في تقريره أمام مجلس الأمن الدولي، اعتبر المبعوث الدولي الى سوريا الأخضر الابراهيمي أن القتال في سوريا زاد ميدانياً، ما تسبب بوقوع الكثير من الضحايا والدمار. وأشار الى أنه «في الأسابيع الماضية، تم التركيز بشكل كبير على قتال جبهة النصرة في سوريا، بعدما أعلنت جبهة النصرة أنها جزء من القاعدة، وحيث أوردت صحيفة «فايننشال تايمز» تقريراً أشارت فيه الى أن جبهة النصرة تمثل 10% من الجهات المقاتلة، وهناك حديث كبير عن أن مقاتلين أجانب من عرب وغربيين يقاتلون إلى جانب كل من المعارضة والنظام في سوريا»، موضحاً أنه «منذ 4 أشهر، مصادر موثوق بها قريبة من النظام السوري أبلغته أن عدد المقاتلين الأجانب في صفوف المعارضة كان بضع مئات، وأن عديد مقاتلي جبهة النصرة يصل إلى قرابة 5 آلاف، أما اليوم، فقد أبلغه مصدر آخر بأن المقاتلين الأجانب وصلوا إلى نحو 40 ألفاً». وأكد الإبراهيمي أن هناك أيضاً «أجانب يقاتلون إلى جانب الحكومة السورية، وهو ما أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ومتحدثون رسميون في إيران». وذكر أن «التقديرات تشير الى أن لحزب الله آلاف المقاتلين في سوريا، إضافة إلى مستشارين يساعدون النظام في إدارة ميليشيا اسمها «جيش الشعب» تعمل للدعم أو للتعويض عن عصابات الشبيحة».
ورأى الإبراهيمي أن «النقاش تحوّل في الأيام الأخيرة من التوقعات بتوقيت سقوط النظام السوري الى الحديث عن أن المعارضة المسلحة تتراجع»، متخوّفاً من أن «النقاش قد يتحوّل اليوم الى دور القاعدة، وكيف من الممكن أن يؤثر دورها على الخطوات التي ستتخذ من قبل المجتمع الدولي». وأضاف «من المؤكد أن تداعيات الأزمة السورية على المنطقة تكبر، وأن ملامح حرب بالوكالة تبدو أكثر وضوحاً، ولكن يبقى الصراع في الأساس حرب أهلية عنيفة بين السوريين»، مشيراً الى أن «مراقبة الأبعاد الطائفية للنزاع هي أهم من التدخل الأجنبي في القتال». وقال المبعوث العربي والدولي: «خيار الجهات السورية المتنازعة لم يتغير ولن يتغير»، سائلاً «هل سيكون ذلك مميتاً وله نتائج مدمرة حتى النهاية لأن كل جهة مقتنعة بأن النصر المؤكد هو نصيبها، أم أن هذه الجهات ستقتنع بأنه لا حل عسكرياً للأزمة وأن المهم هو الحل السياسي والحوار؟». وحمّل الإبراهيمي كل الجهات المتنازعة داخل سوريا وفي جامعة الدول العربية ومجلس الأمن مسؤولية عدم العمل على التوصل إلى عملية سياسية تؤدي إلى حل سلمي، مشيراً إلى أن قرار جامعة الدول العربية الأخير في الدوحة يعني أن مسار جنيف أهمل، وأن عقد حوار أو مفاوضات أمر غير ممكن أو ضروري. وأضاف متسائلاً «أليس مجلس الأمن هو الجهة المخولة بالتدخل عندما يكون الأمن والسلام الدوليان في خطر؟ وأين هما من الخطر في سوريا اليوم؟».
وأضاف الإبراهيمي: «المشكلة صعبة والنظام غير مستعد للإصغاء، كما أن المعارضة غير موحدة حول قيادة متجانسة وبرنامج سياسي بنّاء. ومع ازدياد التدخل الإقليمي والدولي في سوريا، فإن المزيد من التصعيد أمر لا يمكن تجنبه»، معتبراً في سياق متصل أن «مطلب المعارضة بتنحي الأسد مشروع تماماً، لكن تحقيق هذه الأهداف يتطلب عملية سياسية»، داعياً الى «تطوير مبادرة رئيس الائتلاف الوطني للمعارضة السورية السابق أحمد معاذ الخطيب بدلاً من تجاهلها». ورأى أنه «في البيئة الكئيبة في سوريا، يجب أن نجد بعض الإشارات الإيجابية، كقبول الائتلاف الوطني السوري بالحوار، تحت بعض الشروط، بالإضافة الى أن الحكومة السورية قبلت أن تلتقي بجهات معارضة من الخارج وأن يجرى الحوار في دمشق».
واعتذر من الشعب السوري لأنه «فعل القليل جداً لهم خلال الأشهر الثمانية الماضية، ولأن جهوده للأسف العميق لم تثمر سوى القليل جداً لأن جهود وقف العنف وتحقيق السلم لم تنجح حتى الآن»، على حد تعبيره. وذكّر أن هناك «عشرات آلاف المعتقلين والمحتجزين في السجون الرسمية والسجون السرية، والذين يتعرضون للعنف والاضطهاد وسوء المعاملة»، داعياً إلى إطلاق سراحهم بأسرع وقت ممكن. وقال: «يجب أن لا ننسى أن أغلب السوريين يعيشون في خوف دائم من أن يتعرضوا للقصف في منازلهم أو في مكان عملهم أو في الحي الذي يقطنون فيه، أو الخوف من الاعتقال أو من أن يعتقل أطفالهم، فكل السوريين يعيشون في حالة رعب من الكارثة التي تنتظرهم». وتوجه بالشكر لكل من قدم المساعدة للسوريين المحتاجين، وكل الجهات المانحة. ورأى أنه «يجب أن نتعلم من الجهود الماضية لحل الأزمة السورية شيئاً نستفيد منه في المستقبل، والجميع يعي أن هذه الأزمة كان يمكن أن تحل في بداياتها، عندما كان بعض الأطفال يرسمون على الجدران في درعا، ويقال إن الأسد نُصح بأن يذهب الى درعا ويعتذر من أهالي الضحايا وأن يقيل الحكومة وكل من كان مسؤولاً عن تلك الوحشية والقيام بعدد من الإصلاحات والحرص على تطبيقها، لكن ذلك لم يحدث أساساً. وفي مقابلته التلفزيونية منذ يومين، لمّح الرئيس السوري بشار الأسد الى أنه «كان محقاً بعدم تطبيق تلك النصيحة!».
وأشار الإبراهيمي الى أن «الجامعة العربية حاولت أن تساعد، وجهودها أدت الى إرسال المراقب الفريق الدابي، وكانت مهمته تنجز بكل مسؤولية لكنه لم يلقَ تجاوباً صحيحاً من الجهات المختلفة»، ثم لفت الى مهمة المبعوث الدولي الى سوريا السابق كوفي أنان والصعوبات التي واجهها، بالإضافة الى مبادرة الخطيب وبيان جنيف.