القاهرة | الأصوات المختلطة لجنود الشرطة والجيش المخطوفين في سيناء، والمعصوبة أعينهم والمقيّدة أذرعهم، في نهاية مقطع الفيديو الذي نشر على موقع «يوتيوب»، وصلت إلى حد الاستغاثة بأمهاتهم وآبائهم عبر صيحات ضعيفة بلهجاتهم الريفية «إلحقني يا با الحقيني يا ما». المشهد سرعان ما انعكس «صراخاً» على مواقع التواصل الاجتماعي من مستخدمين يرون أن «الكرامة الوطنية» قد لحق بها «العار» _ وهو أحد أكثر المصطلحات التي شاعت في التعليق على مقطع الفيديو.
انعكس الأمر بدوره مطالب صريحة بشن حملة عسكرية ضد الخاطفين والجهاديين في سيناء بصورة عامة، حتى لو أدى ذلك إلى مقتل الجنود المخطوفين _ الذين طالبوا من جانبهم، في مقطع الفيديو، بالاستجابة لمطالب خاطفيهم، بعبارات بدا واضحاً أنها أُمليت عليهم.
فحين تساءل أحمد سمير، وهو كاتب في موقع جريدة «المصري اليوم»، على حسابه الشخصي على «فايسبوك» متسائلاً عمّا إذا كان التدخل العسكري حتى في حال أودى بحياة الجنود قادراً على استعادة «هيبة الدولة»، جاءه الرد في أحد التعليقات صريحاً للغاية: «أهون عندي السبعة يموتوا شهداء ولا إننا نتذل بالشكل المهين ده».
التعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بدت كأنها لا تنمّ عن رغبه أو سعي إلى تحرير الجنود وإنقاذ حياتهم، بل بدت أنها تنم عن السعي إلى «استعادة» هيبة الدولة من ناحية، والتحذير من «مؤامرة إخوانية» تستهدف تحميل وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي وقيادات الجيش مسؤولية عملية اختطاف الجنود أمام الرأي العام، وصولاً إلى إطاحتهم من مناصبهم من ناحية أخرى، على نحو بدت معه المؤسسة العسكرية كأنها تستعيد على نحو ما جانباً من شعبيتها المفقودة، حتى بين أنصارها، بعد نفي السيسي قبل أيام أي نية للجيش للعودة الى السياسة في مواجهة النظام الجديد. وقال الكاتب في صحيفة «الوطن اليومية» محمود الكردوسي، في مقالة نُشرت أول من أمس: «أقول لهم أخيراً وليس آخراً: لم يبقَ لكم سوى جيشكم. هو مهديكم المنتظر. هو ساعة صفركم، ورقمكم الصعب في معادلة «ما بعد الإخوان». هو الشوكة التي تقف الآن في حلوقهم بعد أن زحفوا على أخضر مصر ويابسها كالجراد، لذا يحاولون كسرها بكل الطرق.. فاحذروا: ثمة مؤامرة». المقال نفسه حمل عنوان: «الجيش... ولتذهب الديموقراطية الى الجحيم».
أما لميس الحديدي، وهي مذيعة برنامج «هنا العاصمة»، فبكت على الهواء مباشرة بعد إذاعة مقطع الفيديو قائلة: «والجيش المصري أعظم جيش، (وزارة) والداخلية المصرية حتى لو كان لها أخطاء فإن جنودها أعظم جنود».
واللافت أن الجماعة من جانبها بدت، عبر مقطع فيديو نُشر على قناة حزب الحرية والعدالة على موقع يوتيوب، أنها تسعى إلى تحميل السيسي تلك المسؤولية.
فالحزب أذاع مقطع فيديو للسيسي يكشف فيه في تصريحات صحافية عن توافق مع رئاسة الجمهورية على المعايير الأمنية لما يسمّى مشروع تنمية إقليم قناة السويس. ولسبب أو لآخر، أرفقه بتعليق مثير للجدل: «تصريح السيسي الذي أدى إلى اختطاف الجنود وتعرض محافظات القناة لانفلات أمني».
أما أبرز ردود الفعل السياسية من المعارضة فجاءت في بيان التيار الشعبي الذي دعا الى تحرك فوري لإطلاق سراح المجندين، مشدداً على أن «أي حديث عن مفاوضات مع الخاطفين ليس له معنى سوى تجاهل الجريمة، ومحاولة استرضاء الجاني، بنحو يجعل دولة القانون تنهار على يد أرفع منصب في الدولة».
واللافت في كل ردود الفعل تلك أنها في نهاية المطاف تجاهلت بالكامل أن الدولة تفاوضت عدة مرات منذ اندلاع الثورة مع بدو أقدموا على أعمال الخطف في سيناء، في محاولة لمقايضة الدولة بمعتقليهم في سجونها. فالدولة لم تمتلك وقتها رفاهية المغامرة بحياة الضحايا عبر عملية عسكرية.. فقط لأنهم كانوا سياحاً أجانب.