بدت معركة القصير في محافظة حلب غرب سوريا من أصعب المعارك بالنسبة للفصائل المسلحة المعارضة للنظام، فقد حصلت «الأخبار» على محضر اجتماع تم تسريبه من إحدى غرف الدردشات التونسية على موقع التواصل «بالتوك»، تحدث فيه قائد «الجيش الثوري» في حلب العقيد عبد الجبار العكيدي، عن كيفية «بيع جبهة النصرة (في معركة القصير) وتخاذل الكثيرين من الذين يدّعون أنهم ثوار مما ادى الى انسحابهم». واكد وجود مقاتلين تونسيين يشاركونهم وجبهة النصرة القتال ضد النظام السوري. واتهم الضابط العكيدي في معرض حديثه كلاً من المتحدث باسم الجيش السوري الحر لؤي المقداد والنائب اللبناني عقاب صقر، بالضغط على قيادة هذه التشكيلات المُسلحة من أجل عزله من منصبه، قائلاً «أنا عضو في هذا المجلس (العسكري الأعلى) ولكن لا أحضر اجتماعاته ولا يعنون لي، هذا المجلس يوم دخلنا الى القصير اجتمع في اسطنبول وقرر بتعليمات من عقاب صقر ولؤي المقداد أن يقيلوني من مسؤولية المجلس العسكري في حلب، لأنني تهجمت على حزب الله وهددت بنقل المعركة الى داخل الضاحية الجنوبية، كون الاثنين شيعة».
وأضاف أن المجلس الأعلى أصدر قراراً بإقالته وتعيين عبد الحميد زكريا مكانه، قائلاً باللهجة العامية «زكريا لا يساوي نصف فرنغ عند المقاتلين.. لقد قام المقاتلون بالبصق على قرارهم (المجلس) وأبلغوهم بأنهم هم من اختاروني وعينوني قائداً للمجلس العسكري في حلب وبذلك رفضوا إقالتي».
وأوضح أن اللواء سليم ادريس ليس قائد المجلس العسكري الأعلى، بل هو رئيس هيئة الأركان في المجلس العسكري الأعلى والمؤلفة من 30 شخصية من كل جبهة 6 منهم سياسيون و11 ضباط و19 مدنيون.
وقال إن هيئة الأركان «منفصلون عن الواقع تماماً، ليس لديهم اي ارتباط بالداخل السوري، نحن كمجالس عسكرية نتبع لهيئة الأركان ولدينا تواصل مع اللواء ادريس بشكل شبه يومي، ولكن المجلس الأعلى العسكري، قسم منه موجود في باب الهوا والباقي موزع على جبهات، ومنهم في السعودية ولبنان، وقسم كبير في تركيا».
وعن معارك القصير، اتهم العديد من المجموعات المسلحة بالتخاذل او الخيانة، قائلاً «بكل أسف ثوار القلمون، وهم ليسوا بثوار بل مجموعة مهربين، لم يقفوا معنا على الاطلاق، بمن فيهم المجلس العسكري في القلمون، بقينا أربعة أيام نستطلع ونضع الخطط ولكنهم خذلونا بمن فيهم ثوار جويس والشيخ أحمد».
وتابع العقيد العكيدي «دخلنا الى مدينة القصير، بعدما أخرنا الأدلّاء يومين حيث اتفقوا مع قادة المحاور في القصير، وقسم منهم لم يكن يرغب بدخولنا لأنهم قرروا الانسحاب».
وعن ظروف الانسحاب قال «في البداية كانت المعنويات عالية ورحب بنا أهالي القصير لدى دخولنا المدينة وقد كبدنا الجيش النظامي وحزب الله خسائر فادحة، لكن في الأخير كانت الطائرات ومدافع النظام تقصف بقوة فقرر المقاتلون الانسحاب من دون سلاح. صارحوني بأن لديهم خطة بأن يُخرجوا المدنيين بحيث لا يتأذى ولا مدني، ولكن من دون سلاح ومن دون آليات ونخرج مشياً على الأقدام، قلنا لهم حينها نحن مع الجماعة ونحن في النهاية أغراب عن المنطقة، ولا ندرك الجغرافيا تماماً فتم الانسحاب».
وبرر الانسحاب بهذا الشكل بسبب «العامل النفسي الضاغط على الشباب الجرحى. وحالات جرحى مستعصية ولم يكن احد قادراً على المساعدة والموضوع اصبح صعباً ولم يكن باستطاعة احد تحمله خاصة مع سياسة الأرض المحروقة التي اعتمدت فيها الصواريخ الصغيرة، والصواريخ الفراغية من انتاج الحزب وايران، والتي هدمت البيوت بما صعّب على المقاتلين الاختباء والتخفي».
واشار الى أن «قادة التشكيلات لم يكن لديهم تواصل مع المقاتلين على الجبهات ولم يزوروهم هناك أبداً وهذه كانت مشكلة كبيرة، لم يكن لديهم غرفة عمليات، كما لم يكن يوجد تنسيق. والمحبة كانت مفقودة، أضف انعدام الثقة شبه الكامل بين القادة».
وكشف أن «هناك جماعات تدعي أنها اسلامية وهي صناعة النظام ومنهم استخبارات سورية وشبيحة، نحن نتابعهم ونراقبهم ومن فترة أعدمنا قائد لواء جيش محمد الموحد محمود المجدمي، ونائبه ابو طالب لأنهم سيئون ويسيئون للجيش الحر».
وأكد العكيدي عدم رغبة المعارضة المُسلحة بأن يحصل في سوريا ما حصل في أفغانستان والعراق، قائلاً «سوريا ليست بحاجة الى مقاتلين، لدينا مقاتلون أبطال يعشقون الشهادة، فقط نحن بحاجة لدعم بالمال والسلاح، والسلاح اكثر من المال لأن المال أفسد الثورة، ومقاتلو سوريا ومجاهدوها، قادرون على تحرير سوريا وحتى تحرير لبنان من عصابة حزب الله». وفي ختام حديثه قال الضابط السوري المنشقّ «نحن نرحب بالدعم الأميركي بإقامة منطقة حظر جوي ودعمنا بسلاح مضاد للطائرات والدروع، على أن لا يكون هذا الدعم مشروطاً بمواضيع تتعلق بالسيادة الوطنية».
ورفض موضوع «الصحوات»، قائلاً «هذا الموضوع كان قد طرح علينا سابقاً وقُدّم لنا عرض مالي وأنا رفضت. قلت لهم لا يمكن ان نكون كصحوات العراق. طبعاً هم يدعموننا لأهداف تهمهم في اسقاط النظام وليس حباً بنا، لأن اسقاط النظام بالنسبة لهم اولوية حرصاً على ان لا تتمدد رقعة الصراع الى باقي الدول العربية والخليجية وتشمل إسرائيل».
(الأخبار)