القاهرة - وسط تكتم شديد حول مضمونها، انتهت زيارة وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل للقاهرة أول من أمس، بعدما التقى رئيس الجمهورية محمد مرسي، ووزير الدفاع المصري الفريق عبدالفتاح السيسي، وقادة الجيش. وأتت هذه الزيارة عشية قيام المسؤول الأميركي مع القادة الإماراتيين في أبو ظبي بوضع اللمسات الأخيرة على صفقة تسلح كبيرة يرى فيها البلدان رسالة قوية ضد إيران. وكعادة مثل تلك اللقاءات، لم يخرج عن الجانب المصري سوى تصريحات مقتضبة يتحدث معظمها عن موضوعات عامة لم تتطرق إلى تفاصيل ما جرى.
فالبيان الرسمي الصادر عن مؤسسة الرئاسة أشار إلى أن اللقاء تناول «العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين وسبل تطويرها، وخصوصاً في مجال التعاون العسكري، وبما يحقق مصالحهما المشتركة على أساس من الاحترام المتبادل».
ولفت البيان إلى أن اللقاء ناقش عدداً من الملفات في منطقة الشرق الأوسط، من بينها «الأزمة السورية»، وأن الرئيس مرسي «حذر من خطورة استمرار الحرب الأهلية الدائرة التي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين، ما ينذر بتفكك الدولة».
وشدد على أهمية «السعي الجدي لإيقاف نزيف الدم السوري، ومنع التقسيم الطائفي والحفاظ على وحدة الأراضي السورية».
وقال البيان الرئاسي إن اللقاء تطرق أيضاً إلى الموقف الراهن من جهود استئناف التسوية السلمية في الشرق الأوسط والدور المصري والأميركي فيها، وأهمية احترام الأطراف المعنية لالتزاماتها الدولية، بما يهيّئ الظروف الملائمة للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة تحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
أما عن البيان الصادر عن وزارة الدفاع المصرية، الذي تناول اللقاء الذي جمع بين هاغل ووزير الدفاع المصري وقادة الجيش، فجاء أكثر غموضاً واقتضاباً، وجاء فيه أن السيسي هنّأ نظيره الأميركي «على توليه المنصب وثقة الحكومة والكونغرس الأميركي فيه»، مشدداً على عمق العلاقات العسكرية وتبادل الخبرات بين البلدين. ونقل البيان عن هاغل «تقديره واعتزازه بالقوات المسلحة المصرية ودورها التاريخي والمتجرد في حماية الشعب المصري»، وأن وزير الدفاع الأميركي أعرب عن سعادته بالمستوى الاحترافي للقوات المسلحة المصرية. وأشار البيان إلى تأكيد هاغل «تدعيم وتعزيز أوجه التعاون بين القوات المسلحة المصرية والأميركية من أجل تحقيق الأمن والسلام في الشرق الأوسط».
وأمام مجموعة من الصحافيين، حسبما ذكرت وكالة رويترز، قال هاغل أول من أمس «أردت أن أتوقف في مصر.. لأعيد تأكيد الالتزام الأميركي بدعم الديموقراطية الناشئة في مصر وتشجيع الاصلاحات الديموقراطية والاقتصادية التي تحدث هنا». وأضاف أن «هذا بلد كبير وبلد مهم. إنهم يبدأون السير في المسار الصحيح.. الكرامة الانسانية والحرية والأعراف الديموقراطية والحوكمة».
وذهب المحلل العسكري لصحيفة «التحرير» المصرية طارق الحريري إلى القول إنه لا يستبعد أن تكون الزيارة لها علاقة مباشرة بطبيعة المعونات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة الأميركية لمصر. ولفت إلى أن اللقاء جاء للاطمئنان على الوضع الأمني في شبه جزيرة سيناء وخطورة ذلك على الحليف الأقرب لأميركا في المنطقة إسرائيل، مستبعداً أن تكون هناك علاقة مباشرة بين زيارة الرئيس مرسي الأخيرة لروسيا، ولقاء هاغل في القاهرة، بل هي «زيارة شملت مجموعة من الدول بينها إسرائيل والأردن والإمارات ومصر ومرتّب لها قبل زيارة مرسي لروسيا»، معرباً في الوقت نفسه عن القلق الأميركي من أن تحصل مصر على أسلحة من روسيا، رغم أن هذا الموضوع لم يطرح رسمياً ولا حتى عن طريق تسريبات إعلامية.
وانتقد الحريري إخفاء المعلومات والتفاصيل عن تلك الزيارات المهمة، مطالباً بأن تكون هناك شفافية من قبل أجهزة الدولة ما دام الأمر لا يتعلق بالأمن القومي ولا يمثل تهديداً، وخاصة أن المسؤولين الغربيين عادة ما يذكرون تفاصيل ما يدور في تلك الاجتماعات.
وتقدم الولايات المتحدة مساعدات، معظمها عسكري، لمصر سنوياً بقيمه 1.5 مليار دولار منذ توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل في 1979.
وتسلمت مصر في كانون الثاني الماضي أربع مقاتلات «أف 16» من أصل 20 تعهدت الولايات المتحدة الأميركية بتسليمها الى القاهرة في وقت لاحق العام الجاري، بينما يعارض بعض الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي تسليم مصر تلك المقاتلات.
في وقت لاحق (أ ف ب، رويترز)، التقى هاغل أمس ولي عهد الامارات نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد آل نهيان، في أبو ظبي، حيث وضع مع المسؤولين الإماراتيين اللمسات الأخيرة على صفقة تسلح ضخمة تبيع واشنطن بموجبها الامارات 26 مقاتلة من طراز «أف 16» وصواريخ أرض_جو، بقيمة خمسة مليارات دولار.
وقال مسؤول أميركي رافق هاغل في زيارته، إن هذه الصفقة التي تشمل أيضاً تدريب طيارين إماراتيين وتأمين قطع غيار للطائرات «تؤكد أن الولايات المتحدة ليست ذاهبة الى أي مكان، وهي ملتزمة تماماً بأمن سائر حلفائنا الإقليميين».