قامت الولايات المتحدة بخطوة جديدة على صعيد دعمها للمعارضة السورية بإعلانها في ختام اجتماع «مجموعة أصدقاء الشعب السوري» في اسطنبول، زيادة مساعداتها المباشرة والتجهيزات العسكرية الدفاعية، من دون أن تشمل هذه المساعدات الأسلحة التي يطالب بها المعارضون بإلحاح.
وفي ختام اجتماع على مستوى وزاري استمر أكثر من ست ساعات، وضم أحد عشر وزيراً من مجموعة «الأصدقاء»، أوضح وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنّ قيمة المساعدة الأميركية التي ستقدم إلى المعارضة أصبحت 250 مليون دولار. وقال كيري «إننا نمر اليوم في وقت دقيق، وهذا ما قادنا إلى هنا». وأضاف «إن المخاطر في سوريا واضحة جداً: خطر استخدام أسلحة كيميائية، وقتل الشعب بصواريخ بالستية واستخدام أسلحة دمار شامل أخرى (...)، وخطر الوصول إلى عنف طائفي». وأضاف «هذا العنف الآن بدأ يعبر الحدود ويهدد الدول المجاورة»، متابعاً «حمام الدم هذا يجب أن يتوقف».
ولم يعط كيري تفاصيل عن طبيعة المعدات الجديدة التي ستسلم إلى المعارضين السوريين، لكنه أوضح أنها «ستتخطى الوجبات الغذائية العسكرية والأدوات الطبية لتتضمن أنواعاً أخرى من التجهيزات غير القاتلة».
وقد أوضح كيري، في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع رئيس «الائتلاف» أحمد معاذ الخطيب ونظيره التركي أحمد داود أوغلو، أنّ المجتمعين تعهدوا بأن تتم كل مساعدة للمعارضة المسلحة عبر القيادة العسكرية العليا للجيش السوري الحر بقيادة سليم ادريس. ورأى كيري أنّ المعارضة قدمت «وثيقة مهمة (...) تمثل رؤيتها لمستقبل سوريا».
وبين الأمور التي تلتزم بها المعارضة في هذه الوثيقة، بحسب كيري، «قيام سوريا تعددية تتمتع فيها كل أقلية بحقوقها وتشارك في خيارات المستقبل». كما التزمت بـ«رفض الإرهاب والتطرف وألا تستخدم الأسلحة الكيميائية، وعدم حصول أي أعمال انتقامية ضد أي طائفة، وعدم وصول الأسلحة إلى الجهات الخطأ، وأولوية الحل السياسي».
وقال الخطيب، من جهته، «نحن ملتزمون بالحفاظ على هذا البلد بلداً موحداً ذا استقلال كامل، قراره السيادي ينبع من أبنائه». كما طالب روسيا بـ«أن تتخذ دوراً إيجابياً تجاه الأزمة السورية، والمشاركة في رفع هذا العناء الذي يعيشه الشعب السوري». كما دعا «ألا تتورط إيران أكثر مما تورطت، وأن تسحب خبراءها وضباطها وأن توعز إلى حزب الله بسحب مقاتليه تجنيباً لجرّ المنطقة إلى معركة أكبر سيكون الخاسر الأكبر فيها هذه الجهات»، بحسب قوله.
وإزاء عدم حصول تقدم في مجال التسليح النوعي، شدّد «الائتلاف» على وجوب «صياغة والتزام تحالف للدول المقتدرة من مجموعة أصدقاء الشعب السوري لتنفيذ إجراءات محددة وفورية لتعطيل قدرة الأسد على استخدام الأسلحة الكيماوية والصواريخ البالستية من خلال ضربات جراحية للمواقع التي ثبت إطلاق صواريخ منها عن طريق طائرات من دون طيار». كما طالب، بحسب ما أوضح في بيان، بـ«العمل على فرض حظر طيران وحماية على الحدود الشمالية والجنوبية لضمان عودة وسلامة اللاجئين السوريين».
وجدّد «أصدقاء المعارضة»، بحسب وثيقة أخرى صدرت عن الاجتماع، بحسب ما أعلن كيري، تأييدهم للجلوس على طاولة التفاوض لحل الأزمة السورية، في إطار اتفاقات جنيف. وتقول الوثيقة «إذا رفض النظام السوري هذه الفرصة، فسنعلن زيادة مساعدتنا» للمعارضة.
وقد بحث وزيرا الخارجية الروسي والأميركي سيرغي لافروف وجون كيري في اتصال هاتفي الوضع في سوريا، كما أفادت وزارة الخارجية الروسية، أمس. وذكرت الوزارة أنّ المحادثة الهاتفية أجريت بدعوة من الجانب الأميركي بعد مشاركة كيري في اجتماع إسطنبول.
في السياق، أعلن وزير الخارجية الألماني، غيدو فسترفيلي، أنّ ألمانيا مستعدة لدرس رفع حظر الاتحاد الأوروبي على الأسلحة إلى المعارضة السورية إذا قدمت دول أوروبية أخرى طلباً بهذا المعنى. وأعرب الوزير، بعد الاجتماع، عن استعداده لدرس «تسليم مقاتلي المعارضة سترات واقية من الرصاص». لكنه أشار إلى أنّ هذا الدعم لمقاتلي المعارضة يجب أن يمرّ عبر هيئاتها التمثيلية لأن الدعم الغربي لها يريد تعزيز «القوى الديموقراطية»، لا المجموعات الأكثر تطرفاً.
