تصريحات أحمد معاذ الخطيب أضحت ماركة مسجّلة. الشيخ يلعب «سولو». الرجل لم يعد يمثّل «الائتلاف» في أدبياته. لا يمثّل سوى نفسه. صنع رصيده في هذا الجسم المعارض ولم يستطيع أن يسيّره باتجاهه أو أن يلفظ نفسه منه. في النهاية، من يموّل هو صاحب القرار. أخيراً اقترح الخطيب عقد مناظرة تلفزيونية مع الرئيس بشار الأسد، معتبراً أنّ الحلّ السياسيّ للأزمة هو الحل الواقعي، رغم كل الدماء.
اقتراح لم يعد يصنّف على أنّه بالون اختبار للنظام كذلك الذي كشف عنه عند مطالبته بالإفراج عن المعتقلين في السجون السورية قبل أيّ مفاوضات.
الرئيس المستقيل يعلم أنّ دعوته مرفوضة من النظام، لا بل لن يجد حتى من يعلّق عليها حتى من باب الدعابة أو الشماتة، كما أنّها مرفوضة من المعارضة التي «يمثّلها».
أحد أعضاء «الائتلاف» يروي لـ«الأخبار» كيف يرتجل الخطيب في بعض الاجتماعات مواقف وآراءً «بعيدة عن الجوّ العام» ومن خارج السياق.
الرجل ليس رجل حرب ولديه طموح لحلّ الأزمة السورية. هو يجتهد ويطرق الأبواب كافة، ويعتبر ذلك أنّه نوع من التحدّي، لكن لديه اقتناع بأنّ الطريق مسدود، يضيف محدّثنا.
معظم أعضاء «الائتلاف» لم يعلّقوا على كلام الخطيب. لم يتّخذوا مقاعدهم المعتادة على الشاشات ليسوّقوا مطوّلات عن أنّ «مبادرة الخطيب» هي رأي شخصيّ وأنّ «الائتلاف» سيجتمع ليعيد الأمور إلى نصابها.
منذ تلك «المبادرة»، أعاد أعضاء الائتلاف المعارض في الواقع «الأمور إلى نصابها». قرّروا، في اجتماع لهم، أنّ أي مبادرة للحوار لا تكون ولا يوافق عليها سوى من خلال الهيئة العامة. بدأ تقليم الأظافر.
مستحيل الدخول في أيّ مفاوضات لا يكون مقصدها انتقالاً سياسياً للسلطة، يقول عضو «الائتلاف» هشام مروة لـ«الأخبار».
مروة يرى أنّ طرح الخطيب السابق، باعتقاد الأخير، أحدث اختراقاً دولياً وردود فعل إيجابية، على اعتبار أنّ المعارضة تستطيع أن تكسب المعركة سياسياً أو عسكرياً، وأنها لا تخشى الحوار. «الائتلاف» لا ولن يتبرّأ من رئيسه، يؤكد أعضاء فيه لـ«الأخبار». الخطيب تنتهي مهماته رسمياً في الحادي عشر من شهر أيّار المقبل. «الوقت المتبقي لا يستأهل هزّة سياسية»، يقول عضو «الائتلاف» خالد الناصر.
الشيخ المستقيل وافق على البقاء على رأسه مهماته ريثما يقرّر أعضاء «الائتلاف» انتخاب رئيس آخر. «مش وقتها»، يقول زميل للخطيب في المعارضة، على اعتبار أنّه «باقٍ لشهر وعشرة أيام فقط»، وأنّ تصريحات الرجل أصبحت «حكماً» توضع معظم الأحيان ضمن إطار الرأي الفردي، إضافة إلى كون الخطيب «ابن هذه الثورة، ونحن حريصون على وجوده معنا، لأنّ الخلافات ليست جوهرية».
خالد الناصر يروي لـ«الأخبار» عن رسالة من مقاتلين في الأراضي السورية ترى أن «لا اجتهاد في ثوابت الداخل». هيَ بالشكل ردّ على «اجتهادات» الشيخ معاذ المتكرّرة.
لم تعد تصريحات رأس المعارضة السورية تثير أيّ اهتمام. بعض زملائه يرون أنّه يقدّم خطاباً عاطفياً يعبّر عن «آمال وآلام»، ويفتقد المهارة الدبلوماسية.
«هيئة التنسيق» التي حيّته على موقفه الأول من المفاوضات ثمّ على إعلان استقالته من رئاسة «الائتلاف»، أصبحت ترى أنّ الرجل مكبّل، ولن يستطيع التمرّد رغم طروحاته القريبة من موقفها.
أحد مسؤولي «الهيئة» في دمشق يلفت، في حديثه مع «الأخبار»، إلى أنّ معارضة الخارج ليس لديها أيّ مبادرة أصلاً، شأنها شأن النظام. الطرفان، برأيه، حرقا الحلّ السياسي. بعد 600 نقطة وتجمّع للتظاهرات أيام الجمعة، لم تعد تتخطى اليوم عشر نقاط.
القوى الممسكة بتلك المعارضة تريد الإتيان بـ«أحمد جلبي» بالنسخة السورية، يضيف المعارض السوري.