القاهرة | التعديل الوزاري المشروط أو المحدود بالحكومة المصرية الجديدة، التي سيظل هشام قنديل رئيساً لها، دخل نفقاً مظلماً بعد إعلان الأحزاب المدنية جميعها رفضها المشاركة فيها، بالإضافة إلى أحزاب النور السلفي، والوسط، ذي التوجه الإسلامي، ومصر القوية الذي يترأسه عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي الخاسر، والقيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين.
وكشفت مصادر سياسية ورئاسية مطلعة أن التعديل الوزاري قد يشمل 9 وزارات، أبرزها الزراعة والبترول والعدل والسياحة والثقافة والشؤون النيابية والاستثمار، وما بين «12 إلى 15 محافظاً»، ليس منها المحافظات الحدودية والتي تسيطر عليها ألوية من القوات المسلحة. وأوضح وزير التنمية المحلية محمد علي بشر، في تصريحات صحافية أمس أن المفاوضات لا تزال قائمة بين الأحزاب المختلفة، للتوافق على ترشيحات لتولي الحقائب الوزارية أو مقاعد المحافظين، موضحاً أنه لا مانع من تدخل الحكومة لإجراء حوار وطني بنّاء للأخذ بترشيحات الأحزاب في الاعتبار في حال توافقها.

ويؤكد التشكيل المقبل للحكومة أنه سيكون من أهل وعشيرة الرئيس وحدهم مثلما هو الحال داخل مؤسسة الرئاسة من معاوني ومستشاري الرئيس. وهو ما يجدد الاتهامات للرئيس بالسعي إلى أخونة الدولة وتزوير انتخابات مجلس النواب المقبلة، بعد سيطرتهم على شؤون المحافظات المختلفة.
وقال حزب النور، في بيان، إن التغيير الوزاري المحدود لا يُعتبر حلاً للأزمة، ولن يضيف جديداً. وأكد حزب مصر القوية، برئاسة أبو الفتوح، أنه تلقى اتصالاً من رئاسة الجمهورية بخصوص تقديم الحزب ترشيحات لبعض الوزارات للتعديل الحكومي المرتقب، مبدياً في بيان أصدره، مساء الأربعاء، استغرابه الشديد لاقتصار التغيير على بعض الوزارات، في حين أن مطالبته وكل القوى السياسية والوطنية كانت منصبة على اختيار رئيس جديد للوزراء بدلاً من قنديل.
وأكد الحزب «قلقه البالغ» من عدم اشتمال التغيير على القائمين بملفات الأمن والاقتصاد رغم تردي الأوضاع التي يعيشها المواطن المصري حالياً.
بدوره، انتقد القيادي في حزب الوفد وجبهة الانقاذ، ياسر حسان، في تصريحات لـ«الأخبار»، إصرار الرئيس على بقاء قنديل رئيساً للحكومة الجديدة، «على الرغم من الفشل الذي أثبته في إدارة البلاد طيلة توليه المنصب منذ تموز الماضي»، مشيراً إلى أن تغيير عدد من الوزارات خطوة لا تدعو للتفاؤل.
وانتقد تغيير وزراء واستبدالهم بجدد من دون تحديد أسباب إقالة الحاليين، أو أسباب تولي الجدد هذه المناصب، واصفاً التغيير المنتظر بأنه محاولة للالتفاف على مطالب الشارع المصري. وأكد أن حركة تغيير المحافظين تهدف لزيادة تمكين الإخوان والسيطرة على مؤسسات الدولة، التي يستعين فيها بأهله وعشيرته.
حسان يحسم موقف جبهة الانقاذ من هذه التغييرات سواء على مستوى الحكومة أو المحافظين، قائلاً إن «الجبهة ترفض تماماً المشاركة في هذه التغييرات، ولديها تحفظات عليها جميعاً»، مشيراً إلى أن استبدال المحافظين الحاليين بجدد منتمين للجماعة أو موالين لها، يهدف إلى تزوير انتخابات مجلس النواب المقبلة لصالح الإخوان، بعد فقدان الشارع للثقة فيهم بنسبة كبيرة.
إلى هذا لا تزال أزمة القضاة مشتعلة، وفي محاولة منه لإنهاء الجدل والصراع القائم بين السلطة التشريعية «ممثلة في مجلس الشورى» والقضائية، يعقد الرئيس المصري محمد مرسي، خلال أيام قليلة لقاءً مع القضاة للاستماع إلى مطالبهم وآرائهم حول القانون الجديد للسلطة القضائية، والذي أثار جدلاً بسبب مطالبته بخفض سن القضاة إلى 60 عاما بدلاً من 70.
وفي خطوة لتخفيف الاحتقان الراهن بينهم، قدم نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، عصام العريان، عبر «فايسبوك»، البراهين التي تؤكد ضرورة إصدار قانون السلطة القضائية، الآن وليس في ما بعد، تحت عنوان «سؤال وجواب عن السلطة القضائية». وأكد العريان أن كل «القضاة والمهتمين»، أجمعوا على أن البلاد تحتاج إلى قانون شامل جديد للسلطة القضائية.
وبشأن الجدال الدائر حول عدم دستورية إصدار مجلس الشورى الحالي لمثل هذا القانون، قال العريان إن مجلس الشورى بنص المادة 230 من الدستور يملك سلطة التشريع كاملة، اقتراحاً وتعديلاً وصياغة وإصداراً في حالة اعتراض رئيس الجمهورية بنسبة خاصة عند اﻻعتراض، وبأغلبية اﻷصوات بصفة عامة.
العريان يشرح أيضاً الفرق بين اصلاح القضاء وتطهيره، موضحاً أن إصلاح القضاء يكون بإصدار أو تعديل القوانين المنظمة للسلطة القضائية، أو عبر إجراءات يتخذها وزير العدل وفقاً لاختصاصاته القانونية. وﻻ يملك أحد عزل قاض وﻻ إملاء حكم عليه وﻻ التأثير على قراراته أو أحكامه، مشيراً إلى أن تطهير القضاء مصطلح بغيض مكروه ﻷن معناه بتر الفاسدين من القضاة من الهيئة تماماً وقد يؤدي إلى سجنهم إذا ثبت عدم صلاحيتهم للقضاء، او إدانتهم في قضايا مثل الرشوة أو القتل أو غيرها.