أديس أبابا | أنهى وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو والوفد المرافق له زيارة الى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد عقد جلسة من المباحثات مع وزير الخارجية الإثيوبي، تادروس أدهانوم، للتفاوض حول تقليل المخاطر والأضرار التي قد يسببها استكمال مشروع سدّ «النهضة» للأمن القومي والمائي المصري، وهي الزيارة التي تصفها الحكومة المصرية بالهامة لتوضيح الشواغل المصرية بشأن السدّ ورؤيتها لحل هذه الأزمة.
وعلمت «الأخبار» من مصادر شاركت في زيارة وزير الخارجية أن مصر عرضت خلال جلسة المفاوضات مع وزير الخارجية الإثيوبي عدداً من البدائل الفنية التي ترى مصر أنها مناسبة لمصلحة البلدين وعدم الحاق الضرر. وأوضحت أن هذه البدائل تتمثل في الرجوع إلى أبعاد ومواصفات سدّ الحدود ذي السعة التصميمية 14.5 مليار متر مكعب وارتفاع 90 متراً، والذي سبقت دراسته من خلال مشروع الربط الكهربائي والتجارة البينية في مكتب النيل الشرقي التابع لمبادرة حوض النيل، والاتفاق مع مصر على عدد من الشروط، التي تمنع حدوث أي آثار سلبية على مصر بدلاً من تنفيذ سدّ «النهضة» بسعته الضخمة.
وخلال المفاوضات، عرض كامل عمرو على نظيره الإثيوبي مطالب مصرية للتعويض عن أي ضرر قد يتسبب فيه السد، والاتفاق في ما بعد على دراسة آلية التعويض عن التأثيرات السلبية على مصر على المدى الطويل، والمتمثلة في زيادة العجز المائي في فترات الجفاف وتقليل انتاج الطاقة من السدّ العالي، والتنسيق التام مع الجانب الإثيوبي على قواعد وشروط ملء الخزان الملحق بالسد، والمقرّر أن يخزن 73 مليار متر مكعب من المياه.
وأضافت المصادر أنّ مصر تسعى الآن إلى ايجاد آلية فنية وقانونية تسمح لها بالمشاركة في الملء والتشغيل والإدارة لسدّ «النهضة»، كي لا يكون هناك أي أضرار سلبية على مصر، كما كان الاتفاق مع أوغندا خلال بناء خزان أوين في 1949. ورغم تصريحات عمر التي تبدو ايجابية، لم تلق المطالب المصرية قبولا كلّياً لدى الجانب الإثيوبي، الذي أكد عدم امكانية الرجوع عن المواصفات الفنية للسدّ أو تقليل السعة التخزينة ولا التنازل عن توليد الطاقة المستهدفة والتي تصل إلى 6000 ميغا وات حتى استكمال البناء. مع ذلك، فان أديس أبابا لم تغلق باب التفاوض، وأبدت ترحيبها بعقد جلسات أخرى للحوار حيث تم الاتفاق على إيفاد وفد من الحكومة الإثيوبية إلى القاهرة لتوضيح وجهات نظرهم بشأن السدّ.
وأكدت مصادر بالوفد المصري المشارك في زيارة وزير الخارجية لـ«الأخبار» أن عدم قبول الجانب الإثيوبي للمطالب المصرية لا يعني نهاية المطاف، ولكنها فقط بداية التفاوض، وكان على الجانبين أن يعرضا وجهة نظرهما بشكل أولي، فضلاً عن إزالة الآثار السلبية لدى الجانب الإثيوبي من بعض التصريحات التي صاحبت إعلان إثيوبيا لتحويل مجرى النيل الأزرق، والتأكيد على عدم نية مصر الحديث عن أي حلول عسكرية أو التسبب في أي مشاكل أمنية لإثيوبيا.
وتبدي مصر رغبتها من خلال هذه الزيارة في استكمال التفاوض الدبلوماسي والقانوني مع الجانب الإثيوبي دون اللجوء لأي من القوى الدولية في الوقت الراهن، حسب ما أكدته مصادر دبلوماسية لـ«الأخبار»، موضحةً أن هذه الزيارة لن تكون الأخيرة ولدى مصر المزيد من اوراق التفاوض غير المعلنة.
وتوجه محمد كامل عمرو إلى السودان، أمس، لتوصيل رسالة شفهية إلى الرئيس عمر البشير من نظيره محمد مرسي وبحث العلاقات الثنائية بين البلدين والتنسيق لعقد اللجنة المصرية السودانية في القاهرة بداية تموز القادم.
وكانت الإدارة السياسية المصرية قد تلقت عددا من عروض الوساطة المصرية، الإفريقية والدولية لحل أزمة سدّ «النهضة» وتقريب وجهات النظر بين مصر والسودان وباقي دول منابع النيل. إلا أن القاهرة لم تبد رغبتها في الترحيب الكامل مفضلة الاستمرار في مشروعات التعاون الثنائي مع كل من دول منابع النيل والدعوة إلى المفاوضات للنقاش حول القضايا العالقة بشأن مياه النيل.
وفي القاهرة، قررت محكمة جنح مستأنف الأميرية، إخلاء سبيل الرئيس السابق حسني مبارك من دون ضمان على ذمة التحقيقات التي تجري معه بشأن تضخم ثروته والاتهامات المنسوبة إليه بتحقيق كسب غير مشروع، لكنه سيبقى محتجزاً على ذمة قضايا أخرى.
في غضون ذلك، استمرت التظاهرات لليوم التالي على التوالي في محافظات مصر احتجاجاً على حركة المحافظين الأخيرة التي أعلنها الرئيس محمد مرسي قبل يومين، وعين بموجبها 7 محافظين من الإخوان، إضافة الى اثنين بقيا في منصبيهما و6 محافظين من العسكريين للمحافظات الحدودية، من أصل 17 محافظة.
وأكد المتظاهرون أمام ديوان عام محافظة الأقصر، التي عُين لها محافظ إخواني، أنهم سيعطون الرئيس مرسى مهلة حتى منتصف ليل أمس، ليتراجع عن قراره، والا فسيعلنون استقلال المحافظة وتنصيب أحد أبنائها محافظاً يدير شؤونها. وفي ساعات المساء، انضم وزير السياحة، هشام زعزوع، الى المحتجين معلناً استقالته على خلفية تعيين المحافظ الإخواني.
كما اقتحم العشرات من المتظاهرين مبنى محافظة الإسماعيلية وحاصروا مكتب المحافظ. فيما أعلن التيار المدني وعدد من القوى السياسية والثورية الأخرى في الإسكندرية، رفضهم لتعيين المستشار ماهر محمد الظاهر بيبرس محافظا، واعتبروا أن «من عينه هو شخص فاقد للشرعية»، ودعوا الى وقفة احتجاجية امام المجلس المحلي اليوم.