غزّة | لم تستطع هناء الزعانين، ابنة الـ 27 عاماً، إخفاء دموع الفرح بعدما أخبرها الطبيب بأنّها حامل. قد يبدو الأمر عادياً لأي امرأة، ولكن بالنسبة إلى هناء، الأمر مختلف تماماً، بما أنّها أصبحت حاملاً بعد عملية تلقيح من نطفة تم تهريبها من زوجها الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ سبعة أعوام. هناء هي أول زوجة لأسير فلسطيني من قطاع غزّة تتمكن من تهريب نطفة من زوجها وتنجح في إجراء عملية تلقيح في أحد مراكز الإخصاب. بدأت القصة بعد سماع هناء أخباراً عن وجود بعض الحالات التي تمكنت من الحمل بعد تهريب نُطف من أسرى فلسطينيين، لكن تلك الحالات كانت في الضفة الغربية لا في قطاع غزة. ولعلّ أشهرها، حالة السيدة دلال الزبن، التي أنجبت طفلها في آب من العام الماضي، بعد نجاح عملية تلقيح نطفة زوجها المحكوم بالسجن المؤبّد. أصبحت دلال مثالاً يُحتذى لبعض زوجات الأسرى، حيث تمكنت أربع زوجات من تكرار هذا العملية بنجاح.
وما إن علمت هناء، التي اعتُقل زوجها تامر الزعانين (28 عاماً) بعد أقل من ثلاثة أشهر فقط على زواجه وحُكم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً، بحكاية دلال، حتى راحت تفكر في مصارحة زوجها، وطرح الفكرة عليه. وبالفعل، هذا ما جرى قبل نحو 5 أشهر. لم يتردّد تامر في إخبار زوجته، عبر اتصال هاتفي، بأنه مقتنع تماماً بالفكرة، وأنه ينتظر الفرصة المناسبة لتهريب حيواناته المنوية إلى قطاع غزّة.
انتظر تامر الى أن حانت الفرصة في شهر شباط الماضي، حيث قام بتهريب سائله المنوي مع أحد الأسرى المفرج عنهم من قطاع غزة. كانت هناء ووالدة تامر في انتظار الأسير المحرّر على حاجز بيت حانون الواقع بين قطاع غزّة وإسرائيل، لتسلّم العيّنة. وفور تسلّمها، توجهتا على عجل الى مركز البسمة للإخصاب في مدينة غزّة لفحص العيّنة.
كانت الدقائق تمرّ ساعات طويلة على هناء هناك، الى أن أخبرها الطبيب المختص بأنّ العينة جيدة وتصلح لعملية التلقيح. كما أخبرها بأنّه يمكن حفظ العينة لمدّة خمس سنوات واستخدامها في عمليات تلقيح جديدة إذا أرادت ذلك. وبالفعل قام الطبيب بإجراء عملية التلقيح، الى أن تم إخبارها بنجاح العملية وحدوث الحمل قبل عدة أيام.
تقول هناء، بينما كانت تستقبل المهنئين من الأقارب والأصدقاء في بيت عائلة زوجها ببلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، «السعادة كبيرة جداً، لكنها ناقصة، كنت أتمنى أن أكون أماً منذ سنوات عدة، لكن الاحتلال حرمني ذلك»، مضيفة إن الفرحة ستكتمل بعد وضع الجنين والإفراج عن والده.
أما والدة الأسير تامر، فلم تتوقف عن ترديد الأهازيج الفلسطينية. تقول «كنت أتمنى أن أرى أحفادي قبل أن أموت. والحمد لله، ابني غاب عن العائلة خلف قضبان السجان الإسرائيلي، غير أنه تمكن من تسريب الفرحة الى قلوب عائلته من داخل السجن».
وتحتفظ العائلات بنوع من السرّية والتكتم على طريقة تهريب النطف من داخل السجون، وذلك من أجل الحفاظ على استمرار الأمر والحيلولة دون معرفة الاحتلال بتلك الطرق ووقف عمليات التهريب. وبإمكان الحيوانات المنوية أن تعيش لأكثر من 48 ساعة إذا ما تم حفظها ونقلها بشكل جيّد، كما يمكن حفظها لفترة تزيد على ستة أعوام، وذلك حسب قوة الحيوانات المنوية.
وكان بعض الشيوخ قد أفتوا بجواز تهريب نُطف للأسرى، لكنهم وضعوا مجموعة من الضوابط، أبرزها «أن تكون العلاقة الزوجية قائمة بينهما؛ فيُحرم القيام بهذه العملية بعد الموت، أو الفسخ، أو الطلاق»، إضافة الى ذلك، فإنه «يجب حضور الزوج عملية التلقيح. وفي حال الأسير، شهود مجموعة من أهل الزوجين، من قرابة الدرجة الأولى، إضافة إلى إشهار عملية الإنجاب بين أبناء البلد».