طيلة عامين على احتلالها من قبل تنظيم "داعش"، غابت الفلوجة عن المشهد الأمني والإعلامي تزامناً مع سقوط منطقة تلو الأخرى بيد "داعش"، إلا أن الأسبوعين الماضيين شهدا عودة الفلوجة، التي اعتبرت أول ولاية للتنظيم وخلافته المزعومة في العراق، إلى المشهد الأمني والإعلامي.البداية كانت بحديث إعلامي و"فايسبوكي" عن بوادر "انتفاضة شعبية" واشتباكات مسلّحة بين أهالي وأبناء العشائر مع عناصر "داعش". وقد أكدت قيادة العمليات المشتركة وخلية الإعلام الحربي (الجهة المخولة رسمياً الحديث عن تطورات المعارك) صحة المعلومات التي تحدثت عن اندلاع معارك بين أبناء العشائر و"داعش"، مشيرة إلى أن أبناء العشائر تمكنوا من السيطرة على أجزاء من حي نزال.
كشف أحد المصادر عن اتصالات أميركية مع قيادات عشائرية سبقت انطلاق العمليات

مصادر من داخل الفلوجة أشارت إلى أن الحديث الإعلامي والرسمي عن "انتفاضة الفلوجة" مبالغ فيه وجرت فبركته، مؤكدة أن هناك مناوشات واشتباكات محدودة تحدث بين الحين والآخر بين "ثوار شباب" وعناصر في "داعش".
وأطلقت القوات العراقية المشتركة، أمس، عملية عسكرية واسعة مباغتة لتحرير المناطق المحيطة بعامرية الفلوجة (المنطقة الخاضعة لسيطرة الحكومة) أدّت إلى تحرير وتطهير خمس قرى هي البو دعيح، والبو يوسف، والبو حاتم، والبو مناحين والبو هذال (وهي قرى تقع بين عامرية الفلوجة والفلوجة)، وسط أنباء مؤكدة عن تقدم القوات الأمنية ومقاتلي العشائر باتجاه الجسر الحديدي الشهير في الفلوجة.
مصدر سياسي مطلع من الفلوجة قال لـ"الأخبار" إن العملية التي أعلن عن انطلاقها، أمس، تهدف إلى تطويق مدينة الفلوجة بالكامل تمهيداً للاقتحام والتحرير، في ظل استمرار تراجع "داعش" إلى الخطوط الخلفية في مركز الفلوجة. وكشف المصدر عن استعدادات واتصالات أميركية مع قيادات عشائرية سبقت انطلاق العمليات، موضحاً أن الاتصالات الأميركية تركزت مع عشيرة البو عيسى، التي ينتمي إليها القيادي في "تحالف القوى" المطلوب للقضاء رافع العيساوي، تضمنت وعوداً أميركية بتوفير غطاء جوي "فاعل وساند" للمقاتلين على الأرض.
إلا أن قادة بعض العشائر يرفضون إشراك الفصائل والجماعات التي كانت سبباً في اجتياح "داعش" للأنبار، مؤكدين ضرورة الاعتماد على أبناء الأنبار أنفسهم في تحرير مناطقهم. الشيخ عاشور جلو، القيادي البارز في مجلس العشائر المتصدية للإرهاب، نفى وجود أي دور لتلك الفصائل، وأبرزها "حماس العراق"، في الفلوجة حالياً. وفي حديث إلى "الأخبار"، رفض أي تعاون مع رافع العيساوي أو علي حاتم السليمان، كونهما من أبرز من تسبّبوا في دخول "داعش" إلى مدن الأنبار. وكشف جلو عن وجود أكثر من 100 شاب "ثائر" داخل مدينة الفلوجة مستعدين لمواجهة "داعش" في المدينة.
وفي هذا السياق، رأى المحلل السياسي عبد العزيز العيساوي أن الإدارة الأميركية تسعى إلى تحقيق نصر سريع في مناطق محيط الفلوجة، بالاعتماد على مقاتلين محليين من دون إشراك "الحشد الشعبي". العيساوي أكد لـ"الأخبار" وجود تحركات أميركية فاعلة على الأرض في الأنبار، بالتواصل مع العشائر. وأشار العيساوي إلى أن واشنطن تسعى لتكوين ما يمكن تسميته "جيشاً عشائرياً صغيراً" يتولى قتال "داعش" وتطهير المناطق التي يحتلها ومسك الأرض بعد ذلك، لافتاً إلى أن أميركا بدأت منذ فترة بتزويد عشائر معينة بالسلاح والعتاد بعد اختبار ولائها.
في المقابل، أشار رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما اقتنعت، منذ فترة، بضرورة الاستعانة بالفصائل والجماعات المسلّحة التي واجهت القوات الأميركية في الفلوجة، ليتحوّل أعداء الأمس إلى أصدقاء اليوم، وعلى رأسهم "حماس العراق" التي تعتبر الجناح العسكري للحزب الإسلامي العراقي و"كتائب ثورة العشرين" وغيرهما. الشمري أرجع، في حديث إلى "الأخبار"، العمليات القتالية والحراك العسكري الذي شهدته الفلوجة، خلال الأيام القليلة الماضية، إلى التطورات التي شهدتها الأنبار، أخيراً، والتي تمثلت في تحرير مدينة الرمادي وصولاً إلى أقصى نقطة في المدينة، وهي جزيرة الخالدية والاستعدادات الجارية لتحرير بقية مناطق الأنبار الخاضعة لسيطرة "داعش"، وأبرزها مدينة هيت، مؤكداً أن منتصف العام الحالي سيدخل "داعش" مرحلته الأخيرة في الأنبار، وستكون بداية نهايته في مدينة الموصل.




قتلى وجرحى في تفجيرين استهدفا مسجداً في بغداد

قتل تسعة أشخاص على الأقل وأصيب حوالى 22 آخرين، أمس، في تفجيرين انتحاريين استهدفا مسجداً في حي الشعلة الواقع شمال غرب بغداد. وقال عقيد في الشرطة إن «انتحاريين يرتديان حزامين ناسفين فجرا نفسيهما أمام حسينية الرسول الأعظم في حي الشعلة، ما أدى الى مقتل تسعة أشخاص وإصابة نحو 22 آخرين». وأضاف أن «الانتحاري الأول فجر نفسه وسط المصلين، أثناء خروجهم من الحسينية»، مشيراً إلى أن "التفجير الثاني استهدف قوات الشرطة التي وصلت الى المكان لانقاذ المصابين ما ادى الى سقوط ضحايا في صفوفها».
وقد وقع هذان التفجيران في أحد معاقل "التيار الصدري"، عشية تظاهرة ينظمها الآلاف من أتباع التيار من مختلف المدن العراقية، صباح اليوم، تلبية لدعوة زعيمهم مقتدى الصدر، للمطالبة بـ «الإصلاح ومحاربة الفساد، ودعماً للقوات الأمنية والحشد الشعبي»، وذلك في ساحة التحرير وسط بغداد.
وبحسب ما أعلنه مكتب الصدر فإن التظاهرة ستستمر لنحو ساعتين (من الثامنة إلى العاشرة)، يلقي بعدها الصدر كلمة بين جموع المتظاهرين لم يُفصح عن مضامينها، ليتوجه بعدها إلى مدينة الصدر (شرقي بغداد)، المعقل الأبرز لتياره وأنصاره في العاصمة، حيث سيقيم صلاة الجمعة هناك.
(الأخبار، أ ف ب)