كشف الرئيس السوري بشار الأسد، في مقابلته مع الإخبارية السورية الفضائية، أنّ دمشق أوفدت، منذ أقل من شهر، موفداً أمنياً إلى عمان لعرض معطيات معلوماتية لديها، تفيد بأنّ الأردن يضطلع بدور عملاني في تهديد الأمن القومي السوري. وحصلت «الأخبار» من مصادر مطلعة على المعطى الأبرز من بين هذه المعلومات التي تجمعت لدى سوريا، والتي قصدها الأسد في مقابلته.
وبحسب هذه المصادر، فإنه خلال الشهر الماضي، وصلت إلى دمشق عبر قنوات موثوق بها معلومات تؤكد حصول اجتماع في عمان ضمّ ممثلين عن أربعة أجهزة استخبارية: الأردن والولايات المتحدة الأميركية وقطر وإسرائيل. والجدير ذكره أنّ معلومة الاجتماع المذكور موثّقة لدى دمشق من خلال وثيقة مسرّبة من أحد أجهزة هذه الدول.
وتكشف الوثيقة المذكورة أنّ اللقاء جرى في عمان، وكان موضوعه الأساسي التباحث في إنشاء قوة خاصة من عناصر سوريين وغربيين وأردنيين، هدفها تنفيذ عملية شل ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية والسيطرة عليها. ويظهر مضمون هذه الوثيقة أنّ النقاشات التي سادت الاجتماع، جرت على النحو التالي:
كان لافتاً ما ذكرته الوثيقة من أنّ الدوحة «أقنعت» إسرائيل بضرورة السير بفكرة الإعداد لعمل عسكري ينهي تهديد الترسانة الكيميائية السورية. وتقول الوثيقة إنّ إسرائيل وافقت على أن تكون جزءاً من هذه الخطة، ما يوحي بأنّ نقاشاً كان قد جرى على أصل الفكرة، موضوع الاجتماع.
ومن ناحية ثانية، تكشف الوثيقة أنّ الاجتماع أفضى إلى الاتفاق بين أجهزة الاستخبارات الأربعة على التالي:
أ_ انشاء معسكر في الاردن لتدريب القوة الخاصة التي ستنفذ عملية السيطرة أو استئصال الترسانات الكيميائية السورية.
ب_ تتولى الولايات المتحدة الأميركية الاشراف على تدريب الفرقة الخاصة.
ج_ يتألف عناصر هذه القوة من أردنيين وأميركيين، وعلى نحو أساسي من عناصر سوريين انشقّوا عن الجيش السوري ويقيمون في الأردن.
كذلك تحدد الوثيقة دور إسرائيل ضمن هذه الخطة، بأنّه ينحصر في مهمة تأمين المعلومات الاستخبارية عن أماكن وجود الترسانة الكيميائية السورية، وذلك ضمن نطاقيِ الاستعلام الاستراتيجي عنها، عبر استخدام تقنيات تجسّسية مختلفة، منها التجسس الفضائي، والاستخبار الجاري حولها، لغرض توفير معلومات مستديمة ومتتابعة ترصد حصول أيّة تغييرات تحدث على مواقعها كنتيجة محتملة لقيام النظام السوري بتبديل مواقعها، أو إضافة تعزيزات ‘لى حمايتها، إلخ...
وبحسب هذه المصادر، عينها، فإنّ دمشق لا تنظر إلى خطوة الولايات المتحدة الأميركية الأخيرة، بإرسال ٢٠٠ جندي أميركي إلى الأردن، خارج نطاق معلومة اجتماع عمان الآنف، كما ترى أنّ الكلام الأميركي عن نشر صواريخ باتريوت على حدود الأردن مع سوريا هو عملية تأتي ضمن احتساب ردّ الفعل السوري على أيّ عمل عسكري خارجي ضدها ينطلق من الأردن. وتربط المصادر، عينها، بين تحذير الرئيس الأسد خلال مقابلته الأخيرة مع «الاخبارية»، من أن النار السورية قد لا تظلّ محصورة في داخلها، وتوقّع تصعيد عسكري خارجي ضدها على خلفية الأسلحة الكيميائية.
وترسم هذه المصادر مجموعة سيناريوهات متوقعة انطلاقاً مما تقدمه وثيقة اجتماع الأردن بين أجهزة استخبارات الدول الأربع، من معلومات مؤكدة:
أولها، أن يلجأ طرف استخباري خارجي إلى افتعال عملية تفجير كيميائي، يصار بعده إلى اتهام النظام بها، ما يبرر تنفيذ خطة اجتماع الأردن.
ثانيها، رفع الوتيرة الاعلامية والدبلوماسية المحذرة من أن الترسانات الكيميائية السورية، مهددة بالسقوط بأيدي «جبهة النصرة وعناصر تابعين للقاعدة، ما يبرّر تنفيذ عملية السيطرة عليها من قبل القوة الخاصة الموجودة الآن في أحد معسكرات التدريب الأردنية».
وفي كل الأحوال، تحذّر هذه المصادر من سيناريو اليوم التالي الذي سيعقب تنفيذ عملية القوة الخاصة في سوريا. وتستعيد هذه المصادر ما يشاع في الأروقة الأمنية التابعة للدول المتداخلة في الأزمة السورية من أنّ دمشق كانت قد حذّرت عبر قنوات دبلوماسية عدة، من أن ردّها على أي هجوم عسكري خارجي عليها يشتمل على مفاجآت مدمرة، ليس أقلها أنّ هناك ٧٠٠ صاروخ ستكون جاهزة، وكردّ فعل مباشر وأولي، للانطلاق نحو الجهة الأكثر إيلاماً للغرب.