حذّر خبراء وسائل الإعلام العبرية ومحلّلوها، أمس، من «التحول الاستراتيجي» في سوريا، بانكسار المعارضة المسلحة وانتصار النظام، مشيرين الى توقع بات سائداً في تل أبيب، بأن تنسحب الانتصارات المحققة في مدينة القصير على أكثر من منطقة سورية، بما يشمل ريف دمشق وحمص، ولاحقاً مدينة حلب وريفها.
ووصفت القناة الثانية في التلفزيون العبري انتصار الجيش السوري في القصير «بالإنجاز الكبير للرئيس (السوري بشار) الأسد، وضربة قاسية جداً للمعارضة السورية»، إذ إن «القصير كانت تستخدم كمعبر وشريان حيوي واستراتيجي للمسلحين، انطلاقاً من الحدود اللبنانية السورية». وقدرت القناة أن «سقوط القصير هو أول الانتصارات المحققة لمحدلة الجيش السوري ومقاتلي حزب الله، الذين يعملون أيضاً على طرد المسلحين في ريف دمشق وحمص، وربما قريباً أيضاً، من مدينة حلب في الشمال».
بحسب القناة، فإن «القوات النظامية السورية تحقق إنجازاتها بمساعدة من حزب الله وإيران ودعمهما، ومن شأن هذه الإنجازات أن تمنع عن المسلحين المبادرة إلى شن هجمات مضادة، وربما لأشهر طويلة، ما يعني تعزيزاً لسيطرة الأسد على الأجزاء الأكثر أهمية من الأراضي السورية»، مضيفة إنه «إذا لم تشهد سوريا تدخلاً خارجياً، فإن الكفة ستبقى تميل لصالح الأسد».
وفيما اكتفت القناة الأولى في التلفزيون العبري بالإشارة الى أن «ما يجري حالياً في سوريا يؤثر على صانع القرار في إسرائيل، وتحديداً ما تحقق من إنجازات في القصير»، أكدت القناة العاشرة العبرية أن «سقوط القصير هو تحوّل لا سابق له، وسيتسبب بانعكاسات واسعة النطاق على مجمل الساحة السورية، بما يشمل الجانب المعنوي وأصل القتال والحرب الدائرة في سوريا».
إلى ذلك، نشر «مركز المعلومات الاستخبارية والإرهاب»، أمس، بحثاً حول النشاط العسكري لحزب الله في سوريا، قال فيه إن هناك الآلاف من عناصر الحزب يشاركون في أنشطة قتالية وغير قتالية مختلفة في مناطق متعددة من سوريا. والمركز الإسرائيلي هو مركز متفرع عن مركز التراث الاستخباري، التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي.
وبحسب ما جاء في البحث، فإن تدخل حزب الله في سوريا يتوزع على مجموعة مهمات، منها القتال المباشر وتدريب القوات النظامية السورية وتوجيهها على أساليب حرب العصابات والقتال في الأماكن المبنية، إضافة الى تأهيل القناصة والنشاط الاستخباري، مع أنشطة أخرى تتعلق بحماية الحدود السورية اللبنانية من الخروقات.
وأكد المركز على الدور الفاعل والمؤثر الذي يقوم به حزب الله في تأهيل الميليشيات المسلحة الموالية للنظام، والمعروفة باسم «الجيش الشعبي»، الذي تم تشكيله في محاولة للاستعداد لـ«مرحلة ما بعد الأسد»، منوهاً بتصريحات ومواقف صدرت أخيراً عن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، أفيف كوخافي، الذي أشار في كلمة له أمام مؤتمر هرتسليا، قبل أسابيع، إلى أن تعداد الجيش الشعبي يبلغ حالياً 50 ألفاً، وأن هذا العدد مقدر للارتفاع ليصل لاحقاً الى مئة ألف.
وقدر البحث الاستخباري الإسرائيلي عدد قتلى حزب الله في سوريا بـ 96 قتيلاً، من بينهم نحو 60 في معارك القصير، ونحو 22 في مهمات الدفاع عن مقام السيدة زينب في ريف دمشق. وعرض البحث لما سماه مزايا ومخاطر «تورط» حزب الله في سوريا، فرأى أن أولى هذه المزايا هي إمكان استحواذ حزب الله على وسائل قتالية متطورة، موجودة في ترسانة الجيش السوري، إضافة الى ميزة أخرى في وجود مقاتليه في سوريا، الأمر الذي يمكنه من العمل على فتح جبهة الجولان ضد إسرائيل.
وشدد المركز على المخاطر التي يمكن أن تعترض مصالح حزب الله من «التورط» في سوريا، مشيراً الى إمكان انزلاق الحرب السورية إلى الداخل اللبناني، وإمكان الإضرار بصورة حزب الله أمام الرأي العام العربي، بسبب ظهوره كمن يساعد «نظام الأسد المجرم». وعدّ البحث بروز جهات إرهابية تابعة للجهاد العالمي، من بين المخاطر المتأتية عن نشاط حزب الله في سوريا، والتي «من شأنها أن تخفف من وهج حزب الله، كرائد المقاومة».
الى ذلك، أكدت مصادر أمنية إسرائيلية لصحيفة «إسرائيل اليوم»، وجود ما سمته «مؤشرات أولية» عن نية لدى حزب الله لإيجاد موطئ قدم عسكري في الجولان، تمهيداً لشن عمليات ضد أهداف إسرائيلية، انطلاقاً من هذه المنطقة. وأشارت المصادر الى أن «جهود الحزب ما زالت في مهدها، لكنها باتت ملموسة وحقيقية، رغم أنه مشغول حالياً في القتال الدائر في سوريا». وبحسب المصادر نفسها، فإن «حزب الله ينوي القيام بعملياته في الفترة المقبلة، وفقاً لما أعلنه (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله، و(الرئيس السوري بشار) الأسد».
وأضافت الصحيفة إن «رغبة حزب الله في إرساء وجوده في الجانب السوري من الجولان تعود الى إدراكه بأن الوضع الأمني في هذه المنطقة غير مستقر، وتقديره بأنه إذا لم يبادر إلى العمل في تلك المنطقة، بما يشمل تأسيس بنية تحتية عسكرية وعملانية، فإن المسلحين السوريين سيحلون مكانه»، مع ذلك، أكدت المصادر أن «التقدير السائد في إسرائيل يعتبر أن البنية التحتية لحزب الله في الجولان لن تشيّد غداً صباحاً، وتستلزم وقتاً»، لكنها أشارت الى أن «المسألة تعبر عن طموح ملموس وعملي لدى حزب الله».
وحول «معادلة منع نقل السلاح الاستراتيجي من سوريا الى حزب الله»، أشارت الصحيفة الى أن «التقدير السائد في إسرائيل يرى بأن الجانب السوري لم يتراجع عن نقل هذه الأسلحة الى لبنان»، لكنها أكدت في المقابل أنه «منذ الهجمات الأخيرة في سوريا، لم يشخص أية محاولة ملموسة لنقل أسلحة، رغم التقديرات الإسرائيلية التي ترى بأن حزب الله سيحاول استخلاص العبر من الهجمات، وسيسعى الى أن تتم عمليات النقل بصورة أكثر ذكاءً وحنكة».