تونس | لم تتوقف التظاهرات السلمية في الشوارع التونسية منذ الاثنين الماضي تضامناً مع سوريا، بعد تعرضها للقصف الإسرائيلي، فيما كان «كبش المحرقة» العلم القطري الذي نال نصيبه من الحرق.
فليست المرة الأولى التي تنشط فيها الحركة الاحتجاجية في تونس على خلفية ما يدور في بلاد الشام من تضامن مع دمشق بعد قصفها من قبل القوات الجوية الاسرائيلية. فالتعاطف الكبير الذي تحظى به سوريا حكومة وشعباً في الشارع انطلق منذ أن أعلن الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي قطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفير السوري وإغلاق سفارة بلاده.
لكن بعد القصف الإسرائيلي الذي استهدف سوريا الاسبوع الماضي، انطلق التونسيون في تظاهرات تضامن واحتجاج في العاصمة وأكثر من مدينة وقرية تونسية، حيث تم إحراق العلم الإسرائيلي والقطري.
ويعتبر النشطاء التونسيون اليوم أن إمارة قطر هي «وكيل» الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل في المنطقة العربية، وهي التي تدعم حركات الإسلام السياسي وتقف راء تخريب سوريا وتونس وليبيا ومصر.
وتأتي هذه التظاهرات في مناخات مأساوية تعيشها تونس منذ بدء توجه بعض شبابها الاسلامي الى سوريا للقتال مع المعارضة المُسلّحة، حيث حمّلت المنظمات الحقوقية وعائلات هؤلاء الشبان مسؤولية هذا النزيف لحركة النهضة التي يتهمونها بالوقوف وراء ترحيل الشباب الى سوريا عبر ليبيا وتركيا.
والأنكى من ذلك تلك الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعات التي باتت تُسمى شبكة «صناعة الموت»، بسبب ما تزرعه من أفكار «جهادية» في عقول الشباب، بينما يُحكى عن تورط قياديين في حركة النهضة المسيطرة على الائتلاف الحاكم، وبتمويل من قطر، في تجنيد هؤلاء الشبان، حسبما كشف حقوقيون وجمعيات مدنية.
وبدا أن هذا الاحتقان تفاقم بعد العدوان على سوريا، إذ رأت الأحزاب التونسية أن هذا الهجوم الذي استهدف مواقع عسكرية في دمشق هو حلقة جديدة من حلقات نشر الخراب تحت مسمى «الربيع العربي» الذي تموله قطر وتمثله «النهضة» في تونس للقضاء على الدولة السورية وتفتيتها خدمة للبرامج الإسرائيلية، في انتظار الوصول الى الجزائر.
وقد أجمع المحتجون الذين خرجوا الى الشوارع منذ الاثنين على رفع شعارات معادية لإمارة قطر ولحركة النهضة وللولايات المتحدة ولإسرائيل.
وبسبب هذا الضغط الشعبي في الشارع اضطرت رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس الوطني التأسيسي ووزارة الخارجية الى إصدار بيانات تنديد بالعدوان، لكن هذه البيانات كانت «بلا طعم»، إذ يدرك التونسيون أن النظام الجديد، وخاصة الرئيس المؤقت والحكومة التي تقودها «النهضة»، ضالع في العدوان على سوريا، إذ كانت تونس أول دولة عربية تقطع العلاقات مع سوريا وتطرد السفير وتستضيف مؤتمر «أصدقاء سوريا»، ما دفع وشجع آلاف الشبان التونسيين الى الهجرة الى سوريا بتشجيع وتأطير من جمعيات على علاقة بأطراف في الحكم، ليكون بذلك عدد التونسيين قد وصل الى ٤٠ في المئة من العدد الإجمالي للمقاتلين الأجانب في سوريا.
ويبدو أن ملف سوريا سيكون حاسماً في قياس شعبية الحكام الجدد. فإلى جانب فشلهم في التنمية وإدارة الحكم، اختارت حركة النهضة مع حليفها الرئيس المرزوقي، التورط في معركة سوريا، وهو ما سبب تنامي الاحتقان الشعبي ضدهما.
فشبان الأحياء الشعبية التي تمثل فيها «النهضة» القوة السياسية الأولى عادة كانوا هم حطب المعارك في سوريا، لذلك تنامى غضب العائلات ضد الحكام الجدد الذين يعتبر التونسيون اليوم جزءاً كبيراً منهم متورطين بشكل مباشر في الحرب السورية.
ورغم مساعي المرزوقي و«النهضة» للتخفيف من «ثقل فاتورة» المشاركة في العدوان، يتنامى الاحتقان الشعبي كل يوم، وقد ساعدت إسرائيل على تنميته بقدر أكبر مما كان.