غزّة | «حياتنا مأساة لا مأوى ولا طعام ولا شراب، نحن نعاقب على فعل ليس لنا به دخل، كل ذنبنا أننا نقف على المعبر في التوقيت الخطأ»، بهذه الكلمات عبّر ابن غزة محمد جبر (60 عاما)ً العالق منذ أربعة أيام على معبر رفح الحدودي في الجانب المصري، أثناء عودته إلى القطاع، بعدما أجرى عملية جراحية في أحد المستشفيات المصرية.يحتاج جبر إلى رعاية خاصة عقب العملية الجراحية، حيث إن من الضروري أن يلازم السرير وينال قسطاً كافياً من الراحة، كي لا يتعرض لمضاعفات وانتكاسة جديدة، خصوصاً أنّه تلقّى العلاج في مصر عقب حصوله على تحويلة طبية مستعجلة من وزارة الصحة الفلسطينية.
يفترش جبر الأرض ويلتحف السماء، حاله كحال زملائه العالقين على المعبر والذين تقدر أعدادهم حسب ما يؤكد مدير معبر رفح البري محمد صبحة لـ«الأخبار» بـ2400 عالق، جلّهم من المرضى والطلاب والنساء والأطفال، ينتظرون فرجاً قريباً يمكنهم من العودة إلى ذويهم.
لا يستطيع العالقون على المعبر العودة إلى الأراضي المصرية لأسباب تتعلق بعدم حيازة البعض منهم نقوداً كافية تمكنهم من المكوث في الأراضي المصرية ريثما تحلّ الأزمة، أو بسبب منع بعض الضباط المصريين تحركهم من المعبر وعودتهم إلى العريش كعقاب للفلسطينيين جراء شكوكهم في ضلوعهم بالمساعدة على اختطاف الجنود المصريين.
يقول جبر: «لم تشفع توسلاتنا للضباط المصريين الموجودين على معبر رفح للعودة إلى مصر أو التحرك من مكاننا، وهو ما يزيد من معاناتنا على المعبر دون فراش أو إيواء نستطيع الارتياح فيه». ويوضح أنّ عائلات بأكملها موجودة على أرض المعبر، أطفالها تبكي من الجوع والعطش وقلة النظافة، نظراً إلى عدم وجود حمامات يستطيع العالقون التوجه إليها لقضاء حاجاتهم، لافتاً إلى الخوف من انتشار أمراض بينهم في ظل البيئة السيئة التي تحيط بهم.
ولا تختلف الحال كثيراً في الجانب الفلسطيني من المعبر، حيث تتابع العائلات الأخبار أولاً بأول، علّها تعرف توقيتاً محدداً لفتح المعبر. أم محمد شبير (45 عاماً) فلسطينية متزوجة في مصر. تتوجه إلى معبر رفح كل صباح علّه يأتي قرار فتحه فجأة وتتمكن من دخول الأراضي المصرية والعودة الى بيتها، خصوصاً أن لديها 5 أبناء في المدارس الابتدائية، وبحاجة إلى وجودها في هذه الفترة نظراً إلى قرب الامتحانات.
تقول أم محمد «أتيت الى غزة لزيارة والدتي المريضة، وأريد الآن العودة إلى أطفالي الذين يتصلون بي يومياً ويبكون على الهاتف»، فيما تتابع زهيرة الريس الأخبار على شاشات التلفاز، مترقبةً دخول ابنها العالق على الجانب المصري، كي تقرّ عينها برؤيته بعد فراق دام خمس سنوات.
تقول «لم أرَ ابني منذ خمس سنوات، لأنه كان يتابع دراسته في تركيا، ولم ينزل إلى غزة خلال تلك السنوات»، مضيفة «في كل مرة كان ينوي النزول تجري أحداث تحول دون نزوله، كي لا يُحجز في القطاع ويُمنع من السفر، ويكمل دراسته».
محمد زعرب (30 عاماً) عاد إلى غزة عبر الأنفاق، بعدما انتظر يومين كي يتم فتح المعبر دون جدوى. يقول «الوضع مأساوي للغاية، ولا يستطيع الجميع الدخول عبر الأنفاق، لأن أسعارها ارتفعت في ظل هذه الأزمة».
ويشير زعرب إلى أن من الصعب جداً الدخول عبر الأنفاق، في ظل تشديد الحكومة المقالة عليها ومنع أي أحد من الدخول إليها أو الخروج منها.
وتجري محاولات حثيثة من قبل الحكومة المقالة في غزة مع الإدارة المصرية لفتح معبر رفح، وإدخال العالقين الذين تتزايد أعدادهم يوماً بعد يوم. وكان ضباط مصريون قد أغلقوا المعبر عقب اختطاف سبعة جنود مصريين في سيناء.