يعتبر تطور القدرات العسكرية السورية أحد أهم الأخطار التي تحتل اهتمامات قادة الأجهزة الامنية والعسكرية والسياسية في تل أبيب، خصوصاً لما لسوريا من موقع أساسي في منظومة المقاومة في المنطقة، بحيث مارست وتمارس دوراً دفاعياً ورادعاً الى جانب مهمتها التحريرية. في ضوء ذلك، من الطبيعي أن تثير المعلومات عن إمكانية تزويد روسيا لسوريا بصواريخ أرض جو متطورة، من طراز «أس 300»، المخاوف لدى قادة تل أبيب، خصوصاً أنها قادرة على مواجهة أهم عنصر تفوق للجيش الاسرائيلي.
وأكّد مسؤولون اسرائيليون أمنيون ما ذكرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية من أن إسرائيل حذرت الولايات المتحدة من أن روسيا تعتزم بيع سوريا منظومات متطورة لصواريخ أرض ـ جو من طراز «إس-300». وأضاف المسؤولون أن اسرائيل طلبت فعلاً من روسيا الغاء هذه الصفقة. فيما أعرب مسؤولون أميركيون لصحيفة «نيويورك تايمز» عن قلقهم البالغ من احتمال تنفيذ هذه الصفقة، مع الاشارة الى أن سوريا تسعى منذ سنوات لشراء هذه الصواريخ القادرة على اعتراض الطائرات والصواريخ الموجهة.
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن اسرائيل أبلغت واشنطن بأن سوريا بدأت بالفعل في دفع ثمن نظام «أس ـ 300» الذي تبلغ تكلفته 900 مليون دولار، وأن التسليم سيتم خلال ثلاثة أشهر. وفي السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن الاتصال الذي جرى بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الموجود حالياً في الصين، مع الرئيس الاميركي باراك أوباما، تمحور بشكل أساسي حول الوضع في سوريا. ولفتت الى أن المحادثة الهاتفية بين أوباما ونتنياهو، هي الأولى منذ الهجوم الذي شنه سلاح الجو الاسرائيلي الأسبوع الماضي. ونقلت عن مسؤول أميركي قوله إن الرئيسين تحدثا أيضاً حول الجهود التي يبذلها وزير الخارجية جون كيري بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية من أجل دفع عملية التسوية.
لكن بياناً صادراً عن مكتب نتنياهو اكتفى بالقول إن حديث رئيس الوزراء مع الرئيس الأميركي جرى مثلما أجرى في الأيام الاخيرة، محادثات مع قادة الصين وقبلها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول مختلف المواضيع الاقليمية والدولية. فيما أعلن البيت الابيض أن الرئيسين تحدثا في المواضيع الأمنية الاقليمية وحول السلام في الشرق الاوسط، واتفقا على استمرار التنسيق الوثيق بين الولايات المتحدة واسرائيل في مختلف المواضيع الأمنية.
من جهة ثانية، رأى نائب وزير الخارجية السابق، القيادي في حزب «اسرائيل بيتنا»، داني ايالون، أن التصور الاستراتيجي الجديد للولايات المتحدة يؤكد أن اسرائيل هي الشريك الاستراتيجي القوي والموثوق في المنطقة، وهو ما سهَّل على الولايات المتحدة الامتناع عن عملية عسكرية في سوريا كما امتنعت في ليبيا، وبالتأكيد ستؤثر على أساليب عملها المستقبلية في ايران، مشيراً الى أن «المسار الحاسم، الذي أدى الى نقل اسرائيل من قوة سلبية الى قوة فعالة (في اشارة الى الاعتداء الاسرائيلي الاخير في سوريا) هو المصالحة الاسرائيلية ـــ التركية».
في موازاة ذلك، نقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية عن المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتين نسيركي، قوله إن الأمم المتحدة قررت سحب قوات المراقبة الدولية من هضبة الجولان، على خلفية تطورات في الوضع الأمني، والأوضاع المتوترة بين إسرائيل وسوريا. وقال نسيركي إنه تم اتخاذ القرار في أعقاب الأخطار الفورية التي تواجه مراقبي الأمم المتحدة، والتي لا تتناسب مع دورهم ومؤهلاتهم العسكري.
بدورها، نقلت صحيفة «معاريف» عن مصدر عسكري اسرائيلي قوله إن الفترة الأخيرة تشهد «سيطرة معارضين سوريين على مواقع كانت تستخدم من قبل قوات الأمم المتحدة»، مشيراً إلى سيطرتهم على موقع جنوب هضبة الجولان، وطلبهم من مراقبي الأمم المتحدة مغادرة المكان.