جماعة أنونيموس Anonymous تضرب مجدداً. المجموعة التي تعتبر أحد أهم حلفاء «ويكيليكس»، والمصنفة من قبل مجلة «ذا تايم» الأميركية كواحدة من أكثر المجموعات تأثيراً في العالم، شنّت أول من أمس ثانية هجماتها الإلكترونية والمعروفة باسم #OpIsrael ضد إسرائيل. ومع صباح الأحد، كانت العشرات من المواقع الاسرائيلية غير متاحة على شبكة الإنترنت.
يظهر أعضاء هذه الجماعة غالباً بقناع «فانديتا» المنسوب الى جاي فوكس، وهو بريطاني قام بمحاولة فاشلة لنسف البرلمان عام 1605، واعتُقل وتعرّض للتعذيب، قبل أن يُعدم.
وقُبيل الهجوم، أعلنت جماعة تابعة لأنونيموس تُدعى «The N4m3le55 cr3w» أنها جمعت بيانات خاصة لأكثر من 600 موقع و100 من الخوادم الإسرائيلية وستتم مهاجمتها. وشملت القائمة العديد من المصارف والشركات، إضافة إلى مجموعة من المواقع الحكومية البارزة في إسرائيل. وأضافت الجماعة «لا نعلم ما الذي تبقَّى لأنونيموس كي تهاجمه!».
ووقع هذا الهجوم الإلكتروني الهائل على إسرائيل في يوم ذكرى الهولوكوست «ذكرى المحرقة»، بحيث تعرضت بعض المواقع الاسرائيلية لـ700 هجمة متكرّرة من هجمات حجب الخدمة «DoS»، والتي استهدفت الأنظمة الحكومية الرفيعة المستوى في إسرائيل، مثل وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع، وبنك القدس، ومدونة جيش الدفاع الاسرائيلي، والموقع الرسمي للرئيس الاسرائيلي.
وتعتبر «هجمات حجب الخدمة» (Denial of Service Attacks) مختصرة بعبارة DoS، من أخطر الهجمات الإلكترونية. وتتم عن طريق إغراق المواقع بسيل من البيانات غير اللازمة، ويتم إرسالها عن طريق أجهزة مصابة ببرامج (في هذه الحالة تسمى DDOS Attacks) تعمل على نشر هذ الهجمات، بحيث يتحكم فيها القراصنة عن بعد، بإرسال تلك البيانات إلى المواقع بشكل مكثف، ما يسبب بطء الخدمات. وباعتراف الكثير من خبراء الأمن على الشبكة، لا يوجد علاج في الوقت الحالي لهذا الأسلوب من الهجمات. ولذلك، يسمى هذا النوع من الهجمات في بعض الأوساط «إيدز الإنترنت».
لكن هجمات القراصنة ضدّ اسرائيل لم تتوقف عند «DDOS Attacks»، بل تعدّتها الى العديد من أنواع الهجمات المبتكرة التي تتم عن طريق الولوج الى قاعدة البيانات وتغيير المحتوى، أو إسقاط عدد من الملفات ضمن قاعدة البيانات.
لم يتأخر الردّ الاسرائيلي على الهجوم، والبداية كانت باختراق موقع «opisreal.com»، الذي بات يروّج لإسرائيل وينشر مقاطع فيديو عن معاداة السامية، ومداخلة وفاء سلطان الشهيرة على قناة «الجزيرة» في برنامج الاتجاه المعاكس. إلا أنّ البديل كان جاهزاً http://OperationIsrael.tk الذي يقدم معلومات مفصلة عن الهجمات ودليل إرشادي للفلسطينيين في حال قامت إسرائيل بقطع شبكة الإنترنت عنهم، وكيفية الاتصال بالعالم الخارجي عن طريق استخدام وصلات إنترنت مجانية مرتبطة بخوادم تعمل عن طريق الهاتف الثابت.
تنوّعت جنسيات المشاركين في الهجمات الإلكترونية، بينهم العديد من الشباب العرب، بالتوازي مع حراك ضخم من الناشطين في مختلف أنحاء العالم، وأُطلق على تحركهم تسمية «اليوم العالمي للمقاومة الإلكترونية». وقد تلخّصت حملة الأنونيموس في ثلاثة أهداف، وهي إزالة الكيان الصهيوني إزالة ممنهجة من شبكة الإنترنت، كشف خطط العدو المستقبليّة وجرائمه ضد الإنسانيّة، وتقديمها كهديّة للعالم أجمع. والمميز في الهجمة الإلكترونية كان تطويع «الهاكرز» لبرمجيات مكّنت حتى المستخدم العادي من الدخول إلى صفحة آمنة تدعى «أنو بايست» وإرسال معلومات من شأنها أن تشلّ الخوادم الإسرائيلية.
«#Op_Israel» كان هشتاغ الهجمات على موقع «تويتر». وللمرة الأولى توحدت عدّة مجموعات إلكترونية، وبدأت بتنسيق آلاف الهجمات. وقدّر عدد من المواقع الإلكترونية المهاجمين المحترفين بما يزيد على عشرة آلاف هاكر.
ولجأت إسرائيل إلى الاستنجاد ببعض الخبراء الفرنسيين لحماية نفسها من الهجمات الإلكترونية، إلا أنّ الردّ كان سريعاً وقاسياً، بحيث قامت فرقة «SeCuR!TY Li0NS HaCK3RS» المؤازرة لجبهة «الأنونيموس» باختراق عدد من المواقع الفرنسية.
ويقول أحد الشباب «الهاكر» الفلسطينيين لـ«الأخبار» (رام الله ــ مالك سمارة)، إن «مجموعة «الأنونيموس» تعمل بشكل سرّي، وبتكتّم شديد، لا يعرف أحد فيهم الآخر، لكنهم يشتركون في مجموعة أهداف سياسية، ويقومون بإعلان الهدف الذي سيهاجمونه قبل فترة، ليتم الإعداد له على نطاق واسع». ويضيف: «سقوط هذا الكم الهائل من المواقع الإسرائيلية ليس مردّه إلى ذكاء تلك المجموعة، أو امتلاكها ميزات فريدة، بل إلى العمل الجماعي الذي تقوم به، حيث إن الضغط المستمر على المواقع الإسرائيلية هو ما يسبب وقوعها بهذا الشكل في أيدي القراصنة».
أما عن قدرة إسرائيل على القيام بهجوم مضادّ، فيؤكّد «الهاكر» أنّه «ليس من السهل أن تقوم إسرائيل بهجوم معاكس في هذا الوقت تحديداً، فهي تتلقى الهجمات من كل اتجاه، ومشغولة حالياً بتحصين مواقعها المستهدفة واستعادتها».