عاموس غلبوع ــ «معاريف» أعترف بالحقيقة، أردت بكل القوة أن يسقط نظام (الرئيس بشار) الأسد ويختفي، ولكن التفكير البارد والحذر الذي يستند ضمن أمور أخرى إلى التجربة والتعلم عن المجتمع والنظام في سوريا الدولة/ وسوريا في العهد العثماني هو الذي يملي تقديري. رأيي الثابت هو أنّ الأسد فقد منذ زمن بعيد شرعيته والدولة الوطنية السورية تتفكّك، ولكن بين هذا وبين سقوط نظام الأسد المسافة واسعة.

بتقديري، عائلة الأسد والحكم الذي أقامته في سوريا منذ السبعينيات شكل ويشكّل، إلى جانب إيران العدو الأكثر خطراً، الأكثر دهاء والأكثر وحشية بالنسبة إلينا... أكثر من «ألف» عصابة للقاعدة وأمثالها. كل يوم يواصل فيه البقاء في الحكم سيئ وخطير لدولة إسرائيل.
ومقابل هذا التقدير، تعرض حجتان مركزيتان: الأولى هي أنّه في زمن حكم عائلة الأسد كانت لنا حدود هادئة منذ اتفاق فصل القوات عام 1974، بمعنى أنّ هذا هو نظام يريد الهدوء وأنه سيكون لنا خير في الحدود مقابله. في هضبة الجولان كان هدوء حقاً، ولكن نظام عائلة الأسد جعل لنا الموت عبر الحدود اللبنانية، وسفك من هناك دمنا من خلال مبعوثيه وعلى رأسهم منظمة حزب الله، التي طورها وسلحها لهذا الغرض؛ هو الذي استضاف في دمشق كل قيادات منظمات الإرهاب المختلفة، وعلى رأسها حماس وحرص على تسليحها وتدريبها. المهم أن يسفكوا دماً يهودياً، وتقوم أيادي سوريا نقية. والمثيرون للشفقة في إسرائيل يتباهون بالحدود السورية الهادئة. وبالمناسبة، في الستينيات، أيضاً، قبل صعود (حافظ) الأسد، عرفت الأنظمة في دمشق (باستثناء فترة واحدة قصيرة الأيام) كيف تستخدم ضدنا الإرهاب عبر الأردن وعبر لبنان فقط، ليس من داخل الحدود السورية. وكان شعارهم دوماً: «مهمة الأشرار ينفذها آخرون».
الحجة الثانية حظيت بصدى واسع في شكل القول بأنّه خير لنا الشيطان المعروف المتمثل بالأسد على الشياطين غير المعروفة الذين سيأتون في أعقابه. وأعتقد أن هذه حجة مغلوطة من أساسها. لماذا؟ لأن الأسد الحقيقي لم يكن حقاً معروفاً في الماضي لمؤسستنا الأمنية؛ هذه المؤسسة وكثيرون آخرون اعتقدوا بأنّ هذا شاب طيب مع تعليم غربي يرغب في السلام. وفقط إذا ما أعطي كل هضبة الجولان فإنّه سيقطع كل علاقاته مع إيران وحزب الله. لقد آمنت مؤسستنا الأمنية بذلك حتى عندما تبيّن أنّ هذا الشاب اللطيف يطوّر قدرات نووية. ثانياً، العلاقة الشجاعة والوثيقة التي كانت له في الماضي مع حزب الله وإيران أصبحت الآن حلفاً دموياً. وعلاقته مع روسيا توثقت هي أيضاً. كل الجلبة والتوتر والمخاطر حول مسألة صواريخ «إس 300» ما كانت لتولد لو ان نظام الأسد سقط. وبالمقابل، لا يهم من يستولي على السلطة بعد سقوط الأسد ونظامه. فكائناً من يكون لن تكون في أيديه كل عناصر القوة السياسية والعسكرية لنظام الأسد. عندها ستكون عصابات إسلامية متطرفة في هضبة الجولان. والفوضى ستسود في سوريا. وبالفعل: من ناحية إسرائيل سيكون دوماً من الأفضل التعامل مع ثعالب صغيرة تعضّ من أن يكون مع أسد جريح وغاضب مسنود بملك الأسود الإقليمي الإيراني.