القاهرة | «20 يونيو»، الساعة الصفر لبدء التحرك الفعلي لتأمين القصر الرئاسي الذي يقطنه الرئيس محمد مرسي. التحركات تشمل تركيب أجهزة التشويش والانتهاء من التعديلات في الاستديو الملحق بالقصر والمجهز بأعلى تقنيات صوتية وتصويرية حديثة لإذاعة البيانات الرئاسية. هذا ما كشفته مصادر الحرس الجمهوري لـ«الأخبار». وكشفت المصادر التي فضّلت عدم ذكر اسمها عن أهم الاستعدادات الأمنية التي يقوم بها طاقم الحراسة الخاص برئيس الجمهورية. وأضافت أن الرئيس أصدر قراراً بمنع الإجازات لكل العاملين في القصر الرئاسي، بدءاً من مجموعة العمال والفنيين وانتهاءً بطاقم الحراسات الخاص، الذي تضاعف عدد أفراده أخيراً ليصل عدد المؤمنين للموكب الرئاسي إلى 30 سيارة تأمين، تقل الواحدة خمسة ضباط، فيما كان عددها في النظام السابق لا يتعدى 5 سيارات في الأحوال العادية، و10 سيارات خلال الزيارات الرسمية، ما عدا سيارات الشرطة.
وأشارت المصادر الى أن شركات الإنترنت ستبدأ تقليل سرعات تحميل محركات البحث المختلفة بعد إصدار أوامر مشدّدة لها بذلك، مع وضع أجهزة تجسس وتتبع متطورة لرصد المكالمات التي سيتبادلها المتظاهرون في محيط القصر الرئاسي، إضافة الى تركيب البوابات الإلكترونية التي ستحول بين أيادي المتظاهرين وجدران القصر.
التعليمات الواضحة الصادرة لطاقم الحرس الجمهوري هي ضبط النفس والتعامل بحذر مع المتظاهرين، والاكتفاء باستخدام خراطيم المياه لتفريقهم في حال اقترابهم من القصر الرئاسي، تليها مرحلة استخدام «رصاص الصوت» الذي يعمل على إخافتهم فقط. أما إذا تطورت الأمور الى حد العنف الدموي، يكون الرصاص الحي مصير كل من يخرب أو يسفك دماء الأبرياء.
الجلسة التي جمعت مرسي بقائد حرسه الجمهورى أخيراً، وفق المصادر نفسها، كانت شائكة بكل المقاييس؛ فقد وبّخ الأول الثاني على تساهل رجاله في التعامل مع المتظاهرين خلال موقعة الاتحادية الأولى، التي شهدت أعمال عنف سالت فيها دماء وانتُهكت فيها الحرمات، فيما أكد الثاني أن أشرطة التسجيل التي رفعها أعضاء في جماعة الاخوان المسلمين الى مستشاري الرئيس ما هي الا جزء من خطة تعامل هادئ مع المتظاهرين لتجنب تفاقم الأوضاع، مشيراً الى أن طاقمه يعمل وفق المصلحة العامة التي تستوجب الهدوء والتروي عند تنفيذ سيناريوات التصدي لغضب الشارع، والتي تتضمن «خططاً ثابتة ومتحركة وأخرى للتمويه».
بدوره، قال الباحث الأمني هاني الأعصر، لـ«الأخبار»، إن الرئيس يفاضل بين 3 قصور رئاسية للحضور فيها خلال فترة التظاهرات: البديل الأول والأكثر أمناً، وفق الرؤية الأمنية، هو قصر عابدين الذي يتوسط منطقة وسط البلد في القاهرة ويبعد خطوات عن كل الوزارات السيادية ومجلسي النواب والشورى، ويفصل بينه وبين وزارة الداخلية شارع واحد. أهمية قصر عابدين ترجع إلى احتواء مبناه على أنفاق تحت الأرض تمكن الرئيس من الهروب والتعامل مع العنف بشكل آمن، وذلك باستخدام السراديب الموجودة أسفل جدرانه للخروج الى أكثر من شارع، لكن خطورته الحقيقة تكمن في ابتعاده عن ميدان التحرير بضع خطوات، بمعنى أنه مرمى جيد لاستهداف شخص الرئيس.
البديل الثاني هو «قصر كوبري القبة» الذي يخضع لتأمين مباشر من وزارة الدفاع بحكم اقترابه من مقرّها في منطقة حدائق القبة، لكن الرؤية الأمنية تستبعد احتماء مرسي في هذا القصر لصعوبة تحرك أنصاره في محيط وزارة الدفاع، لأنها لن تقبل بإراقة الدماء المصرية ولن تسمح بنشوب معارك بين مصريين يحملون انتماءات سياسية مختلفة.
