غزة ـــ الأخبار جاء انتخاب خالد مشعل بالتزكية، مساء أول من أمس، رئيساً للمكتب السياسي لحركة «حماس» لولاية جديدة وسط توافق عربي ودولي وفلسطيني على شخصه؛ إذ استطاع أبو الوليد على مدى 16 عاماً من رئاسته الحركة أن يجمع رصيداً ثميناً يمكّنه كي يكون الرجل الأقدر على قيادة المرحلة المقبلة.
وأعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن «مجلس الشورى جدد الثقة بالمكتب السياسي للحركة وعلى رأسه خالد مشعل (لمدة أربع سنوات) في ظل أجواء من الشورى والديموقراطية الأصيلة». وأُطلق على دورة مجلس الشورى الجديدة دورة «الشهيد القائد أحمد الجعبري». كما جرى انتخاب اسماعيل هنية نائباً لمشعل من بين ثلاثة نواب آخرين.
ولم تكن إعادة التجديد لأبو الوليد لتحصل لولا وجود توافق عربي ودولي حوله، ولا سيما أنه كان قد أعلن عدم نيته للترشح. ويتمتع مشعل بكاريزما لافتة، واستطاع على مدار سنوات من زعامته الحركة أن ينسج علاقات دولية واسعة.
يطلق عليه رفاقه اسم «الشهيد الحي»، وهو كان قد تعرض لعدّة محاولات اغتيال من قبل إسرائيل. وليس ببعيد قال عنه شاوول موفاز، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق ورئيس حزب «كاديما» الوسطي، «كان يجب انتهاز الفرصة لتصفية رأس الأفعى. مشعل يستحق الموت». وأضاف «أطلب منه أن يحزم حقائبه في أسرع وقت ممكن وأن يغادر غزة»، في إشارة الى الزيارة الأخيرة التي قام بها مشعل الى غزة بعد الحرب الأخيرة على القطاع.
وفي أيلول 1997، حاولت إسرائيل اغتيال أبو الوليد، بحيث قام خمسة إسرائيليين قدموا أنفسهم على أنهم سياح كنديون بحقنه بمادة سامة في أحد شوارع عمّان. لكن اضطرت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بعدها الى الاعتذار وتقديم المضادات اللازمة، عقب ضغط من الرئيس الأميركي آنذاك، بيل كلينتون، لانتزاع السم من جسمه، بعد استياء الملك الأردني السابق حسين.
وكانت السلطات الأردنية حينها قد ألقت القبض على اثنين من عملاء «الموساد» متورطين بمحاولة الاغتيال، ثم أطلقت سراحهما مقابل الإفراج عن مؤسس الحركة وزعيمها الروحي الشيخ الراحل أحمد ياسين، الذي كان أسيراً في سجون الاحتلال ومحكوماً عليه بالسجن مدى الحياة. ويعرف مشعل (59 عاماً) بأنه «هادئ، ومتزن، ومعتدل غير متشدد». انضم الى جماعة الإخوان المسلمين عام 1971. قبل أن يلتحق بالمكتب السياسي لحركة «حماس» منذ تأسيسه نهاية عام 1987. ولدى عودته إلى الأردن أصبح عضواً نشيطاً فيه، الى أن انتُخب عام 1996 رئيساً للمكتب السياسي للحركة.
يقول الكاتب اليساري الفلسطيني علي بدوان إن «مشعل كان له دور في توحيد الأداء السياسي التنظيمي لحماس، نظراً لشخصيته البراغماتية والكاريزما العالية التي يتحلى بها، إضافة إلى تجربته الميدانية وشبكة العلاقات القوية التي يمتلكها على الصعيد الفلسطيني والعالمي». ويعتبر مشعل الأكثر حرصاً على توحيد الصف الفلسطيني وتحقيق الوحدة والمصالحة مع حركة «فتح». وقد رحبت الأخيرة بإعادة انتخابه، وقال القيادي في الحركة قدورة فارس إن مشعل «قائد فلسطيني مميز كان قد تعرض في السابق لانتقادات داخلية بسبب مساعيه المخلصة من أجل المصالحة». وأضاف إن إعادة انتخاب مشعل «ربما ستعطي دفعة قوية لمصالحة التوافق الداخلي وإتمام المصالحة».
كذلك أبدى المفوض العام للعلاقات الخارجية في السلطة الوطنية الفلسطينية نبيل شعت، ترحيبه وارتياحه بانتخاب مشعل. وقال عنه «إنه الشخص الأفضل والأكثر رغبة في تحقيق المصالحة الفلسطينية». وأضاف «أرى أن مشعل فلسطيني ملتزم بوطنه وقضيته وبالوحدة الوطنية، كما أن التأخير في انتخابه ساهم كثيراً في تعطيل ملفات كثيرة، أبرزها المصالحة».
وأعرب عن ثقته الكاملة بتحقيق إنجاز ملموس على صعيد ملف المصالحة الفلسطينية التي رأى أن تحقيقها «كان مرتبطاً بانتخابات حركة «حماس»، وبالتحديد انتخاب قائد مثل خالد مشعل».
ويحظى مشعل بدعم جميع قادة العرب، وأبرزهم أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، الذي شارك بالضغط على قيادة «حماس» لبقاء مشعل قائداً للحركة، وفق ما أكدت مصادر داخل «حماس» لوكالة «الأناضول» للأنباء. كما تفضل القيادة التركية أبو الوليد ممثلاً لحركة «حماس» نظراً للبراغماتية والكاريزما التي يتمتع بهما. وفي نبذة مختصرة عن سيرته الذاتية، فإن أبو الوليد ينحدر من قرية سلواد بقضاء رام الله في فلسطين. تلقى التعليم الابتدائي فيها حتى عام 1967، عندما هاجر مع أسرته إلى الكويت، حيث أكمل دراسته وحصل على البكالوريوس في الفيزياء. قاد التيار الإسلامي الفلسطيني في جامعة الكويت، وشارك في تأسيس كتلة الحق الإسلامية التي نافست قوائم حركة «فتح» على قيادة الاتحاد العام لطلبة فلسطين في الكويت. تلك الكتلة التي سرعان ما تحولت بعد تخرجه إلى ما عرف بالرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين. تخرج في الجامعة وعمل مدرساً للفيزياء في الكويت، ثم تزوج بعدها بعامين وله من الأبناء سبعة، ثلاث فتيات وأربعة صبية.