عند الحديث عن «طائف» سوري، ليس المقصود فقط هو قيام توافقات مذهبية لانهاء الحرب الدائرة مع ابقاء حكومة مركزية، ودولة «موحدة». «اللبننة» تتجه لضرب «الحمائية» الاقتصادية التي اشتهرت بها سوريا نسبة لمحيطها العربي المنفتح على الغرب و«صناديقه».
على وقع «جنيف 2»، والحلّ السياسي المرتقب، يقف «المجتمع الدولي» بعدّته وعديده ليعلن مشروعه لإعادة اعمار سوريا. هيئاته «تنحت» أوراقاً اقتصادية و«تنموية»، وفق مشروع «الأجندة الوطنية من أجل مستقبل سوريا».
هذi الأجندة وجدت من يستقبلها في دمشق. الصورة التي جمعت نائب رئيس مجلس الوزراء السوري الأسبق عبدالله الدردري مع نائب وزير الخارجية فيصل المقداد منذ أيام شرّعت الأبواب لأسئلة حول «عقلية» الحكومة الاقتصادية.
مبعوث «الاسكوا» لإعادة الاعمار في سوريا، وخبيرها الاقتصادي، جاء «ليقدم الخيارات المتاحة لمساعدة الحكومة السورية في جهدها لتعبئة الموارد بعد انتهاء الأزمة». ويقوم مشروع الدردري على افتراض أن الحرب ستنتهي في عام 2015 على أبعد حدّ، وأن سوريا سوف تبقى موحدة اقليمياً مع حكومة مركزية بغضّ النظر عمن سيتولى الرئاسة في البلاد.
قرارات الحكومة السورية اليوم لا تمتّ لواقع بلد يرزح أبناؤه تحت تأثير واقع ميداني مشتعل وعقوبات عربية ودولية خانقة تبدو على موجة الدردري ومجتمعه الدولي. الحكومة قررت، أول من أمس، رفع سعر اسطوانة الغاز إلى 1000 ليرة سورية، أي بارتفاع 600 ليرة عن آخر سعر حددته العام الماضي، أي بنسبة ارتفاع حوالى 150%. وتسري شائعات وأخبار عن رفع مرتقب لسعر المازوت وبعدها البنزين.
لماذا الاستعجال على رفع الدعم؟ ولمن تقدّم هذه التنازلات؟ أسئلة مشروعة يوجهها المواطن السوري. ابحثوا عن أجندة «الاسكوا» مجدّداً.
متابعون للشأن الاقتصادي في دمشق يروون لـ«الأخبار» أنّ الحكومة الحالية مطلوب منها تعبيد الطريق لحكومة المرحلة اللاحقة. مرحلة استتباب الاستقرار. وعمل أقصى ما يمكن لرفع الدعم عن السلع الأساسية تمهيداً للمشروع المرتقب.
في التوازي مع «جنيف 2»، يروي مطلعون عن ضغوط أميركية تجاه موسكو للطلب من حليفتها العربية الاقدام على تنازلات اقتصادية. وعن اتجاه لطلب فتح الأسواق تجاه الاستثمارات الغربية والخليجية.
ويظهر استقبال الدردري كرسالة سياسية للخارج تفيد بأنّ دمشق منفتحة في هذا المجال. المقداد قال بعد اللقاء إنّ بلاده «تنظر الآن باتجاه المستقبل وبدء الحوار الوطني، وهي مصممة على إعادة البناء والإعمار بالتوازي مع استعادة الأمن والأمان».
صورة الدردري يعاد تلميعها. الاسم «المشؤوم» للكثير من السوريين يعوّم في التداول السوري. هو رجل سلام وبناء، يشي عنوان زيارته. سنتان من النار السورية، لم يسمع فيها صوت الدردري. البعض قال إنه انشقّ عن النظام. أولاده في الأسابيع الأولى من الحراك الشعبي خطّوا بأناملهم على «صفحات الثورة السورية» الاكترونية ما لا يُسعد مستقبلي «رجل الأمم المتحدة» اليوم.
الدردري رجل أعمال. لا يحب الحروب. يعيش على أزمات ما قبلها وانهيارات ما بعدها.