القاهرة | في محاولة منه لاحتواء غضب القضاة الذين أعلنوا عقدهم اجتماعاً طارئاً للجمعية العمومية في مقر نادي القضاة غداً الأربعاء، التقى الرئيس محمد مرسي، في قصر الاتحادية أمس مع مجلس القضاء الأعلى بكامل تشكيلته لمناقشة الأزمة التي أثارتها مسألة مشروع تعديل قانون السلطة القضائية ومعرفة مطالب القضاة. وفي الوقت نفسه، التقى قادة جبهة الإنقاذ الوطني، في اجتماع طارئ أمس في مقر حزب المصريين الأحرار، لمناقشة سبل التصدي للهجمة الجارية على استقلال المؤسسة القضائية، وأعلنت عقب اللقاء رفضها للقانون الذي يحاول الإخوان إمراره عبر مجلس الشورى، داعية الى الاحتشاد والتظاهر أمام مقر المجلس أثناء انعقاد جلسته العامة المنوطة بها مناقشة مشروع القانون.
وأدت الأزمة المشتعلة منذ الثلاثاء الماضي إلى استقالة وزير العدل أحمد مكي، وذلك في اليوم نفسه الذي أرسل فيه نادي قضاة مصر، برئاسة المستشار أحمد الزند، إنذاراً إلى مجلس الشورى بشكل رسمي بعدم نظر قانون السلطة القضائية الذي تصر جماعة الإخوان على إقراره.
وقال في بيان: «ننذركم بضرورة اعتبار اقتراح مشروع قانون السلطة القضائية كأنه لم يكن، وعدم عرضه على المجلس أو أي من لجانه النوعية، وأخصها اللجنة التشريعية، وإصدار بيان يؤكد ذلك»، وقابل ذلك رئيس مجلس الشورى أحمد فهمي، بالرفض.
وجاءت هذه الأزمة لتكون سبباً جديداً في اتساع الفجوة بين الأحزاب الإسلامية والمدنية، التي لم تقف بدورها مكتوفة الأيدي «المدنية» تجاه هذه الأزمة، حيث أعلن حزب المؤتمر، برئاسة عمرو موسى، دعمه واحترامه للمؤسسة القضائية المصرية بوصفها الركن الركين لدولة القانون الذي لا يستقيم من دونه بناء الدولة، محذّراً من محاولة افتعال صدام بين السلطات أو «تغوّل» سلطة على أخرى تحت مسمى التطهير أو محاولات الحشد لتبرير إجراءات استثنائية لا مبرر لها إلا فرض الهيمنة على القضاء، وتعيد إلى الأذهان تاريخاً مؤسفاً من التعرض للقضاء والقضاة. واضاف «المؤتمر» أن «الحزب يعرب عن أسفه لما لجأ إليه البعض من الخوض في سمعة شخوص القضاء ومحاولة تشويهها على شاشات الإعلام».
وأدان «كافة محاولات استثارة الرأي العام ضد مؤسسة وطنية لها الدور الرئيسي في حماية القانون والنظام العام».
أما حزب التجمع، فقد دعا قوى المجتمع المدني إلى الاحتشاد أمام دار القضاء العالي خلال اجتماع الجمعية العمومية الطارئة لنادي القضاة غداً الأربعاء في تظاهرة تحمل عنوان «معاً ضد أخونة القضاء»، وذلك لإعلان رفضهم «للمخطط الإخواني الهادف إلى السيطرة على مفاصل السلطة في مصر والساعي نحو ترتيب أدوات تزوير الانتخابات البرلمانية المقبلة».
كذلك أعلن نواب المعارضة من التيار المدني استياءهم من القانون، بينما أبدى نواب عن حزب الحرية والعدالة تأييدهم له، وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى القيادي في جبهة الإنقاذ، إيهاب الخراط، إن نواب المعارضة في المجلس يعتزمون تقديم مشروع قانون للسلطة القضائية، بديل لمشروع تقدمت به الهيئة البرلمانية لحزب الوسط.
وقال الخراط فى تصريحات لـ«الأخبار» إن المشروع الذي سيتقدمون به يتضمن تثبيت سن تقاعد القضاة عند سن الـ70 عاماً، إضافة إلى نقل تبعية التفتيش القضائي من وزير العدل إلى مجلس القضاء الأعلى، وتمكين مجلس القضاء الأعلى من محاسبة المخطئين من القضاة بآليات جديدة، مشدداً على ضرورة تطوير آليات محاسبة القضاة الذين تورطوا في أشياء مثل تزوير الانتخابات، وإن هناك آليات معروفة في العالم أجمع تحقق هذا الغرض من دون الانتقاص من استقلال القضاء. وشنّ الخراط هجوماً على مشروع القانون المُقدّم من الهيئة البرلمانية لحزب الوسط، قائلاً إن «هذا القانون لا صلة له بما تحتاجه السلطة القضائية من تطوير». وانتقد اقتراح خفض سن تقاعد القضاة إلى 60 عاماً، مشيراً إلى أن أساتذة الجامعات المتفرغين والمستشارين في كل المجالات ليس لهم سن للتقاعد، وبالتالي فمن الأولى أن يكون القضاة كذلك، قائلاً: «القضاة ليسوا موظفي دولة ولا سائقي أوتوبيس».
وقال إن الهدف من هذا القانون ليس تطوير القضاء، بل الهدف هو التخلص من شيوخ القضاة ظناً منهم أن شباب القضاة سيتعاطفون مع السلطة الحاكمة.
في غضون ذلك، رأى رئيس الهيئة البرلمانية لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية في مصر، صفوت عبد الغني، أن القانون المطروح ليس هو الحل، مؤكداً أنه يؤيد تعديل القانون بما يحفظ استقلالية القضاء وهيبته.
من جانبه، قال وكيل لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى، عضو الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة، عز الدين الكومي، إن الحزب يؤيد مشروع القانون لما تحتاجه السلطة القضائية من إصلاح، مشيراً إلى أن اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة تدرس مشروع القانون لمعرفة نقاط القوة.
وتعليقاً على الاتهامات التي توجه إلى حزب الحرية والعدالة بالسعي إلى أخونة القضاء، قال: «أتحدى أن نجد سفيراً أو قاضياً أو ضابط شرطة من الإخوان، فجميعنا يعرف كيف كان يُستبعَد الإخوان من تلك المناصب».