إقبال الأسعد (20 عاماً) ابنة قرية مغار الخيط في محافظة صفد الفلسطينية القريبة جداً من الجنوب اللبناني، التي لجأت عائلتها في زمن النكبة الى منطقة البقاع في لبنان، حيث عمل جدها وأولاده في الزراعة، وتمكنوا من بناء منزل احتضن تقريباً جميع أفراد العائلة الكبيرة المؤلفة من نحو 15 فرداً، تستعد اليوم للسفر الى الولايات المتحدة لمتابعة دراسة الطب _ تخصص أطفال.
عن سبب انتهائها السريع من دراسة الطب العام وهي في عمر قد تكون فيه بنات جيلها في بداية الدراسة الجامعية، توضح إقبال لـ«الأخبار» أن «سبب تجاوزي صفوف الدراسة يعود إلى والدي بعد أن لاحظ عليّ التفوق في عمر مبكر، أي حين كنت لا أزال في صف الروضة. وحين دخلت المدرسة الابتدائية بدأ والدي، بالاتفاق مع مدير مدرستي في برالياس (البقاع) الأستاذ محمد عمر عراجي، بمساعدتي على تجاوز كل صفين بصف واحد. لذلك درست الصف الثاني، والرابع، والسادس، والتاسع، والعاشر والبكالوريا. وأنهيت مدرستي بعمر 12 سنة. وكان لا بد من الحصول على استثناء للتمكن من المشاركة في امتحانات البكالوريا الرسمية، وتم ذلك بمساعدة من الوزير السابق عبد الرحيم مراد، الذي آمن بموهبتي ودعمني».
وفي ما يخص رحلتها نحو قطر، تقول إقبال: «ولما أنهيت الثانوية، دعاني وزير التربية آنذاك خالد قباني، وكرمني ووعدني بتأمين منحة دراسية. واستطاع الحصول على منحة من الشيخة موزة، ودرست في قطر الطب العام»، حيث تتخرج الشهر المقبل.
وعن دور الأهل وموقفهم من سفر فتاة صغيرة للدراسة خارج لبنان، أوضحت الأسعد أن أهلها وقفوا الى جانبها وتمكنوا من التناوب على مرافقتها ومساعدتها في دولة قطر، حتى أنهت الطب العام، مضيفة «أهلي حتى الآن لا يزالون يدعمونني، فالفضل الأول لربنا والثاني للوالد (محمود الأسعد). ولا أظن أن الكثيرين من الأهل يعطون اهتماماً لأولادهم مثل أهلي. هناك أطفال أذكياء كُثر، لكنهم يفتقدون أهلاً يدعمونهم ويكتشفون فيهم المواهب والذكاء».
وتتحدث إقبال عن اختيارها لاختصاص الطب قائلة: «منذ كنت صغيرة وأنا أطمح إلى أن أصبح دكتورة، وهذا الشيء كان خياري أنا. لقد قررت أن أصبح طبيبة أطفال. لذلك، سأسافر في شهر حزيران الى الولايات المتحدة لأكمل دراسة الاختصاص هناك في كليفلاند كلينيك في ولاية أوهايو».
عن مصاريف الدراسة والإقامة في أميركا تقول الأسعد إن المستشفى الجامعي الذي ستعمل فيه هناك سيؤمن لها مدخولاً يغطي تكاليف إقامتها ودراستها، «أما في قطر فقد كانت المنحة كاملة شملت كل المصاريف، ولم يفرضوا عليّ أي شروط لقاء ذلك». تضيف إقبال باللهجة الفلسطينية «بالنسبة لشعوري كوني أصغر طبيبة، أكيد شي حلو ومثير للاستغراب، بس هالشي عن جد بيعنيلي وبيفرحني إنو أنا أقدر استغل هالوضع لصالح الناس المحتاجة. وهدفي الأساسي إنو ساعد كل إنسان بحاجة لمساعدة، وكرمال هيك أنا اخترت مهنة الطب».
تصر أصغر طالبة طب في العالم على خدمة قضيتها المركزية فلسطين، وأهلها، قائلة «أطمح في المستقبل إلى أن أعود طبيبة متخصصة وأخدم شعبي الفلسطيني وكل إنسان محتاج لمساعدتي، كما أطمح إلى أن أؤسس عيادتي لأهالي المخيمات».
وإذ تصرّ على توجيه شكرها الى كل من آزرها ودعمها، تطمح الأسعد إلى أن تلعب الدور نفسه في المستقبل لتساعد «كل طالب طموح وطالب علم لديه إيمان بقضيتنا. أنا واثقة بأن هناك كثيرين من أبناء فلسطين أذكياء لم تتوافر لهم الفرص ليتابعوا دراستهم». وهي لا شك على حق.