نتيجة الضغوط الدولية بسبب حملته الأمنية الشرسة ضدّ المسيرات المطالبة بالإصلاح، أقدم النظام البحريني على إنشاء لجنة لتقصي الحقائق عام 2011، أكّدت في ختام عملها وقوع الانتهاكات، لكنه لم ينفّذ توصياتها؛ فتدهورت صورته من جديد. حاول تلميعها بإطلاق حوار وطني، لكنّه كان شكلياً وفضح نفاق النظام من جلسته الأولى، فوجد نفسه مجدّداً في مواجهة المجتمع الدولي. أعاد الكرّة بعد أكثر من عام، مطلقاً جولة ثانية من الحوار، لكن هذا الأخير لا يزال متعثراً. اليوم، وعملاً بنصائح وتوصيات شركات عالمية للعلاقات العامة PR، التي ينفق عليها ملايين الدولارات لتحسين صورته، يُطلق النظام مؤتمراً لمناقشة مشروع الإصلاحات، وإن كان من ينظمه في الواجهة جامعة البحرين والمجلس البحريني الأميركي في واشنطن.
وبحسب رئيس جامعة البحرين، إبراهيم محمد جناحي، فإن هذا الملتقى سيلقي الضوء على «الجوانب السياسية والاقتصادية والدستورية والقضائية للمشروع الإصلاحي، بغية رسم الصورة الحقيقية للوضع في البحرين وما وصلت إليه من تطور في هذه المحاور».
اذاً هي بروباغندا لتحسين صورة البحرين، وإيصال رسالة الى العالم بأن مشروع الإصلاح يسير على قدم وساق. ومن السُخرية أن المؤتمر تستضيفه الجامعة التي كانت شاهداً قبل عامين على أحداث طلابية، حين هاجمت مجموعة مسلّحة بالسيوف والسكاكين طلاباً كان يسيّرون تظاهرة سلمية، وهو ما أدى الى وقوع عدد من الإصابات. وفي حينه وُجهت اتهامات الى جناحي شخصياً تقول إنّه سمح بفتح أبواب الجامعة ودخول عناصر من وزارة الداخلية وآخرين من الموالاة من أجل اقتحام الحرم الجامعي والاعتداء على المتظاهرين. وطُرحت القضية أمام القضاء البحريني الذي لم يبتّها حتى اللحظة. وأحد شهودها النائب السابق عن جمعية «الوفاق» محمد مزعل، الذي كان موجوداً للتفاوض وتهدئة الأمور في الجامعة.
وبحسب جامعة البحرين، فإن الحضور في المؤتمر «يعكس التنوع الجغرافي والفكري والمهني، إذ سيشتمل الحضور على مشاركين من السعودية وعدد من الدول العربية وأميركا الشمالية والجنوبية وآسيا والمحيط الهادي». لكن التدقيق في الحضور، بحسب ما أعلنه رئيس الجامعة وما هو وارد على موقع المؤتمر، يبين أنه يقتصر على دول حليفة للنظام البحريني، وتحديداً الولايات المتحدة، إضافة الى شخصية أردنية واحدة هي رئيس الوزراء الأردني السابق عبدالسلام المجالي.
ويبحث المؤتمر في «الحوكمة والحكم الرشيد، ودور المحاسبة في الإصلاحات وتعزيز الديموقراطية، واحترام حقوق الإنسان والتعددية»؛ مصطلحات لا تزال بعيدة عن خطوات المملكة الإصلاحية، وهي لم تخط بعد خطواتها الأولى في هذا المجال، والدليل تعثر الحوار الوطني، الذي لا يزال يحبو وينتظر اتفاق المشاركين على الشكليات، ولم يلامس بعد مضمون الإصلاحات الحقيقية.
لا بدّ من الإشارة الى أنّ هذا المؤتمر يأتي بعد سلسلة مؤتمرات نظمتها المعارضة في الخارج، خصوصاً بين لندن وبيروت، ونجحت خلالها في طرح القضية البحرينية واستقطاب مشاركين ومؤيدين من مختلف الدول، حتى الحليفة للنظام كبريطانيا، ويبدو أنّ هذا النجاح هو ما دفع النظام الى تنظيم فعاليات تُظهره كنظام يحمل مشروعاً إصلاحياً.
(الأخبار)