياسية، عبر شمله في برنامج زيارة أوباما، والمادية عبر المنحة المالية الأميركية الضخمة، التي تشكل دعماً كبيراً لحكومة فياض التي تغرق في الأزمة المالية الخانقة.
لكن بعض المراقبين، أمثال المحلل السياسي محمد هواش، يعتقدون أن الأموال الأميركية حُررت بهدف منع انهيار السلطة الفلسطينية، وخوفاً من إمكان اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية. مع ذلك، فإن تحرير الأموال جاء في النهاية لمصلحة لفياض وكبح توجهات الرئيس الفلسطيني بإقالته.