لم تشفع الحماسة الزائدة حول التدخل العسكري في ليبيا للمساعدة في انهاء نظام العقيد معمر القذافي بعد انتفاضة 17 شباط 2011، لفرنسا بأن تكون بمنأى عن الخطر، فقد تحولت سفارتها في طرابلس أمس إلى هدف لسيارة مفخخة أدى انفجارها الى اصابة اثنين من الحراس الفرنسيين بجراح أحدهما في حالة الخطر. وجاء الاعتداء الذي وصفه وزير الخارجية الليبي، محمد عبد العزيز، «بالعمل الارهابي ضد دولة شقيقة وقفت مع ليبيا طيلة الثورة»، في أجواء من غياب الأمن وفي أوضاع اقليمية يطغى عليها الوضع في مالي، حيث تدخّل الجيش الفرنسي ضد إسلاميين متشددين. وقال عبد العزيز «نأسف ونتضامن مع الحكومة الفرنسية والشعب الفرنسي ونحس بالأسى والحزن»، معلناً عن تشكيل لجنة فرنسية ليبية للتحقيق في ملابسات الهجوم.
واعلن مسؤول الأمن في العاصمة الليبية، محمود الشريف، أن «الانفجار الذي وقع صباحاً نجم عن سيارة مفخخة كانت مركونة امام بوابة السفارة».
واكد مصدر في السفارة الفرنسية إصابة حارسين بجراح احدهما في حالة الخطر بينما اصابة الثاني طفيفة. وأشارت وكالة الأنباء الليبية الى اصابة فتاة تسكن في الجوار بجراح. وقال جمال عمر، أحد السكان المقيمين بالقرب من السفارة والذي اصيب بجروح طفيفة في الوجه، ان السيارة اوقفت على الارجح بضع دقائق قبل وقوع الانفجار. وأضاف عمر «كنت أكنس امام بيتي ولم تكن هناك سيارة امام السفارة. ووقع الانفجار بعد اقل من خمس دقائق على دخولي الى المنزل». واشار عمر الى انه «قد يكون شخص او اكثر قاموا بركن السيارة امام البوابة وقاموا بالتفجير»، معتبراً أن «الأمر ليس هجوماً انتحارياً».
وتعرض المبنى الذي يضم مكاتب السفارة، الواقعة في فيلا من طابقين عند زاوية شارع في حي قرقارش السكني، لأضرار كبيرة وتهدم قسم من جدار السور المحيط به، بينما تفحمت سيارتان كانتا مركونتين امام السفارة نتيجة الانفجار.
وقال احد الجيران، الذين هرعوا الى المكان، «لقد سمعنا دويا قويا عند الساعة 07,00. انه خطأ جسيم ان يكون مقر السفارة الفرنسية في حينا».
وفي باريس، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي شاركت قوات بلاده في العملية العسكرية الدولية ضد نظام القذافي، انه ينتظر من ليبيا «كشف كل ملابسات» هجوم طرابلس، فيما توجه وزير الخارجية لوران فابيوس، الى ليبيا أمس. وقال فابيوس ان نيابة باريس فتحت تحقيقاً بالحادث وارسلت «مجموعة التدخل التابعة للدرك الوطني، الى المكان لتعزيز الاجراءت الامنية في كل المنطقة». وأعلن تجميد نشاطات المركز الثقافي الفرنسي و«المدرسة الصغيرة». وتابع فابيوس ان «هذا الاعتداء كان يمكن ان يتحول الى مذبحة حقيقية. حدث الامر بفارق دقائق. لو كان الموظفون هناك لحدثت فاجعة مروعة».
ورأى فابيوس ان «الاعتداء خطط له ليقتل لكن فرنسا لن ترضخ»، مؤكدا انه «اعتداء لا يستهدف فرنسا وحدها بل كل الدول التي تكافح المجموعات الارهابية». وعقد فابيوس في وقت لاحق أمس مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع رئيس المؤتمر الوطني الليبي العام في طرابلس تحدث فيه عن الاجراءات التي تم اتخاذها لمتابعة الموضوع. ومنذ ثورة 2011، تشهد ليبيا انعداما في الامن خصوصا في منطقة بنغازي (شرق) التي شهدت هجمات واغتيالات دفعت الغربيين الى مغادرة المدينة. وادى اعتداء على القنصلية الاميركية في بنغازي في 2012 الى مقتل السفير وثلاثة أميركيين آخرين.
ويأتي الاعتداء الذي وصفته السلطات الليبية بأنه «عمل ارهابي» وسط تزايد انعدام الامن في ليبيا حيث تفرض الميليشيات قانونها وفي وضع اقليمي متوتر بسبب النزاع في مالي حيث تدخل الجيش الفرنسي ضد الاسلاميين المتطرفين.
(أ ف ب)