رسالة دعم من نوع آخر، وجّهها الأوروبيون إلى المعارضة السورية أمس. رفع الحظر عن قطاع النفط السوري بدل الحظر على الأسلحة. القرار «المعقّد» تنفيذه هاجمته موسكو بشدة، فيما كان «الائتلاف» المعارض الذي ينتظر منه الغرب المزيد من التوحّد والسيطرة على المتطرفين يعيّن جورج صبرا موقتاً رئيساً له، ليحلّ مكان أحمد معاذ الخطيب المستقيل.
واتفقت حكومات الاتحاد الأوروبي على تخفيف العقوبات على سوريا حتى يتسنى شراء النفط الخام من المعارضة على أمل توفير دعم مالي للمقاتلين المعارضين. وقرّر وزراء خارجية الاتحاد المجتمعون في لوكسمبورغ رفعاً جزئياً للحظر النفطي على سوريا المطبق منذ شهر أيلول 2011.
ورأى الوزراء أنّ من «الضروري إدخال استثناءات» على العقوبات من أجل «مساعدة المدنيين السوريين، وللاستجابة خصوصاً للمشاكل الانسانية (...) واستعادة نشاط اقتصادي طبيعي». وبذلك، فإنّ الاتحاد الأوروبي سيرفع القيود على مبيعات المعدات النفطية وعلى الاستثمارات في هذا القطاع، شرط ألا يستفيد منها النظام السوري.
وسيكون على الشركات المهتمة بتوريد الخام أو بالاستثمار أن تطلب ترخيصاً من حكوماتها التي تحاول الحصول على ضمانات من تحالف المعارضة. فالأوروبيون قلقون من حقيقة السيطرة على حقول النفط الأهم من مختلف الحركات المتمردة. وقال مسؤول أوروبي «يجب عدم توقّع أن تكون للإجراءات الجديدة آثار سريعة»، مقرّاً بأن تطبيقها أمر «معقد».
وقال وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، «من الضروري لنا أن نبعث برسالة بأننا مستعدون للمساعدة بطرق أخرى... بكل السبل الممكنة، بما فيها السبل التي تضيف إلى التمويل (الخاص بالمعارضة)». بدوره، أعلن وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيلليه، تأييد بلاده رفع حظر الاتحاد الأوروبي على شراء النفط من المعارضة، مع الإبقاء على حظر توريد الأسلحة بشكل مباشر. وقال إنّ «تخفيف الحظر (على شراء النفط) سيسمح بحدوث تحسن اقتصادي للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة». من جهة أخرى، أشار إلى أنّ برلين لا تؤيد العرض البريطاني والفرنسي لرفع حظر توريد السلاح بشكل مباشر للمقاتلين المعارضين، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن بلاده لن تستعمل حق النقض في مسألة توريد السلاح، في حال توصلت الدول الاوروبية إلى توافق في هذا الصدد. وأضاف «نريد المساعدة في إعادة الاعمار الاقتصادي» للمناطق التي تقول المعارضة إنها تسيطر عليها «حتى يشعر الأهالي بأنه يوجد بديل حقيقي لنظام الأسد».
في المقابل، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إنّ قرار الاتحاد الأوروبي هو خطوة غير بناءة ومخالفة للقانون الدولي. وأعلن أنّه «ننطلق من وجود حكومة سورية شرعية، وأنه لم تجر انتخابات بعد. لذلك، فمثل هذه الأفعال أحادية الجانب، ويناقض أساسها مبادئ القانون الدولي ومفاهيمنا العامة التي تم التوصل إليها في اتفاق جنيف بأنه يجب العمل على نهج الحوار السوري_السوري».
في سياق آخر، أعلن الرئيس بشار الأسد ترحيب الحكومة السورية واستعدادها للتعاون مع إيران في المجال البرلماني، مؤكداً أهمية البرلمانات في الدفاع عن الشعوب التي تمثلها. جاء ذلك خلال لقائه وفد مجلس الشورى الإيراني برئاسة رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية علاء الدين بروجوردي. وأفادت وكالة «سانا» السورية بأن «المحادثات كانت بناءة حيث عرض الوفد الإيراني مجموعة من الأفكار والمقترحات البرلمانية التي تصب في خدمة دول المنطقة ومصالحها، وعلى رأسها سوريا.
