تونس | للمرة الثانية، التقت الأحزاب السياسية الأساسية في تونس أمس على طاولة واحدة، حيث حذّر الرئيس المنصف المرزوقي من أن «طول الفترة الانتقالية أصبح يشكل أكبر خطر على الاستقرار» في البلاد. وفي أعقاب فشل مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل في لقائه الأول بعد رفض حركة النهضة وحزب المؤتمر الالتحاق بها اعتراضاً على وجود حركة نداء تونس، يمكن اعتبار مبادرة الرئيس المؤقت ناجحة، إذ التقت أحزاب الترويكا الثلاثة: النهضة والتكتل من أجل العمل والحريات، والمؤتمر من أجل الجمهورية، مع أحزاب المعارضة مثل نداء تونس، والمبادرة، والحزب الجمهوري وحزب التحالف الديموقراطي، على الطاولة نفسها.
الجلسة الأولى للحوار تمت بحضور الرئيس المرزوقي ورئيس الحكومة علي العريض، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، في غياب أحزاب أخرى، مثل حركة وفاء المنشقة عن حزب «المؤتمر». وإذا استثنينا الجبهة الشعبية الغائبة وحركة الشعب (ناصريون)، فإن بقية الأحزاب التي لم تشارك في الحوار ليس لها أي ثقل في الشارع التونسي.
وأكد المرزوقي، خلال افتتاحه لمؤتمر الحوار، على ضرورة التوافق على الحد الأدنى بين الأفرقاء السياسيين للخروج من حالة الاحتقان التي تعيشها البلاد. ودعا الى «الإسراع في التوافقات (السياسية) اللازمة لصياغة الدستور والقوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والتشريعية، لأن طول الفترة الانتقالية أصبح يشكل أكبر خطر على الاستقرار في تونس».
ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن الأمينة العامة للحزب الجمهوري، مية الجريبي، أنه «تم التوافق بين الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني حول ضرورة اختصار مدة المرحلة الانتقالية، وتنظيم انتخابات قبل نهاية 2013، وعلى الانتهاء من صياغة الدستور الجديد في أقرب الآجال، فضلاً عن العمل الجماعي للتصدى للعنف في البلاد».
في هذا الوقت، لم يتقدم مشروع العدالة الانتقالية، وتم تجميد مرسومي ١١٥ و١١٦ المنظمين للإعلام والاعتراض على هيئة القضاء العدلي والتلكّؤ في تأسيس الهيئة المستقلة للانتخابات، بعدما تم التخلي عن الهيئة الأولى التي نظمت الانتخابات السابقة.
أما المسار الذي أسقط الحكومة الأولى فلم يتغير، وهو ما يهدد الحكومة الثانية أيضاً بالسقوط في غياب التوافق حول موعد محدد للانتخابات، وحل رابطات حماية الثورة والتصدي لتهريب السلع والسلاح، والتسريع في تسوية ملف رجال الأعمال بعيداً عن الابتزاز الذي تتهم النهضة بممارسته.
الجدير ذكره أن مبادرة المرزوقي تأتي في وقت انحدرت فيه شعبيته بشكل غير مسبوق بسبب مواقفه من المعارضة ومن قطر وفضيحة تعاونه مع موقع الجزيرة. ولكن نجاحه في جمع الأفرقاء قد يعطيه دوراً في المستقبل القريب، في وقت يعتقد فيه كثيرون بأن المبادرة جاءت متأخرة، وأن الأهم كان تحيين مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل التي تعود الى الخريف الماضي.
في هذه الأثناء، تشير كل المعطيات إلى أن البلاد مقبلة على مواجهة مفتوحة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة بسبب تقرير أحداث ٤ كانون الأول الماضي، الذي أكد تورط مجموعة من عناصر «النهضة» و«رابطات حماية الثورة» التابعة لها، وهو ما رفض الوفد الحكومي المشارك في المفاوضات التصديق عليه. وأعلنت قيادة الاتحاد استعدادها للتصعيد وإعلان الإضراب العام.
الى ذلك، أعلنت جمعية القضاة الإضراب يومي ١٨ و١٩ نيسان الجاري، فيما أعلنت نقابة التعليم الثانوي الإضراب يوم ١٧الجاري. وأعلن المجلس القطاعي للتعليم العالي الإضراب يوم ٢٥ الجاري إلى جانب إضراب عام في محافظة زغوان (شمال) يوم ٢٦ من الشهر الجاري.
وحول القرض الاحتياطي المُرتقب بين صندوق النقد الدولي وتونس، أوضح مسؤول حكومي رفيع لوكالة رويترز أن «الاتفاق حصل بالفعل وسيعلن غداً.. لكن التوقيع الرسمي سيكون الشهر المقبل».