عشية إعلان رئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس، راشد الغنوشي، أنه «لا مكان ولا مستقبل للإرهاب في تونس» وأن بلاده «في حالة حرب مع هذه الظاهرة»، أصيب 16 من قوات الأمن والجيش في انفجار ألغام زرعها مسلحون تابعون للقاعدة في جبل الشعانبي من ولاية القصرين (وسط غرب) على الحدود مع الجزائر التي أعلن وزير داخليتها أمس دحو ولد قابلية وجود تنسيق أمني وتبادل للمعلومات بين البلدين المتجاورين، في مواجهة مسلحين مرتبطين بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» على الحدود. وقال الغنوشي، في مؤتمر صحافي عقده أمس في تونس العاصمة، «نؤكد أنه لا مكان ولا مستقبل للإرهاب في تونس.. ونحن في حالة حرب مع هذه الظاهرة.. مجتمعنا كله في حرب مع هؤلاء الذين يزرعون الموت للمواطنين.. ولن نسمح لأي كان بأن يهدد أمن التونسيين والتونسيات مهما كلفنا ذلك». وأضاف «نتمنى أن تتطور الظاهرة السلفية في تونس من حالة الطيش والارهاب الى حالة التعقل.. وإنشاء الأحزاب.. في ظل الحرية المتوافرة للجميع.. وللتيار السلفي.. لأنه لا مبرر للعنف». وقال رئيس حركة النهضة إن «الجيش والشرطة في تونس مسلمون وليس فيهم كفار، فبأي مبرر تكون الحرب عليهم؟»، لافتاً إلى أنه «لا مكان للجهاد في تونس إلا جهاد التنمية والديموقراطية، ونشر الخير، ومجابهة أسباب الفساد والظلم بالطرق السلمية». ودعا «الشباب (التونسي) الى الالتزام بمنهج الوسطية والاعتدال والحذر من الفتاوى (الدينية) المضللة التي تشوّه قيم الإسلام النبيلة وتضعها في غير موضعها مثل قيمة الجهاد».
ونبّه الغنوشي إلى أن بلاده ليست «مستعمرة» حتى تتم فيها الدعوة الى الجهاد، مُذكّراً بأن الجهاد الحقيقي هو الذي «حرّر شعوبنا من الاستعمار» الأجنبي. وأضاف أنه لا مجال للتحاور في الوقت الحالي مع المجموعات السلفية التي ترفع السلاح في وجه قوات الأمن والجيش، معتبراً أن «الوقت الآن ليس وقت حوار مع الإرهابيين، بل وقت تطهير للبلاد من هذه الظاهرة (الارهاب)»، قبل أن يؤكد «إن وضعوا أسلحتهم يكون حوار» معهم.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان انقلب على السلفيين بعد أن كان أعلن عام 2012 في تصريح شهير أن «السلفيين أبناؤنا، يبشّرون بثقافة جديدة، ويذكرونني بشبابي»، قال الغنوشي «الجماعات السلفية التي لا تستخدم العنف هم أبناؤنا فعلاً وهم جزء من التونسيين، ونحن نتحاور معهم لإقناعهم بأن جانباً من أفكارهم فيه تشدد ولا يتماشى مع الوسطية الاسلامية.. لذلك ظللنا ندعو للحوار معهم».
وحذر الغنوشي من أن قانون مكافحة الارهاب الصادر سنة 2003 في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي «ما زال ساري المفعول، وسيستخدم في مكانه».
وأشار الى أنه سيجري استخدام هذا القانون فقط ضد «الارهابيين»، وليس ضد المعارضين السياسيين مثلما كان يفعل نظام بن علي. ولفت الى أن «أعرق الديموقراطيات في العالم لها قوانين لمكافحة الارهاب، ولكنها تستخدمها ضد الارهابيين وليس المعارضين»، مستبعداً دخول البلاد في «حرب أهلية» بسبب الإرهاب.
وفيما أشار الغنوشي الى تجربة الجزائر ومصر في الحوار مع مجموعات دينية متشددة ونجاحهما في إقناعها بالتخلي عن العنف، قال ولد قابلية، خلال زيارة لتونس، إن هناك «تنسيقاً في ما يخص تبادل المعلومات (حول المواضيع الأمنية)، لكن الجزائر لا تتدخل في شؤون تونس».
وتسعى تونس لأن تساعدها الجزائر في نزع الألغام المصنوعة يدوياً باستخدام أسمدة زراعية، ما يجعل اكتشافها صعباً. ولدى الجزائر خبرة طويلة في كشف الألغام والقنابل المصنوعة من الأسمدة الزراعية باعتبار أن القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي كثيراً ما تستعملها.
في هذا الوقت، أعلنت وزارة الداخلية التونسية أمس، في بيان، أنه «أمكن لوحدات مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة العدلية بالتعاون مع وحدات الحرس الوطني إلقاء القبض الأربعاء على نفر ليبي متلبّساً بمحاولة إدخال كمية من المتفجرات عبر سواحل مدينة بن قردان» من ولاية مدنين (جنوب) الحدودية مع ليبيا.
وأضافت «تمكنت الوحدات الأمنية من الكشف عن هذا الإرهابي بعد متابعة أمنية دقيقة، والأبحاث متواصلة بالتنسيق مع الجهات القضائية».
لكنّ محققاً أكد أن الشرطة صادرت نحو 150 كيلوغراماً من مادة «تي أن تي» المتفجرة عثرت عليها في سفينة ليبية رست في مرفأ الكتف قرب بن قردان قرب الحدود الليبية، مشيراً الى اعتقال ثلاثة أشخاص هم تونسيان وليبي.
(أ ف ب، رويترز)