ينشغل عمّال وحرفيّون غزّاويون في بناء سفينة تجارية في قطاع غزّة، ويعملون بلا توقف في ورشة متواضعة لصناعة قوارب الصيد وسط مرفأ الصيادين الصغير على الشاطئ، حيث يستعد ناشطون فلسطينيون وأجانب لإطلاق أول رحلة نقل تجاري بحري من القطاع الى دول أوروبية الشهر المقبل.
وبدأ العمال منذ الأحد الماضي على تحويل قارب صيد كبير ليكون أول سفينة للنقل التجاري في القطاع المحاصر. وتحمل اسم «سفينة فلك غزة» التجارية بمشاركة ناشطين أجنبيين، هما: ممثل اللجنة التنسيقية العليا لمشروع السفينة، مايكل كولمان، وعضو «أسطول الحرية»، تشارلي أندرسون.

ويقول رئيس جمعية الصيد البحري ومدير مشروع القارب التجاري، محفوظ الكباريتي، «بدأنا بإعداد قارب صيد كبير وتحويله الى سفينة نقل تجارية للبدء بتصدير منتجاتنا الفلسطينية من قطاع غزة الى دول العالم عبر مرفأ الصيد على بحر غزة». ويتوقع أن تنطلق أول رحلة للنقل التجاري في النصف الأول من تموز إلى أوروبا.
وبيّن الكباريتي أن الفكرة جاءت نتيجة «لممارسة إسرائيل الضغوط على دول العالم، وخصوصاً الدول الأوروبية التي كانت تنطلق منها سفن تحمل مساعدات إنسانية تموينية وطبية الى قطاع غزة لكسر الحصار».
ويبلغ طول سفينة فلك التجارية الصغيرة 24 متراً وعرضها سبعة أمتار وتبلغ حمولتها 80 طناً، كما يقول جمال بكر، الذي يملك عدداً من قوارب الصيد الكبيرة. وأضاف إنه في حال تركيب محرك بحري للسفينة، سترتفع كلفتها الى أكثر من 150 ألف دولار.
وقد أكد عشرات النشطاء الأجانب المتضامنين مع الفلسطينيين أنهم سيشاركون رفاقهم الفلسطينيين في دفع تكاليف هذه السفينة التجارية والإبحار على متنها، وفق ما أعلن الكباريتي.
ويقول تشارلي أندرسون، وهو ناشط سويدي، إنه سعيد بالمشاركة في مشروع سفينة فلك التجارية من أجل دعم الفلسطينيين بعد ست سنوات من الحصار على القطاع الذي «يجب أن ينتهي». ويعزو فكرة هذه السفينة الى عدم تمكن سفن التضامن الدولي من الوصول الى غزة. وعما إذا كان يتوقع أن تقوم إسرائيل بمنع هذه السفينة من الإبحار الى أوروبا، تساءل أندرسون «لماذا يمنعوننا؟».
لكن الكباريتي يأمل بدوره، «ألا تعمد إسرائيل الى منع هذا القارب التجاري من الإبحار إلى دول أوروبية»، قبل أن يستدرك قائلاً «من الطبيعي ألا تسمح السلطات الإسرائيلية بإبحار القارب من غزة إلى دول العالم. بالنسبة إلينا، نريد أن نوصل رسالتنا للعالم، سواء منعنا الاحتلال الإسرائيلي أو سمح لنا بالإبحار. نريد تسليط الضوء على الحصار الذي يحرم المنتجين الفلسطينيين من تصدير منتجاتهم إلى العالم، ونحن لدينا ميناء (مرفأ) يمكن أن نستخدمه».
ويشير الكباريتي الى أن «المتضامنين الأجانب من مختلف دول العالم، وخصوصاً من دول أوروبية، يشاركون في إقامة السفينة وسيكونون على متنها في أول رحلة». ويؤكد أن الهدف «ليس إغاثياً أو إنسانياً مثل سفن التضامن التي كانت تأتي الى غزة، إنما محض تجاري لدعم الاقتصاد الفلسطيني وفتح الطريق لتصدير المنتجات الفلسطينية من القطاع الى العالم».
ويقول محمد أبو سلمي، صاحب مصنع للأثاث في غزة: «نضع أملاً كبيراً بنجاح أول رحلة تصدير عبر البحر الى أوروبا لإنهاء معاناة المنتجين الفلسطينيين». ويتابع، وهو يشير الى طقم سفرة فاخر صنع في ورشته الصغيرة في حي الزيتون شرق مدينة غزة، «لدينا خبرة عظيمة وأيدٍ عاملة ممتازة في مجال صناعة الأثاث، وكنا نصدر لإسرائيل ومنها الى دول أوروبية قبل الحصار، والجميع يشيد بصناعتنا».
(أ ف ب)