بدوره، أعرب بروجوردي عن اعتقاد إيران أنّ «أفضل خيار هو استمرار الرئيس بشار الأسد في مقام رئاسة الجمهورية الى صيف 2014». وأضاف «بعدها ستكون ثمة انتخابات حرّة ليقول الشعب السوري كلمته حول تقرير مصيره». ورأى أنّ «بعض الدول التي تقع في الجوار السوري تعمل على تشديد الاختلافات والأزمة في سوريا».
إلى ذلك، أعلنت جامعة الدول العربية أنّها تؤيد دعوة قيادات وكالات الأمم المتحدة إلى «الإسراع لإيجاد حلّ سياسي للأزمة في سوريا لإنقاذ الشعب السوري»، داعيةً إلى «العمل من أجل تجنيب المنطقة بأسرها مخاطر عدم الاستقرار والفوضى».
من ناحية أخرى، كُلّف رئيس «المجلس الوطني السوري» جورج صبرا بمهمات رئيس موقت لائتلاف المعارضة إلى حين انتخاب رئيس جديد، غداة تأكيد أحمد معاذ الخطيب استقالته، بحسب بيان للمجلس. ومن المقرر أن تجرى الانتخابات المقبلة لاختيار رئيس للائتلاف لولاية تستمر ستة أشهر، في العاشر من أيار المقبل و11 منه.
ميدانياً، أقدم مسلحون في المعارضة السورية على خطف متروبوليت حلب والإسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران بولس اليازجي، ومعه متروبوليت حلب لطائفة السريان الأرثوذكس المطران يوحنا إبراهيم في حلب. وفي تفاصيل روتها مصادر متابعة لـ«الأخبار» أن المطران اليازجي كان في الجانب التركي من أبرشيته، وقد ذهب المطران يوحنا إبراهيم لاصطحابه، وفي طريق عودتهما الى حلب أوقفتهما مجموعة مسلحة قبل وصولهما الى المدينة وقتلت السائق وخطفت المطرانين».
وأكدت المصادر أن «بطريركية الروم الأرثوذكس التي تبلغت مساء أمس خبر خطف المطرانين، ستصدر بيانها اليوم في حال لم يتم إطلاق سراحهما». وأشارت إلى «اتصالات تُجرى على أعلى مستوى، خصوصاً من قبل المسيحيين في المعارضة السورية، تطلب بأن يتم الإفراج عن المطرانين في أقصى سرعة، تجنباً للتداعيات الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن هذا الأمر». وقد طلبت البطريركية عدم إطلاق أي موقف من لبنان، بانتظار ما ستؤول إليه الأمور». وأكدت المصادر أنه «في حال لم يتمّ إطلاق سراح المطرانين اليوم، فسيكون هناك حراك كبير»، لأن «ما حصل يعدّ تحولاً كبيراً في مسار الثورة، وعلى المعارضة السورية والغرب إعادة النظر من جديد في كل ما يحصل، ولا سيما في ظل ما تتركه هذه الثورة من مضاعفات سلبية وخطيرة على المسيحيين في سوريا».
وفي السياق، قال نشطاء من المعارضة السورية إن مقاتلي المعارضة صدوا تقدماً لقوات الحكومة قرب طريق سريع استراتيجي في شمال سوريا. ويصارع الجانبان من أجل السيطرة على طريق سريع يعد الطريق الرئيسي المؤدي إلى حلب أكبر المدن السورية، بعدما كسرت قوات الجيش حصاراً لمقاتلي المعارضة دام ستة شهور لقاعدتين قرب الطريق. ويسعى مقاتلو المعارضة إلى استعادة الحصار على القاعدتين المتمركزتين خارج بلدة معرة النعمان في محافظة إدلب، لأن تقدم الحكومة قد يخل بميزان القوى في قلب الشمال الواقع تحت سيطرة المعارضة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)