بحريّة يتحرّك معظم مسلّحي المعارضة السورية المتحصّنين في القصير. ومن مخابئهم، يُشغّلون المولدات الكهربائية وأجهزة البث الفضائي للتواصل مع مجموعات مسلّحة في الخارج، طلباً للعون ووسائل الإعلام لنقل الصورة. من هناك، يُحمّلون مقاطع فيديو توثّق الاشتباكات والقصف. ويُرسلون الصور، فيزوّدون الطالب بمستجدات ساحة المعركة، بدءاً من الصورة مروراً بمقطع فيديو حصري، وصولاً إلى مقابلة مع قادة المجموعات الميدانيين. يحكي هؤلاء عن «معنويات شباب تُعانق الجبال»، متحدّثين عن «خسائر كبيرة يتكبّدها المهاجمون على أيديهم». ينفي هؤلاء كل ما يتردد عن «تقدّم الجيش السوري وقوّات حزب الله وسيطرتهم على أكثر من ثلثي القصير».
وعن الصور التي تعرضها التلفزيونات، يقول أحد المسلّحين لـ«الأخبار» عبر السكايب: «إن الجيش مسيطر على الحي الشرقي منذ سنتين». يتحدّث الرجل عن «قصف عنيف على مدار الساعة تتعرض له المنطقة»، مشيراً إلى أن «معظم الشهداء يسقطون جرّاء القصف»، لكنه ينفي كل ما يُحكى عن إنجازات تتحقق للخصم. يكشف المسلّح المذكور عن «اشتباكات دائرة على تسع جبهات»، معدداً الأبرز بينها. فيذكر كلاً من «محور حاجز المشتل ومحور حاجز سمير رعد وقرية الضبعة ومنطقة البساتين وحاجز المصرف الزراعي وجبهة جديدة بدأت في قرية هيت». وعن الوضع الميداني في القصير أمس، يشير إلى سقوط «أربعة شهداء في صفوف الثوّار وشهيد مدني، فضلاً عن عشرات الجرحى جرّاء القصف» (حتى الساعة الخامسة بعد الظهر).
وفي السياق نفسه، تكشف مصادر المعارضة المسلّحة لـ«الأخبار» عن« تشكيل مجلس عسكري يضم قادة كافة الكتائب المقاتلة في مدينة القصير»، متحدثة عن أنّ «قائد المجلس العسكري هو المقدّم محيي الدين الزين المعروف بـ«أبو عرب»، إضافة إلى عدد من القادة الميدانيين، برز بينهم القيادي في «كتيبة الفاروق»، ويُدعى أبو علي الذي ظهر متحدّثاً أمام الكاميرا عن جثّة أحد المقاتلين التي تعود إلى عنصر من حزب الله». كذلك يبرز أيضاً القيادي «أبو البراء» الذي تأتمر بإمرته مجموعة ينتمي أفرادها إلى «جبهة النصرة». وتتحدّث مصادر المعارضة عن أن عدداً من المسلّحين الإسلاميين الذين يحملون فكر القاعدة تمكّنوا من الالتحاق بالمجموعات المقاتلة في القصير، قادمين من منطقة القلمون السورية (جنوبي القصير) عبر إحدى الثُّغَر، حيث بايعوا أبو البراء أميراً ليقاتلوا تحت رايته.
وعن مسار المعركة، يُنقل عن «الأمير» المذكور أن «المعركة طويلة والقصير مفخخة بأكملها ستتحوّل إلى كتلة لهب ما إن يطأها رجال نصر الله». وينطلق القيادي المذكور من مقولة إن «الحرب خُدعة» ليخلُص إلى «أنّنا تمكّنّا من استدراج مقاتلي الحزب وجيش الأسد إلى حيث نُريد». ولدى الاستفسار عن الفخ الذي وقعوا فيه، يشير إلى أنّهم تمكنوا من استدراج المهاجمين إلى داخل الأحياء حيث «كل شيء مفخّخ داخل المنازل وفي الحفر والأنفاق». كذلك يتحدّث أبو البراء عن إعدادهم أربعة خطوط دفاع عن المدينة، كانت عبارة عن حقول ألغام، مشيراً إلى أن «جيش النظام ومقاتلي الحزب استدعوا خبراء المتفجرات وفككوا الخط الأول والثاني والثالث ولدى انشغالهم بتفكيك الرابع انقضضنا عليهم».
من جهة أخرى، وعن الوضع المعيشي، يذكر المسلّحون أن الكهرباء مقطوعة عن القصير منذ ما قبل اندلاع المعارك الأخيرة. أمّا المياه، فقد «قُطعت عن المدينة أيضاً». ويحصل هؤلاء على الكهرباء بواسطة المولدات التي يُشغّلونها لساعات محدودة لإرسال الرسائل وتلقي الاتصالات، أما الإنترنت فيحصلون عليه من أجهزة بث فضائي كـ«الإنمرسات وأجهزة الـ Bgan». وكذلك يتحدّث هؤلاء عن نقص فادح في المواد الطبية والذخائر، كاشفاً عن أنّ «المشفى الميداني دُمّر بالكامل، فبتنا ننقل الجرحى على أكتافنا لمداواتهم في المنازل».
في المقابل، تكشف مصادر مطّلعة على العمليات العسكرية الجارية في القصير لـ«الأخبار» أنّ «الخنادق والأنفاق المفخخة عرقلت تقدّم المجموعات المهاجمة»، مشيرة إلى «اكتشاف وجود كاميرات مموّهة كانت ترصد الأماكن الاستراتيجية والطرقات الرئيسية في المنطقة»، فضلاً عن «الكم الهائل للأشياء المفخخة التي عُثر عليها».
وذكرت المصادر نفسها أنّ «المسلّحين يمتلكون قنّاصات متطورة تعمل على أجهزة تحكم عن بُعد»، إذ يمكن القنّاص أن يضع قنّاصته في مكان ويختبئ في مكان آخر، ثم يبدأ برصد الأهداف عبر الشاشة. وفي تقويم أوّلي للعمليات العسكرية، تؤكد المصادر أنّ «هناك إنجازات ميدانية تحققت»، متحدثة عن «أيام قليلة تحول دون إنهاء المجموعات المسلّحة». وإذ تحدثت معلومات عن سعي إلى إنهاء المعركة قبل خطاب السيد حسن نصر الله نهار السبت، أشارت معلومات أخرى إلى أن عملية الحسم تتطلّب مزيداً من الوقت.