«وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً»، تلك الآيه القرآنية لا تتصدر موقعاً إلكترونياً تابعاً لأي من الحركات الإسلاميه، بل على العكس تتصدر الصفحة الرسميه لحملة «تمرد»، التي دشنت قبل أيام كأداة جديدة كما يبدو في يد المعارضة.
تسعى الحملة إلى أن تستعيد مجدداً زخم حملات جمع التوقيعات في محاولة لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. الحملة تستهدف جمع توقيعات تتجاوز ١٥ مليوناً بحلول نهاية حزيران والدعوة إلى احتجاج ضخم أمام قصر الاتحادية، وهو ما يبدو حسن شاهين، عضو اللجنة المركزيه في حركة كفاية والعضو المؤسس في حملة «تمرد» متفائلاً حيال إنجازه.
«تمرّد» دشنها شباب من نشطاء حركة «كفاية»، التي تعد اعلى صوت ارتفع في مواجهة الرئيس المخلوع حسني مبارك، وتبدو وكأنما تستلهم خبرة جمع التوقيعات من الجمعية الوطنيه للتغيير في العام ٢٠١٠ قبل اندلاع الثورة بأقل من سنة.
وجه الشبه هذا لا ينكره حسن شاهين، بل يشدد عليها، قائلاً إن الاختلاف الأساسي يكمن في ان الحملة الجديدة تدعو لانتخابات رئاسية مبكرة، بعكس الجمعية الوطنيه للتغيير التي يرى أنها كانت تدعو إلى ثورة تطيح النظام السابق.
لكن وجه الشبه يبدو أكبر، فكما ان الجمعية الوطنية للتغيير لم تكن الا تجمعاً فضفاضاً عابراً للانتماءات السياسية، وهو ما أثمر نحو مليون توقيع على بيان «معاً سنغيّر» في أقل من سبعة أشهر، وفقاً لما تقول الجمعية، تبدو «تمرد» على نفس المنوال، إذ قال شاهين لـ«الأخبار» إن مؤسسي الحملة سرعان ما تجاوزوا انتماءهم إلى «كفاية»، وصولاً إلى توافق عام بينهم على ضرورة استقلال الحملة عن كل القوى السياسيه مع فتح الطريق أمام استدعاء التضامن من كل تلك القوى، وبدا انها بدأت بالفعل في حصد هذا التضامن مع اعلان «التيار الشعبي» تضامنه مع الحملة.
في المقابل، ثمة اختلاف بارز بين الحملتين يكمن في التفاف الجمعية للتغيير حول محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذريه، ومؤسس حزب الدستور لاحقا بعد الثورة، بعكس «تمرد» التي يصطف فيها الشباب، كما يبدو، دون قيادة تاريخيه.
الا أن المفارقة الأكبر تكمن في أن الجمعية الوطنيه للتغيير استندت في الأساس في قدرتها التنظيميه إلى حصد التوقيعات على قدرات جماعة الاخوان المسلمين، التي كانت تمثل قطباً رئيسياً في المعارضة وقتها، واعداد عضويتها الغفيرة قياسا إلى باقي القوى التي انضمت للجمعية.
وتبزغ اليوم الحملة في مواجهة الجماعة نفسها، ودون الاستناد إلى اي قوة بنفس الحجم أو القدرات التنظيميه، لكن شاهين يعتقد ان التسييس الكبير الذي لحق بالشعب المصري بعد الثورة وحده يكفي في هذا السياق، «كون الشعب متمرداً بالفعل ويحتاج فقط لمن يشير له إلى الطريق».
ويرى ايمن عبد الغني، وهو عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين، ان الحملة تتجاوز الأطر الدستوريه للمعارضة، «فالأمر تجاوز الشرعية التي منحها صندوق الانتخابات للرئيس مرسي، وبخلاف ذلك يبدو الهدف هو استمرار حالة الفوضى وعدم الاستقرار لأطول فترة ممكنة عى نحو يحرم الرئيس من اي إنجازات»، حسبما قال لـ«الأخبار». وفي حين رد على سؤال حول رد فعل الجماعة قائلاً ان الجميع يحق له الاحتجاج والمعارضة، الا انه لم ينف تماماً احتمال تظاهر أعضائها في نفس اليوم (٣٠ حزيران) تأييداً للرئيس في المقابل، «فلكل حادث حديث ولا يزال الأمر مبكرا على كل حال»، حسبما أضاف.