وضعت دمشق استهداف إحدى الكليّات الجامعية، أول من أمس، في إطار الإيحاء أنّ «الإرهابيين» اقتربوا من تحقيق أهداف عدوانهم على سوريا، في وقت أعلنت فيه واشنطن أنها مستمرة في درس كل الخيارات، بما فيها فرض حظر طيران جوي. ورأى وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، أنّ تكرار عمليات إطلاق قذائف الهاون على أحياء في وسط العاصمة السورية، هو «أمر خارجي» بتصعيد ميداني «إلى أقصى الحدود». ورأى أن هدف التصعيد هو «أنّ الإرهابيين يهاجمون وسط العاصمة للإيحاء بأنهم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهداف عدوانهم على سوريا»، مشدّداً على وجود «قرار حاسم ونهائي جيشاً وشعباً وقيادة بالدفاع عن البلاد حتى اللحظة الأخيرة».
ورأى الزعبي أن «قطر وتركيا وبعض أجهزة الاستخبارات العربية والغربية ترمي اليوم بكل ثقلها ورهاناتها في محاولة أخيرة ويائسة لتفكيك الدولة السورية وإسقاطها». ورأى أنّ منح المقعد أمر «غير ميثاقي»، لافتاً إلى أنّ قطر «تختطف الجامعة وتتصرف (بها) كما يحلو لها، وكأنها واحدة من شركات الأمير القطري».
في السياق، صرّح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، بأنّ موسكو تدين بشدة قصف جامعة دمشق، وتدعو إلى عدم تشجيع المعارضة لتصعيد الصراع المسلح. ولفت لوكاشيفيتش إلى أنّ «ما يستدعي القلق الشديد هو لجوء المجموعات المناوئة للحكومة في تصرفاتها الأخيرة إلى تكتيك القصف المدفعي للأماكن العامة والمجمعات السكنية ذات الكثافة العالية».
واشنطن، من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة خارجيتها، فكتوريا نولاند، إنّها تدرس إمكانية فرض منطقة حظر جوي في سوريا. ‎وجاء هذا التعليق رداً على سؤال عما إذا كانت واشنطن تدعم دعوة الجنرال النرويجي روبرت مود، رئيس بعثة المراقبين الأمميين في سوريا سابقاً، لفرض منطقة حظر جوي. ‎وقالت: «رأينا هذه التقارير الصحافية. ونحن نكرر منذ أسابيع أو أشهر أننا ندرس كافة الخيارات المتاحة... لمساندة التسوية السلمية. ونحن دائماً ندرس ما إذا كانت هذه الخطوات قابلة للتنفيذ وناجعة».
وعن استهداف جامعة دمشق، امتنعت عن اتهام أيّ جهة بالقصف. وقالت نولاند: «ليست لدينا أيّ معلومات تتيح لنا التأكد من هوية الجهة المسؤولة» عن قصف الكلية. ودعت القوات النظامية السورية ومقاتلي المعارضة المسلحة إلى «توخي أقصى درجات الحذر من أجل تجنّب شنّ هجمات على المدنيين والتأكد من أنّ أعمالهما تتفق والقانون الدولي».
من ناحية أخرى، انتقدت طهران قرار قطر بإفساح المجال أمام المعارضة السورية لتفتح بعثة دبلوماسية فيها. وأعلن نائب وزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، أنّ «خطوة قطر المسرحية، منح سفارة سوريا لمجموعة لا تتمتع بأصوات الشعب، متسرعة وغير معقولة»، مشيراً إلى أنّ «الشعب السوري لن يسمح لآخرين بتقرير مصير البلاد». وأضاف أنّ «من مصلحة قطر التوقف عن التصرف بهذا التسرع، وعن إراقة مزيد من دماء الشعب السوري».
في موازاة ذلك، تعهدت روسيا مقاومة خطوة متوقعة من المعارضة السورية للحصول على مقعد دمشق في الأمم المتحدة، وتنبأت بفشل أيّ محاولة من جانب «الائتلاف» المعارض للانضمام إلى المنظمة الدولية. وأدلى مندوب روسيا في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين بهذا التصريح للصحافيين، ومضى يقول: «لكنني لا أعتقد أن هذا سيحدث؛ لأن أغلب أعضاء الأمم المتحدة أعضاء مسؤولون يقدرون هذه المؤسسة». وأضاف: «أعتقد أنهم يفهمون أنه إذا حدث شيء من هذا النوع، فإنه سيضعف حقاً موقف الأمم المتحدة». وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه، إنّ المعارضة قد تسعى إلى الحصول على مقعد سوريا في الأمم المتحدة في شهر أيلول حين يلتقي زعماء العالم في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن دبلوماسياً عربياً قال لوكالة «رويترز» إنّ السعي إلى منح مقعد سوريا في الأمم المتحدة للمعارضة قد يحصل في وقت أقرب كثيراً.
من جهته، قال المبعوث العربي والدولي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، إنّه لا يرى نهاية قريبة للحرب الأهلية العنيفة الجارية. ودعا المجتمع الدولي إلى تكثيف الضغوط الدبلوماسية على طرفي النزاع. وشدّد على أنّ تسليح المعارضة ليس حلاً للأزمة. وقال الإبراهيمي، في مقابلة مع القناة البريطانية الرابعة، إنّه لم يكن له اتصالات بالرئيس السوري بشار الأسد منذ نهاية كانون الأول الماضي.
في سياق آخر، قال ممثلو ادعاء أميركيون إنّ جندياً أميركياً سابقاً ألقي القبض عليه، ووجّه إليه اتهام بالتآمر أثناء قتاله مع جماعة مرتبطة بالقاعدة في سوريا. وقال مكتب الادعاء الأميركي ومكتب التحقيقات الاتحادي، في بيان مشترك، إن إيريك هارون (30 عاماً)، ألقيَ القبض عليه يوم الأربعاء عند عودته إلى الولايات المتحدة. وهارون متّهم بالعبور إلى سوريا في كانون الثاني والقتال مع أعضاء من «جبهة النصرة».
إلى ذلك، أعلن رئيس «الحكومة السورية الموقتة» غسان هيتو، أنّ «الجيش الحر»، هو الذي سيسمي وزير الدفاع في الحكومة الجاري تشكيلها. وأوضح أنّ «دور وزارة الدفاع سيكون جمع كافة الكتائب تحت رايتها، وتسليم السلاح وتوزيعه حال وصوله إلى الأراضي السورية»، مضيفاً أن «الوزارة المرتقبة ستمنع من وصول المقاتلين غير السوريين الساعين إلى الانضمام إلى الكتائب التي تقاتل في البلاد». وعن تشكيل بقية الحكومة، قال هيتو إنّه «سينتهي من برنامج حكومته خلال أسبوعين، ليعرضه في الأسبوع الثالث على الشعب».
وأوضح هيتو أن «الحكومة ستكون حكومة تكنوقراط تعتمد على الكفاءات، وتتكون من 10 حقائب وزارية خدمية، لم تُسمَّ أيٌّ منها حتى الآن، في انتظار ترشيحات القوى والشخصيات الوطنية».
(الأخبار، أ ف ب، رويتز، سانا)