رغم الإخفاقات الإسرائيلية المتتالية لجهة تقدير مسار التطورات الميدانية في سوريا، خاصة في ما يتعلق بجزمها بقرب سقوط النظام، ثم الإقرار لاحقاً بخطأ تلك التقديرات وبدء الحديث عن التداعيات التي يمكن أن تترتّب على إسرائيل جراء تغير اتجاه الأحداث لمصلحة الجيش السوري بعد الانجازات الميدانية المتوالية، تبقى للرؤية والموقف الإسرائيليين مكانتهما في اهتمامات المراقبين، إذ إنها تشكّل أساساً للسياسات والخطط العملانية لقادة الدولة العبرية. وكرّر وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، السياسة المعلنة من القادة الإسرائيليين لجهة «عدم تدخلها (المباشر) في الحرب الدائرة في سوريا، ما لم يحصل أي مس بمصالح إسرائيل، بما في ذلك نقل وسائل قتالية متطورة مثل الصواريخ أو أسلحة كيميائية إلى حزب الله، أو أي تصعيد على الجبهة مع سوريا»، في إشارة متجددة إلى محاولة فرض وتكريس المعادلة التي تحاول تل أبيب فرضها عبر التلويح باستهداف بنية النظام وقدراته بما يغير موازين القوى لمصلحة الجماعات المسلحة، في حال رد الجيش السوري على أي اعتداء يستهدف قدرات المقاومة. وأضاف يعلون، خلال مثوله أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست للمرة الأولى منذ توليه منصبه، أنّ إسرائيل تتابع بقلق إمكانية قيام روسيا بتسليم سوريا صوارخ «أس 300»، مشيراً إلى أنّ التقارير الأخيرة تؤكد أنّ ذلك لم يحصل بعد، وأنه لن يحصل إلا في العام المقبل (2014). ولفت يعلون، أيضاً، إلى ما اعتبره «تحوّل سوريا إلى ميدان صدام بين الدول العظمى»، مشدداً على أنّ «أحداً في الوضع الحالي لا يعلم أياً من الطرفين سيسقط الطرف الآخر»، مضيفاً أنّ سوريا «باتت منقسمة يذبح أطراف القتال فيها بعضهم بعضاً». وأقرّ وزير الدفاع الإسرائيلي بأنّ إسرائيل أقامت مستشفى ميدانياً على الحدود، حيث تقدم الإسعافات الأولية للجرحى الذين يصلون إلى المكان، وأن بعضهم يُنقلون إلى المستشفيات في البلاد. وأضاف أن إسرائيل لا تنوي إقامة معسكرات لاجئين، وادّعى أنّ الهدف هو تقديم مساعدات إنسانية فقط. من جهة أخرى، شدّد مدير معهد أبحاث الأمن القومي والرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، اللواء احتياط عاموس يادلين، على أنّ الوضع الاستراتيجي لإسرائيل «في حال سقوط الأسد سيكون أفضل»، مؤكداً أن «السيناريو الأفضل (لإسرائيل) هو نصر المعارضة السورية العلمانية التي ستعيد بناء سوريا من جديد».
وفي ما يتعلق بالمواقف التي أطلقها الرئيس السوري بشار الأسد، خلال مقابلته مع قناة «المنار»، رأى يادلين أنّه «بالرغم من أنه كان عدوانياً جداً... وأن هناك ضغوطاً تمارس عليه لفتح جبهة في هضبة الجولان، لكنه لم يقل كلمة أنه سيفعل ذلك». هذا مع الإشارة إلى أن الرئيس الأسد أكد أنّه أبلغ كافة الجهات المعنية أن سوريا سترد على أيّ اعتداء إسرائيلي جديد. لكن يادلين حذّر، أيضاً، من أن عدم الرد على الضربات التي نُسبت إلى إسرائيل، بحسب تعبيره، في الأسابيع الأخيرة، لا ينبغي أن يدفعنا ذلك إلى القول إنّ هذا الأمر سيتكرّر في المرة المقبلة عندما تهاجم إسرائيل مرة أخرى الداخل السوري. لكنه لفت إلى أنّه في حال كان ردّ الأسد «أكثر شدة فسيعرض نظامه للخطر»، مؤكداً «أنّه (الأسد) لا يريد أن ترد إسرائيل بكامل قوتها». وفي ما يتعلق بصفقة صواريخ «أس 300»، رأى يادلين أنّ «الروس يصرّون على دعم الأسد لكونه يمثّل المنطقة الأخيرة لهم في الشرق الأوسط، ويحاولون إعادة تموضعهم كدولة عظمى عالمية. وفي هذا الإطار يرون سوريا المكان الأخير لهم».
أما عن إمكانية تقويض العلاقات الدبلوماسية مع روسيا، في حال هاجمت
إسرائيل منظومة الصواريخ الروسية، فرأى يادلين أن الأمر «مرتبط بموعد الهجوم نفسه»، لكنه عاد وأكد «في حال هاجمت إسرائيل سفينة روسية، فمن المتوقع حصول تدهور في العلاقات» بين الطرفين الإسرائيلي والروسي، رغم استدراكه بأنه لا يعتقد أن هذا الخيار سيتحقق، «بل ستهاجم هذه الصواريخ وهي في الأيادي السورية». ولفت يادلين إلى أنّ منظومة صواريخ «أس300» لا تلائم عمل حزب الله.
في السياق نفسه، نقلت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي عن مصادر أمنية رفيعة المستوى تلميحها إلى أنّ الدولة العبرية جادة في تهديدها بمهاجمة شحنات الصواريخ الروسية إلى سوريا.