واجهت إسرائيل، أمس، الهجوم السايبيري الأكبر في تاريخها. ورغم أن نتائج الهجوم حققت «نجاحاً جزئياً فقط»، بحسب وصف مصادر إسرائيلية، فإن المؤكد أن القدرة على التصدي له وإجهاض مفاعيله المتوقعة تأتت جراء حالة استنفار غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل، تجنّدت لها كافة الأجهزة والهيئات والجهات ذات الصلة بتكنولوجيا المعلوماتية، وخصوصاً تلك العاملة في مجال الإنترنت والمتخصصة في تقنيات حمايتها.
وفي إطار هذا الاستنفار، تم إنشاء العديد من غرف العمليات في المؤسسات الخاصة والحكومية، كما في داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية، التي عملت على مدار الساعة بتنسيق كامل من أجل مواجهة الهجوم. وعلى مدى ساعات ليل السبت الأحد ونهار أمس، توالت التقارير من هذه الغرف حول سيرورة الهجوم. وكانت خوادم هيئة «ممشال زمين»، التي تستضيف المواقع الحكومية الإسرائيلية، من بين الأهداف الأولى التي كانت عرضة للهجوم، ما أدى إلى تعطيل عدد من هذه المواقع.
وفرضت وزارة المال الإسرائيلية، المسؤولة عن «ممشال زمين» وهيئة أخرى تسمى وحدة الاتصالات الحكومية المحوسبة، تعتيماً كاملاً على الاستعدادات التي اتخذتها من أجل صد هجوم الهاكرز. إلا أن تقارير صحافية أكدت أن الوزارة افتتحت غرفة رقابة وسيطرة خاصة بالحدث ورفعت درجة التأهب إلى الحد الأقصى لمواكبته.
وأعلنت الوزارة أن مواقع الحكومة تعرضت لهجمات «منع الخدمة الموزعة»، المعروفة بـ«DDos»، أدّت إلى خروج بعض المواقع من الخدمة لبضع دقائق، من ضمنها موقع وزارة الخارجية ووزارة الاقتصاد والتجارة. كذلك أفادت غرفة عمليات خاصة، تشرف عليها الهيئة الإسرائيلية لحماية أمن المعلوماتية بالتنسيق مع هيئة السايبر الحكومية ورابطة مقدمي خدمة الإنترنت، عن تعرض نحو 600 موقع إسرائيلي لهجمات مختلفة. وأشارت الغرفة إلى أن نحو 15 موقعاً حكومياً تعطلت عن العمل لوقت محدود ليلة السبت الأحد، بينها مواقع وزارة التربية ولجنة الإحصاء المركزي ومديرية أراضي إسرائيل، إضافة إلى مواقع وزارة الدفاع والناطق باسم الجيش والبورصة. وأفاد موقع «والا» الإخباري عن سقوط موقع رئاسة الحكومة وموقعي كل من الصناعات العسكرية ووزارة البيئة. وفي وقت لاحق، أعلنت وزارة المال أن كافة المواقع الحكومية عادت إلى الخدمة الفاعلة.
وفي حين رفضت المصارف الإسرائيلية التعليق رسمياً على استعداداتها للهجوم السايبيري، اكتفت مصادر تابعة لها بالقول إن «موضوع حماية المعلوماتية يحظى منذ فترة طويلة بأولوية، وهناك وحدات داخل المصارف تعالج التهديدات على هذا الصعيد على مدار الساعة».
وذكرت تقارير إعلامية أن الجيش والمؤسسة الأمنية تعاملا مع التهديد بجدية كاملة، وأعلنا حال الاستنفار القصوى للوحدات ذات الصلة بمواجهته، ومن بينها وحدات السايبر في الشاباك وشعبة الاستخبارات وشعبة الحوسبة. وتضم الشعبة الأخيرة قسم حماية السايبر، الذي أنشئ منذ عامين ونصف العام ويعمل بالتنسيق مع هيئة السايبر التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية.
وأكدت مسؤولون في الجيش أمس أن «المنظومات المعلوماتية العسكرية محمية جداً قياساً إلى المنظومات المدنية»، فيما رأى مسؤولون آخرون أنه «ما من منظومة محمية بشكل مطلق، وهناك دائماً إمكانية لاختراقها».
وفي صلب ساحة الحرب الافتراضية التي دارت رحاها أمس، طفت إلى الواجهة معركة إعلانات متبادلة بين الهاكرز المهاجمين الذين أعلنوا من وقت لآخر إنجازات حققوها، مثل نشر تفاصيل تتعلق بحسابات شخصية لإسرائيليين أو الحصول على بنك المعلومات الخاص بالشرطة، وبين مصادر إسرائيلية اهتمت بنفي صحة ما أعلنه الهاكرز والتشكيك في صدقيته. في المقابل، قال هاكرز إسرائيليون إنهم شنّوا هجوماً مضاداً على موقع opisrael.com واحتلوا صفحته الأولى ونشروا عليها محتويات ذات مضمون موال لإسرائيل، مثل النشيد القومي الإسرائيلي. ونشر الهاكرز الإسرائيليون قائمة بأسماء مواقع مسلمة قالوا إنهم اقتحموها، تبين لاحقاً أن بينها مواقع صينية.
تجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يعلن فيها قراصنة إنترنت مهاجمة إسرائيل، إذ كانت محاولات بارزة قد سجلت في أعقاب عملية «عمود السحاب» التي شنّتها إسرائيل ضد قطاع غزة في تشرين ثاني الماضي. ومنذئذ يطلق المهاجمون اسم OpIsrael على هذه المحاولات.