مستندة إلى «ثبات» موقف حليفتها موسكو، رحّبت دمشق بالتقارب الأميركي - الروسي. هذا الترحيب سار على جامعة الدول العربية والصين، في وقت أعلن فيه المبعوث العربي والدولي، الأخضر الإبراهيمي، أنه سيبقى في منصبه بناء على التقارب، فيما اكد الرئيس المصري محمد مرسي من البرازيل رغبته في اشراك ممثلين عن النظام والمعارضة في «المبادرة الرباعية». جون كيري الذي افتتح عهد «التقارب» حول سوريا مع موسكو، جدّد أمس رفض وجود الرئيس بشار الأسد في «الحكومة الانتقالية».وقالت وزارة الخارجية السورية، في بيان لها، إنّ دمشق ترحب بالتقارب الأميركي الروسي، انطلاقاً من قناعتها بثبات الموقف الروسي المستند إلى ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي. وأضاف البيان أنّ سوريا تؤكد أن صدقية الموقف الأميركي في تبني الحلّ السياسي للأزمة في سوريا، تكمن في سعيها الجاد لدى حلفائها لوقف العنف والإرهاب، وتجفيف مصادره، تمهيداً لانطلاق الحوار السياسي، وأن يدرك الجميع أن الشعب السوري وحده هو من يقرر مستقبله والنظام الدستوري لبلاده، دون أي تدخل خارجي.
في هذا الوقت، افاد نائب الامين العام للامم المتحدة يان الياسون، في تصريح صحافي له، أن الامين العام للمنظمة الدولية، بان كي مون، اقنع الدبلوماسي الجزائري الاخضر الابراهيمي بالبقاء في منصبه وسيطا في الازمة السورية، بعد المبادرة الاميركية الروسية الاخيرة بشأن سوريا. وقال ان بان «طلب من الممثل الخاص المشترك (للامم المتحدة والجامعة العربية) بالبقاء، وقد وافق على ذلك».
في السياق، رحّب الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، بالجهود الجديدة التي تبذلها روسيا والولايات المتحدة للتفاوض لانهاء الحرب في سوريا. وحثّ العربي الحكومة السورية و«الائتلاف» المعارض وكل الأطراف السورية على انتهاز الفرصة للاتفاق على تأليف حكومة انتقالية.
بدورها، أعلنت الصين ترحيبها بالاتفاق، أيضاً، لدفع الجهود نحو التسوية السلمية للأزمة. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية، هوا تشون يينغ، «الوضع في المنطقة معقد... ونأمل أن تبتعد جميع الاطراف عن استخدام القوة وأن تبذل الجهود لمساندة السلام والاستقرار».
كذلك رحّب ممثل «هيئة التنسيق» في الخارج، هيثم منّاع، بـ«اتفاق الولايات المتحدة الأميركية وروسيا على الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لإنهاء الأزمة في سوريا»، مشيراً إلى أنّها «خطوة ايجابية باتجاه الحلّ السياسي والتراجع عن قضية الذهاب بالعسكرة إلى مرحلة تحطيم البلاد».
من ناحية أخرى، صرّح وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأنّ الرئيس بشار الأسد لا يمكن أن يشارك في حكومة انتقالية سورية. وقال كيري، قبل محادثاته مع وزير الخارجية الأردني ناصر جودة في روما، أن كل الأطراف تعمل «لتأليف حكومة انتقالية بالتفاهم بين الطرفين، وهذا يعني في رأينا أن الرئيس الأسد لن يكون مشاركاً في هذه الحكومة الانتقالية». وكشف كيري رسمياً عن مساعدة أميركية انسانية إضافية بقيمة مئة مليون دولار للاجئين السوريين، يخصص نصفها لمساعدة الأردن على استضافة اللاجئين. وقال كيري إنّ الاستعدادات لعقد مؤتمر دولي لمحاولة إيجاد حلّ للأزمة مستمرة، بعدما وافق على أن يعمل مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بهذا الهدف. وتابع أنه تحدث إلى وزراء خارجية معظم الدول المعنية «وهناك ردّ إيجابي جداً ورغبة قوية جداً في التحرك باتجاه هذا المؤتمر، لمحاولة إيجاد حل سياسي، أو على الاقل لاستنفاد كل الامكانات للوصول إلى ذلك». وأكد أن هذا المؤتمر يمكن أن يعقد بحلول نهاية الشهر الحالي، وربما في جنيف.
وأوضح أن السفير الأميركي في سوريا، روبرت فورد، التقى في الوقت نفسه المعارضة السورية، كما رأى كيري أنّ «نقل أسلحة روسية متطورة إلى سوريا يزعزع الوضع في المنطقة»، معلناً أنّ «بلاده لا تحبذ أن ترسل موسكو مساعدات عسكرية إلى الحكومة السورية».
في موازاة ذلك، دعا الرئيس المصري محمد مرسي إلى «تمثيل النظام السوري في المبادرة الرباعية» المصرية، مشيراً إلى أنّ المبادرة هي «الوسيلة الوحيدة للخروج من الأزمة». وقال مرسي، في مؤتمر صحافي، عقب لقائه نظيرته البرازيلية ديلما روسيف في برازيليا، إن «مصر لديها مبادرة واضحة في هذا الصدد، وقد طرأ عليها تطوير ويجب أن تُمثل فيها المعارضة، إضافة إلى ممثل عن النظام السوري وممثل عن الجامعة العربية، وأن تكون برعاية دولية ومشاركة من جانب دول الخليج». بدورها، شدّدت روسيف على أنّ «الحوار هو الحلّ الوحيد للأزمة السورية»، داعية «إلى وقف فوري لإطلاق النار، وبدء عملية سياسية ودبلوماسية بدعم من المجتمع الدولي».
وفي مسألة استخدام السلاح «الكيميائي»، أعلن نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، لوكالة «فرانس برس» استعداد بلاده لاستقبال لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في الأسلحة الكيميائية. وأوضح «كنا ولا نزال مستعدين الآن وفي هذه اللحظة لاستقبال البعثة، كما قررها السيد بان كي مون للتحقيق في ما حدث في خان العسل».
وأكد المقداد ان سوريا سترد فورا وبشدة على اي هجوم اسرائيلي جديد على أراضيها. وقال «أُعطيت تعليمات للرد فورا على اي هجوم اسرائيلي جديد». وأضاف «ردنا على اسرائيل سيكون قاسياً ومؤلماً، على اسرائيل ان تعرف ذلك (...) سوريا لن تسمح بأي حال من الاحوال، بان يتكرر ذلك».
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، إنّه ينبغي للأمم المتحدة أن تعلن «جبهة النصرة» الاسلامية منظمة ارهابية للتفريق بينها وبين جماعات أخرى تقاتل في صفوف المعارضة السورية.
وفي حديث مع صحيفة «لوموند»، صرّح بأنّ باريس لا تزال تأمل إيجاد حلّ سياسي للصراع في سوريا، وتدعم خططاً لعقد مؤتمر دولي يضم روسيا والولايات المتحدة يبدأ من حيث انتهى اجتماع جنيف.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)