البديل الأخير هو بقاء مرسي في قصر الاتحادية، وهو الأقرب لوجوده فيه بسبب الحالة الأمنية التي تُفرض حالياً على مداخل القصر ومخارجه وباقي الاستعدادات التي تُفرض على سكان المنطقة قبيل التظاهرات. لكن الدكتور ثروت الخرباوي، القيادى الإخواني المنشق، أكد لـ«الأخبار» أن الإجراءات الأمنية المشدّدة على قصور الرئاسة وعلى منزلي رئيس الجمهورية في التجمع الخامس في القاهرة وفي محافظة الزقازيق مجرد تمويه، والمكان الحقيقي المقرر أن يختبئ فيه مرسي لن يُعلن مع وجود ترجيحات بسفره الى الخارج في السودان أو أي بلد عربي آخر.
التفسير الوحيد لحالة الفزع التي يعاني منها الرئيس، وفق الخبير الأمني محمود قطري، هو ظهور مجموعات في وزارة الداخلية، من ضباط وأمناء شرطة، أعلنت انضمامها الى الشعب خلال تظاهرات 30 حزيران المقبلة، خلال مؤتمر حاشد عُقد في دار الضيافة مساء أول من أمس، مؤكدين فيه أنهم لن يُستخدموا كأداة في أيدي الأنظمة لإجهاض تحركات المصريين، ودورهم سينحصر في حماية المنشآت والأرواح، ولن تُستخدم العصا إلا مع المسلحين الخارجين على القانون.
سبب هذا التغيير الجذري في الشخصية البوليسية المصرية، بحسب الخبير الأمني، يعود الى الهجمة الإسلامية الشرسة التي أزهقت أرواح زملائهم أخيراً في سيناء والاسكندرية وعدد من المحافظات، مع استهداف واضح لكل القيادات الأمنية التي تولّت ملف الإسلاميين في السنوات الماضية، ما دفع وزير الداخلية إلى تغيير نغمة تصريحاته من الردع الى المواءمة مع الضباط المتمردين.
الجيش، بدوره، يتابع بترقب ويرصد كل التحركات، لكنه لن يتدخل إلا في حال تحول ميادين مصر وشوارعها الى حروب دموية، فيما أوضح الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، في رسائل غير مباشرة، أنّ القيادة العسكرية تقف على مسافة واحدة من الفصائل السياسية المختلفة، ولن تقبل بساحات دموية في مصر ومحافظاتها، وستحافظ على الشرعية المستمدة من تأييد الشارع المصري.



«لعبة القط والفأر»

حيلة جاسوسية تستخدمها إسرائيل دوماً لاختراق الأمن القومي لمصر، مستغله احتياج المصريين، لكن جهاز المخابرات العامة يتلذّذ دوماً بإجهاض هذه المحاولات. الحكاية هذه المرة، والتي كُشفت أول من أمس، تتعلق بصاحب مكتب خاص يبلغ من العمر 39 عاماً ويهوى التواصل الإلكتروني، وهو ما أوقعه في فخ «الموساد». استدرج العميل بعض العاملين في المجرى الملاحي لقناة السويس للحصول على معلومات متعلقة بتوقيتات الورديات المختلفة وأسماء السفن العابرة للقناة وجنسياتها والمواد التي تحملها.
تتبع جهاز المخابرات العامة للعميل بدأ منذ قرابة عامين، عندما شعر بتحركاته المريبة، رغم لجوئه إلى تقديم بلاغ حول معلومات كاذبة هدفها إيصال رسالة أن هناك جهات تحاول تجنيده. المواد التي ضبطتها المخابرات العامة بحوزة المتهم أكدت صحة المعلومات التي أدانت الجاسوس، وتضمنت جهاز كمبيوتر محمولاً حوى صوراً لقناة السويس وتحركات الجيش الميداني الثاني وتظاهرات أهالي مدينة بورسعيد. كذلك عُثر داخل مكتبه على أجهزة تشويش وهواتف محمولة غير قابلة للتتبّع وكاميرات ذات تقنيات عالية وأجهزة تواصل إلكترونية دقيقة. ومع اعترافات الجاسوس، أصدر النائب العام المستشار طلعت إبراهيم قراراً بحبس المتهم 15 يوماً على ذمة التحقيقات لتستكمل نيابة أمن الدولة العليا وجهاز المخابرات العامة الحصول على معلومات دقيقة عن الشبكة التي حاول تأليفها للحصول على معلومات تخص الأمن القومي المصري.