كشفت زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لفلسطين المحتلة حجم الخلاف بين تل أبيب وواشنطن حيال الخطة الأميركية لاستئناف المفاوضات على المسار الفلسطيني، إذ أعربت إسرائيل عن رفضها للخطة التي تقتصر على البحث في مسألتي الحدود والأمن وبادرات حسن نية تجاه الفلسطينيين، وأكّدت ضرورة البحث في كل المسائل العالقة بين الجانبين، وعلى رأسها الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وحل مشكلة اللاجئين. وقال مصدر إسرائيلي رفيع المستوى، مطّلع على المحادثات التي أجراها كيري، لصحيفة «هآرتس»، أمس، إن «وزير الخارجية لم يقدر بشكل جيد عمق الجمود في المسيرة السلمية والمواقف المتصلبة للجانبين». وأضاف متهكماً أن «كيري يظن أنه قادر على جلب الخلاص، وكأن النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين قائم فقط على مسألة الأرض. وهذا ليس صحيحاً».
وأشار المصدر الى أن إسرائيل أعربت لكيري عن معارضتها لاقتراحاته. وأضاف أنه «يوجد خلاف حول استئناف المفاوضات وكيفية إدارتها، وهذا ما قلناه لكيري». وقال «يوجد في هذا الشأن اتفاق بين كل الوزراء الذين يعملون في الموضوع الفلسطيني، بمن فيهم (وزيرة العدل والمسؤولة عن ملف المفاوضات) تسيبي لفني». ورأت «هآرتس» أن الخلافات في وجهات النظر بين تل أبيب والفلسطينيين حول شروط استئناف المفاوضات لا تزال كبيرة جداً، وتحديداً ما يتعلق بالحدود واللاجئين والاستيطان والترتيبات الأمنية، مشيرة الى أن «زيارة كيري تكشف أيضاً مدى عمق الخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة، إذ رغم الزيارة الناجحة للرئيس باراك أوباما لإسرائيل، عاد الحوار ما بين الجانبين أدراجه الى الوراء، والى الخلافات في الرأي كما ظهرت في عام 2009». وبحسب المصدر الاسرائيلي نفسه، فإن «اقتصار المفاوضات على الحدود والترتيبات الأمنية، يعني فقط تنازلاً من قبل إسرائيل، بينما لا تكاد تحصل في المقابل على شيء»، مشيراً الى أن تل أبيب ستوافق على بدء المفاوضات «في حال تقرر البحث في المواضيع التي يتعين فيها على الفلسطينيين أن يتنازلوا، كما هي حال حق العودة للاجئين، وإلا فليس لدينا أي أوراق للمساومة».
وشدد المصدر على أن تل أبيب تعارض بشدة أي بادرات حسن نية تطالب بها واشنطن، بناءً على خطة كيري، «كتحرير سجناء فلسطينيين أو تزويد أجهزة أمن السلطة بأسلحة، أو تمكين السلطة من إقامة مشاريع اقتصادية تتطلب نقل السيطرة على أراض في الضفة». وقال «نحن مستعدون للقيام بخطوات لبناء الثقة، لكن شرط ألا تمس بمصالحنا».
من جهتها، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية شاركت في الاجتماع الذي جمع كيري برئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو تأكيده على المواقف الاسرائيلية الرافضة، ولخص ردّ تل أبيب على خطة كيري بالقول: «مفاوضات نعم، لكن لا لبادرات حسن نية». ورغم تأكيد المصادر أن ليس لدى إسرائيل شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات، فإنّها أكّدت في المقابل أن «إسرائيل ستنظر في أي مطالب يتقدّم بها الفلسطينيون، كتجميد الاستيطان والافراج عن سجناء، لكن بعد أن تبدأ المفاوضات التي في إطارها سنطالبهم بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية».
ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن «المطالب التي تقدم بها الفلسطينيون تشير بوضوح الى أنهم يرفضون العودة الى طاولة المفاوضات. أما إذا قرروا استئنافها من دون شروط مسبقة، فلن يكون لدينا أي شروط مسبقة مقابلة، ولا حتى الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية».