«لا يوجد خيار أمامنا سوى الانتصار... إن لم ننتصر فسوريا تنتهي... ولا أعتقد أن هذا الخيار مقبول بالنسبة إلى أي مواطن». بهذه العبارة أنهى الرئيس بشار الأسد مقابلته التلفزيونية أمس. بدا هادئاً ومطمئناً. وجّه رسائل في اتجاهات مختلفة داخلياً وخارجياً. استفاض في الكلام عن الدور الأردني في تسهيل دخول المقاتلين إلى سوريا، وحذّر الغرب من عواقب دعم الإرهاب التي ستنقلب عليه. وبقيت حصّة لرجب طيب أردوغان وحكومته صاحبة «صفر جيران، وصفر أخلاق». في الشأن الداخلي، رأى الأسد أنّ هناك خلطاً في ما يحصل بالنسبة إلى الحوار، الذي لا يحدث بين الدولة وطرف آخر، بل هو حوار بين كل مكونات المجتمع السوري، و«إذا أردنا أن نذهب إلى مؤتمر الحوار الوطني، من يدعى إلى المؤتمر، وعلى أي أساس وكيف يمثل؟ لا يوجد أي تصور، ولا نريد أن نبني هذا المؤتمر فقط على تصورات الدولة». ورأى الأسد أنّه «يمكن أن نتحاور مع أي جهة، مع من لم يتعامل مع إسرائيل سراً أو علناً وكل من لم يقبض الأموال من أجل أن يبيع الوطن». وأضاف: «أنت تفاوض نظراءك... فإذا كنت دولة فأنت تفاوض دولة. فالدولة لا تفاوض أشخاصاً، وإذا كنت حزباً تفاوض أحزاباً».
وتحدث الرئيس السوري عن «المعارضة المتذبذبة» التي «لا يمكن أن تكون وطنية إلا إذا كانت مستقرة. فنحن في الدولة منذ اليوم الأول للأزمة تحدثنا بلغة واحدة. قلنا نكافح الإرهاب. نرفض الهيمنة، وبنفس الوقت الأبواب مفتوحة للحوار. هناك قوى رفضت الحوار في البداية، ولاحقاً وافقت عليه. إذا كانت هي أخطأت فليتفضلوا ويقولوا نحن أخطأنا».
وقال إنّ «أيّ شيء يمكن أن يناقش. ولا توجد خطوط حمر سوى شيئين: استقلال سوريا والوقوف مع الإرهابيين».
في السياق، رأى الأسد أنّ كلّ من يحمل السلاح ويعتدي على المواطنين هو إرهابي، سواء كان ينتمي إلى القاعدة أو غيرها، ولو أنّ القاعدة هي الطاغية الآن تحت عنوان «جبهة النصرة».
الرئيس السوري رأى أنّ ما يحصل في بلاده هو حرب وليس أحداثاً أمنية، لافتاً إلى أنّ هناك قوة كبرى، وتحديداً القوى الغربية، بقيادة الولايات المتحدة تاريخياً لا تقبل بأن يكون هناك دول لها استقلاليتها حتى في أوروبا.
كذلك هناك دول إقليمية عربية وغير عربية كتركيا، بحسب الأسد، باعت واشترت الكثير. «وهناك العوامل الداخلية عبر مجموعة من المرتزقة التي تأخذ الأموال من الخارج مقابل أعمال تخريبية معينة، وهناك التكفيريون، وكلهم يقعون تحت مظلة فكرية واحدة. الحقيقة ما يحصل الآن أننا نواجه بشكل أساسي تلك القوى التكفيرية».
الرئيس السوري أكّد أنّ العامل الخارجي هو عامل أساسي في ما يحصل في بلاده منذ اليوم الأول، معتبراً أنّه «كلما حققنا نجاحات فسوف نشهد المزيد من التصعيد؛ لأن تلك القوى الخارجية لن تستسلم».
وحذّر الأسد من امتداد الحرب إلى الأردن، وقال: «الحريق لا يتوقف عند حدودنا، والكل يعلم أن الأردن معرّض كما هي سوريا معرّضة له».