وأعلن الوزير الألماني أن المساعدة التي تقدمها بلاده للمعارضة ستزيد بـ 15 مليون يورو، ليصل مبلغها الإجمالي إلى 145 مليون يورو.
بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، إنّ الاتحاد الأوروبي سيناقش خلال الأسابيع المقبلة مسألة تخفيف حظر السلاح الذي يمنع توريد أسلحة إلى مقاتلي المعارضة السورية. ورأى، خلال الاجتماع في اسطنبول، أنّ «هذه مناقشة علينا أن نجريها في الاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع الستة المقبلة. نحن وفرنسا قلنا إنّه ستكون هناك حجة قوية لرفع الحظر... تعديل الحظر». وأضاف إنّ المعارضة قدمت أوضح التزام حتى الآن خلال الاجتماع بشأن العمل نحو التوصل إلى حلّ ديموقراطي في سوريا وإدانة التطرف.
في موازاة ذلك، قال رئيس «هيئة الأركان المشتركة في الجيش السوري الحر»، سليم إدريس، إنّ القوة وحدها هي التي ستنهي الصراع في سوريا، مستبعداً احتمال إجراء أيّ مفاوضات مع الحكومة السورية، غير التفاوض على رحيلها.
في سياق آخر، أكّد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، علاء الدين بروجردي، دعم بلاده لسوريا «لمواجهة السياسات الأميركية والدول التي تنفذها». وكان بروجردي قد وصل يوم الجمعة إلى دمشق على رأس وفد برلماني وبدأ لقاءات مع المسؤولين السوريين. ورأى «أن المتآمرين على سوريا فشلوا في كل ما يخططون له وينفذونه». وأكد أنّ هدف الزيارة هو «دعم سوريا المقاومة في مواجهة الكيان الصهيوني ومحور الاستكبار العالمي ودعم العلاقات المتميزة بين سوريا وإيران».
والتقى بروجردي، أمس، وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وجدّد بعد الاجتماع «انتقاد الدول العربية والغربية التي تقدم الدعم للمجموعات الإرهابية المسلحة». وعبّر عن اقتناعه بأن «مستقبل سوريا رهن بإرادة شعبها، وبأنّ السوريين قيادة وحكومة وشعباً صامدون أمام المؤامرات الأميركية وسيخرجون من الأزمة الراهنة أقوى وأشد بفضل وعيهم الوطني والتفافهم حول قيادتهم الحكيمة». ورأى المعلم، من جهته، أنّ بلاده «تعمل على مواصلة تعزيز وتفعيل العلاقات الاقتصادية وتبادلاتها التجارية والاستثمارات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في كل المجالات». وشدّد على «تمسك السوريين بالوحدة الوطنية، وعلى رفضهم كل أشكال التدخل الخارجي ونبذ التفرقة بين شرائح المجتمع السوري، بعيداً عن الارتهان الخارجي، سواء كان أجنبيا أو عربياً».
إلى ذلك، نفى مدير المكتب الإعلامي في «الائتلاف» المعارض، خالد صالح، في حديث إلى قناة «روسيا اليوم»، أنباء بشأن تجديد رئيس «الائتلاف» أحمد معاذ الخطيب استقالته. وقال صالح إن «الخطيب استقال قبل أسابيع، وهذه الاستقالة قدمت للهيئة العامة للائتلاف التي تملك الصلاحية في بت الاستقالة». وأكد صالح أنه «ليس هناك أي مستجدات بخصوص هذا الموضوع».
وكان عضو «الائتلاف»، مروان حاجو، فد أفاد وكالة «فرانس برس» بأنّ الخطيب «جدّد تقديم استقالته»، كردّ على عدم تحرك المجتمع الدولي إزاء الأزمة السورية. وأوضح حاجو أن الخطيب أبلغ «الائتلاف» باستقالته على هامش اجتماع «مجموعة أصدقاء سوريا» السبت. وذكر أن الخطيب سيبقى عضواً في الائتلاف بصفته «ممثلاً عن المجلس المحلي لدمشق»، ما يؤكد، برأيه، أنّ الاستقالة «ليست مبنية على خلاف مع الائتلاف، بل هي ردة فعل على غياب الدعم».
في سياق آخر، قرّر مجلس الوزراء الأردني، أمس، توجيه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي كي يتحمل أعباء استمرار تدفق آلاف اللاجئين السوريين إلى المملكة وما يشكله ذلك من «تهديد للأمن الوطني الأردني»، حسبما أفاد مصدر رسمي أردني. وقالت وكالة الأنباء الأردنية إنّّ «مندوب الأردن الدائم لدى الأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد سيقوم بتقديم هذه الرسالة التي تعرض التداعيات الجسيمة المترتبة على استضافة الأردن للأعداد المتزايدة من اللاجئين السوريين».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)