حلب | قبل إطلاق الجيش السوري لعمليته التي حملت اسم «عاصفة الشمال»، كان هذا الاسم يثير الهلع لدى المسافرين وأصحاب المنشآت والمعامل شمالي حلب، ويرتبط باسم الجماعة المسلحة التي أسّسها، بالاسم نفسه، عمار داديخي (أبو إبراهيم) الذي اشتهر بخطف الزوار اللبنانيين قبل أكثر من عام، وبسيطرته على معبر السلامة الحدودي مع تركيا، وبممارسات وحشية بحق الأهالي. وتهدف عملية «عاصفة الشمال» في مرحلتها الأولى، وفق مصدر مطلع، إلى «إحكام الحصار على بلدة عندان وفتح الطريق الدولي حلب _ أعزاز، حتى مفرق بلدة نبل والزهراء المحاصرتين منذ أكثر من عام، حيث تقدمت مدرعات الجيش على هذا المحور، ووصلت إلى تخوم بلدتي حريتان وعندان».
وليلة السبت _ الأحد اندفعت عشرات المدرعات على عدة محاور في كفر حمرة ومعارة الأرتيق، وقامت آليات الهندسة بتجهيز استحكامات للمدرعات التي تقدمت ليلاً وتموضعت في عدة نقاط استراتيجية تمكنها من استهداف آليات المسلحين على امتداد كيلومترات عدة.
ويشارك في العملية مقاتلو «جيش الدفاع الوطني»، وتمكن هؤلاء المقاتلون ظهر أمس من السيطرة على «ضهرة كيليكيا» الواقعة بين بلدتي كفر حمرا وعندان.
ويسعى مقاتلو جيش الدفاع الوطني إلى التقدم جنوباً من نبل والزهراء نحو عندان وقضم المزيد من الأراضي الواقعة بين البلدتين، والإطباق مع الجيش السوري عليها من جهتي الغرب والجنوب.
وقال مصدر من قوات الدفاع الوطني إنّ «الهجوم النهائي الذي سيشنه الجيش السوري ستتهاوى معه قوات الجماعات الإرهابية التي أصبحت معنوياتها في الحضيض بعد يأسها من إمكانية التدخل الخارجي، وبفعل الانتصارات الباهرة للجيش السوري، وفرار كثير من قادتها إلى تركيا محمّلين بما سرقوه من أموال»، لافتاً إلى أنّ عديد قواته «ليسوا فقط من نبل والزهراء، بل هم من جميع قرى وبلدات الريف الشمالي، وبالأخص الذين أحرق المسلحون بيوتهم وأرزاقهم لأنهم يؤيدون الدولة ولم ينضموا إلى الجماعات المسلحة».
وأضاف المصدر لـ«الأخبار» أنّ «الخوف يسيطر على مقاتلي كثير من القرى في الريف الشمالي، وقد اتفقنا مع كثيرين منهم على تسليم أنفسهم والامتناع عن القتال مع التكفيريين والأجانب عند وصول الجيش إلى قراهم».
واعترفت تنسيقيات المعارضة، أول من أمس، بمقتل تسعة من المسلحين السوريين، وجرح العشرات، في المعارك التي شهدها محور جبل شويحنة _ معارة الأرتيق، ولم تعلن عن القتلى من جنسيات أخرى عربية أو أجنبية.
واستهدف المسلحون بلدتي نبل والزهراء بقذائف الهاون وصواريخ «غراد»، فيما قامت حوامة عسكرية بتدمير دبابة كانت تتموضع غربي الطامورة، ويستخدمها المسلحون في قصف البلدتين، وفق مصدر ميداني.
في موازاة ذلك، تستمر المعارك بين الجماعات المسلحة المنضوية ضمن «الجيش الحر»، وبينها جماعات كردية، وبين مسلحي وحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الواجهة السورية لحزب العمال الكردستاني .
أما غربي عندان، فقد تصاعد التوتر بين الجماعات المسلحة بعد قيام مجموعة محمود جسرية، الملقب بالخال، بإقامة حواجز على مفرق قبتان الجبل وفي الهوتة وبشقاتين وعنجارة وكفرناها، واعتراض المسلحين التابعين لمحكمة «الهيئة الشرعية» في الريف الغربي للضغط عليها مقابل إطلاق سراح مخطوفين لديها وعلى رأسهم محمود جسرية.
كذلك شهدت محاور الاشتباكات في المدينة مواجهات متفرقة، في وقت انفجرت فيه سيارة أثناء تفخيخها في حي بستان القصر الذي يسيطر عليه المسلحون، ما أوقع عدداً من القتلى والجرحى.
وفي السياق، وجهت «الهيئة الشرعية» في حلب، التي تمثل جماعات مسلحة مختلفة منها جبهة النصرة ولواء التوحيد وصقور الشام وأحرار سوريا وجماعات مسلحة أخرى، إنذاراً إلى الأهالي «لتسجيل أسماء ذويهم الموظفين لدى الدولة من عسكريين ومدنيين لتأمين انشقاقهم، في الفترة الواقعة ما بين 8 حزيران 2013 حتى 8 تموز 2013، وفق البيان الذي نشرته في أحياء عدة في مدينة حلب».
من جانب آخر، يسود الارتباك صفوف المسلحين. فبعد إعلان «هيئة الأركان المشتركة للجيش الحر» بزعامة اللواء المنشق سليم إدريس عزل العقيد المنشق عبد الجبار العكيدي من منصبه في قيادة المجلس العسكري لحلب وتعيين العقيد عبد الحميد زكريا بدلاً منه، رفضت قيادة لواء التوحيد في حلب، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وهو من أكبر التنظيمات العسكرية في ريف حلب الشمالي، التعامل مع أي بديل له، معتبرةً أنّه «لا يحق لأي قيادة أو أي جهة أن تعزل أي قائد عسكري دون الرجوع إلى المجاهدين في ساحات المعارك». وهذا ما دفع إدريس إلى سحب القرار والثناء على العقيد العكيدي.