وأضاف أنّ من غير الممكن أن نصدّق أن الآلاف يدخلون مع عتادهم إلى سوريا من الأردن في الوقت الذي كان الأردن قادراً على إيقاف أو إلقاء القبض على شخص واحد يحمل سلاحاً بسيطاً للمقاومة في فلسطين.
وقال إنّه «وصلنا الكثير من هذه المعلومات بشكل رسمي، وكلها تصب في نفس الاتجاه. قمنا مباشرة بإرسال مبعوث سياسي من وزارة الخارجية بشكل غير معلن إلى الأردن منذ أقل من شهرين لكي يطرح هذه المعطيات مع المسؤولين في الأردن ويحذر من أن مخاطر ما يحصل لن تمس سوريا فقط. طبعاً سمع كل ما من شأنه أن ينفي هذه المعطيات، ثم حصل التصعيد في درعا. ورأينا أن الآلاف من الإرهابيين مع سلاحهم وذخائرهم يأتون من الأردن، فقمنا بإرسال مسؤول أمني منذ نحو الشهر أو أقل بقليل أيضاً والتقى مع نظرائه الأمنيين في الأردن وشرح لهم المعطيات الموجودة لدينا وأيضاً سمع نفياً كاملاً من قبلهم حول تورط الأردن بكل ما يحصل... هذا غير منطقي، لنفترض أولاً بأنه لا توجد معسكرات، لكن ما هو مدقق ومؤكد ومن اعترافات الإرهابيين ومن مشاهدتنا هو قدومهم من خلال الحدود الأردنية... نتمنى أن يتعلموا من الدروس التي تعلمناها من مرحلة الإخوان المسلمين. نتمنى منهم أن يتعلموا مما تعلمه المسؤولون العراقيون الذين يعون تماماً أهمية الاستقرار في سوريا».
وفي السياق، قال وزير الدولة الأردني للإعلام محمد المومني، أمس، إن الولايات المتحدة سترسل 200 جندي إلى الأردن حيث «سيصلون خلال الأسابيع القليلة المقبلة... لزيادة مستوى الاستعداد والقدرات الدفاعية للمملكة، في ضوء التدهور المستمر في الوضع السوري». وقالت مصادر في البنتاغون إن «المجموعة العسكرية ستتضمن اختصاصيين في الاتصالات والاستخبارات».
وتابع الأسد: «بالنسبة إلى أردوغان. طبعاً هو مستعد أن يقدم كل بلده مقابل نفسه
ولكن بالنسبة إلى الأكراد في سوريا... فهم جزء طبيعي وأساسي من النسيج السوري. معظم الأكراد هم وطنيون سوريون، ولكن دائماً في أي مجتمع هناك أشخاص انتهازيون يسعون إلى استخدام عناوين معينة من أجل مصالحهم الشخصية».
وتابع: «هناك هدفان للحكومة التركية، هدف خارجي وهو سوريا، عبر إحراجنا بالنسبة إلى الموضوع الكردي. وهدف داخلي، فبعد الخسائر التي مني بها سياسياً داخل تركيا على خلفية فشله بما سمي سياسة صفر مشاكل، التي تحولت إلى صفر سياسة وصفر رؤية وصفر أصدقاء وصفر صدقية وصفر أخلاق. فخسر الكثير حتى من الموالين له، فكان لا بدّ من الاستعانة بالموضوع الكردي من أجل الاستفادة من الكتلة الكردية الكبيرة في تركيا بهدف الحصول على أصوات ربما في الدستور المقبل الذي يفكر من خلاله أن يكون رئيساً للجمهورية بصلاحيات واسعة. لذلك نحن نهتم بهذا الموضوع لأن ما يحصل في أي بلد مجاور سيؤثر فينا سلباً أو إيجاباً، ولكن من دون أن نكون قلقين. عدا أنه لا توجد صدقية لأردوغان في مثل هذا الموضوع تجاه الأكراد، وهذا ما وردنا أخيراً من القوى الكردية الصديقة التي تعمل على الساحة التركية والسورية... بأنهم لا يثقون بأردوغان».
(الأخبار)