في ظل التطورات الميدانية التي تشهدها سوريا حالياً، يجري البحث عمّا هو أفضل لإسرائيل، ولو على قاعدة الاختيار بين السيئ والأسوأ. فقد شدد المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» اليكس فيشمان، على أن المصلحة الإسرائيلية العليا تكمن في الامتناع بأي ثمن عن (بقاء) المواجهة العسكرية مستمرة في سوريا.
وسبب هذا الرأي بنظر فيشمان هو أن «انتشار الفوضى قد يؤدي إلى انتقال الإرهاب إلى الحدود الإسرائيلية عبر منظمات يحركها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وجهات أخرى، الأمر الذي قد يجرّ إسرائيل إلى حرب لا ترغب فيها».
أضاف فيشمان أن «المصلحة الإسرائيلية التالية تكمن في منع نقل أسلحة كيميائية إلى حزب الله أو إلى أي منظمات معادية أخرى. والمصلحة الثالثة التي تتمثل بكسر محور الشر وإضعاف حزب الله وإبعاد الإيرانيين عن الساحة السورية».
ولفت فيشمان إلى أن بقاء الرئيس الأسد في منصبه لا يخدم أياً من هذه المصالح. وإذا ما كانت إسرائيل تبحث عن الاستقرار في سوريا، «فليس الأسد هو العنوان لذلك، بل العكس هو الصحيح، فاستمرار توليه الحكم يعزز العناصر المتطرفة بين المتمردين ويبعد احتمال التوصل إلى تسوية ما داخلية في سوريا».
من جهته، رأى يوسي شاين في صحيفة «يديعوت» أيضاً، أن «بقاء الأسد ونظامه سيبقيه تهديداً على إسرائيل، انطلاقاً من كونه جزءاً من المحور الإيراني. وبالرغم من بقائه أضعف، مما كان، لكنه على طول الوقت لن يكون ضماناً للسلام على الحدود السورية».
وأكد شاين أن ليس لدى إسرائيل أجوبة جيدة عن هذا الواقع، الأمر الذي لا يسمح لها بأن تكون لاعبة متصدرة، بل «علينا أن نتعاون كلاعب ثانوي بتصرف الغرب تجاه سوريا».
إلى ذلك، رأى ألون بنكاس في الصحيفة نفسها أنّ «من السخافة السياسية عدم التطلع إلى قطع الحلف السوري – الإيراني والتسبب المباشر بإضعاف حزب الله».
وأضاف بنكاس أن «الولايات المتحدة علقت في معضلة كلاسيكية، وفي توتر بين الواقعية السياسية والتزام الديموقراطية، عبر إقرارها بأن لا بديل سياسياً ولا خيار عسكرياً لحل الأمة السورية، وهو ما دفع إدارة أوباما إلى صياغة خطوط حمراء بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية».
من ناحية أخرى، رأى المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل، أن «إسرائيل بذلت جهدها لتوضيح موقفها من الوضع الذي أخذ يتعقد في سوريا، وضمن هذا الإطار أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن الجيش الإسرائيلي سيعمل عند الحاجة لمنع تهريب السلاح المتطور من سوريا إلى حزب الله». ونقل أن «حاشية نتنياهو اهتمت بأن تبين من وراء الستار، أن موقف إسرائيل هو أن لا تتدخل لمصلحة أيٍّ من الطرفين».
وتساءل هرئيل عمّا تريده إسرائيل حقاً، مؤكداً أنها «تريد تقريباً أقل قدر من التدخل في سوريا، إلا إذا جرى تجاوز الخطوط الحمراء التي حددها نتنياهو مثل نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله». لكن هرئيل حذر من أنه «سيكون من الصعب على نتنياهو تنفيذ تهديده الحالي قياساً بالهجمات الجوية الثلاث السابقة»، لافتاً إلى أن «نظام الأسد أرسل ما يكفي من الإشارات إلى عزمه على الرد بهجوم مضاد إذا ما قصفت إسرائيل مرة أخرى». وشدد على أن الرئيس السوري قادر على إطلاق صاروخ ضد هدف استراتيجي في إسرائيل، مثل إحدى منشآت البنى التحتية، أو قاعدة لسلاح الجو. ورأى هرئيل، أنه في هذه الحالة يمكن أن تتحول مشكلة تكتيكية، مثل نقل السلاح إلى لبنان، دفعة واحدة إلى شأن استراتيجي، نشوب حرب بين إسرائيل وسوريا. ودعا هرئيل نتنياهو إلى أن يأخذ في حسابه تقديراً آخر؛ لأنه إذا ما عاد إمكان شنّ هجوم إسرائيلي على إيران وطرح من جديد بعد الانتخابات الرئاسية في إيران، ستجد إسرائيل نفسها أمام السؤال الآتي: ما هو الشيء الأكثر إلحاحاً بالنسبة إليه؟ وخاصة أن استنزاف الجيش الإسرائيلي في مواجهة عسكرية مع سوريا وحزب الله سيجعل حشد الجهود بعد ذلك من أجل خوض مواجهة مع إيران أصعب. في المقابل، رأى رؤوبين باركو في صحيفة «إسرائيل اليوم»، أن إسرائيل دُفعت إلى معركة بين عمالقة من الدول العظمى مع دعم متردد من الولايات المتحدة. وحذر من حقيقة أن الأضواء مسلطة حالياً على ما يجري في سوريا في الوقت الذي تستمر فيه إيران، بهدوء، بتطوير قدراتها النووية. ولفت إلى أن الوضع في سوريا يكشف عن حقيقة أن «الحرب الباردة» بين روسيا والغرب غير متكافئة، وينبع ذلك من التردد الأميركي الثابت أيضاً في القضية الإيرانية.
من جهته، رأى الرئيس السابق للموساد، افرايم هاليفي، في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه ليس من شأن إسرائيل أن تقوم بدور «متوج ملوك» في دمشق، فضلاً عن أن ليس لديها القدرة على الحسم حول أي بديل هو الأفضل لها. ورأى أن أحداث السنتين الأخيرتين أثبتت أن قدرة إسرائيل على تقدير احتمالات بقاء الأسد محدودة، بل حتى غير قائمة، واستشهد على ذلك بأن كل النبوءات عن نهايته القريبة، في غضون أسابيع أو بضعة أشهر، تبددت.