رام الله | أكد مصدر مقرب من مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمدالله، لـ«الأخبار» استقالته من منصبه، بسبب تعدّيات على صلاحياته، وذلك بعد أيام من تشكيل حكومته. وقال المصدر إن «الحمدالله قدم استقالته الساعة الرابعة عصراً إلى الرئيس الفلسطيني عن طريق رئيس ديوان الرئاسة الفلسطينية، حسين الأعرج». وعن دوافع الاستقالة المبكرة، أوضح المصدر أنها تأتي على خلفية ما سماه «تعدّيات» على الصلاحيات داخل الحكومة، مبيّناً أن الرئيس لم يبت في الاستقالة إلى الآن، ومن غير المعروف ما إذا كان سيقبلها أو يردّها.
في حين أشارت مصادر مطلعة إلى أن اجتماعاً سيعقد الليلة في مقر المقاطعة برام الله بين الحمدالله وأبو مازن، وعلى إثره سيتم حسم أمر قبول الاستقالة من عدمه.
وكان الرئيس الفلسطيني قد عيّن نائبين للحمدالله: زياد أبو عمرو، وهو وزير خارجية سابق في حكومة الوحدة الفلسطينية، ولديه علاقات دولية واسعة، والاقتصادي محمد مصطفى، الرجل الذي كان يفضله الرئيس لتولي رئاسة الحكومة لولا «الضغوط الأميركية»، بحسب وسائل الإعلام العبرية. هذا ما دفع البعض للقول، إن تعيين نائبين للحمدالله جاء لتقييد صلاحياته من قبل أبو مازن، لا سيما أن سلفه، الذي كان بدوره أيضاً محل ثقة لدى الإدارة الأميركية، كان يتمتع بصلاحيات واسعة كانت تطال أحياناً صلاحيات الرئيس نفسه، الأمر الذي عرّضه في أكثر من مناسبة إلى هجوم القيادات الفتحاوية.
المصادر المطلعة على ما يدور داخل أروقة الحكومة أشارت إلى أن محمد مصطفى هو من تدخل في الصلاحيات الإدارية والمالية لرئيس الوزراء، ما دفع الأخير إلى الخروج من مكتبه غاضباً بعد جدال حاد وقع بينه وبين مصطفى، وتقديم استقالته في اليوم التالي. فيما ذهب البعض إلى القول إن الاستقالة المفاجئة لم تكن سوى مناورة من الحمدالله لتدعيم موقفه، وتعزيز صلاحياته داخل الحكومة، لا سيما أنها كانت خطوة مفاجئة وغير متوقعة من القيادة الفلسطينية، التي ظلت تماطل في اختيار رئيس الوزراء الجديد حتى اللحظات الأخيرة من المهلة القانونية. وعن الخطوة القادمة في حال تم قبول استقالة الحمدالله، واحتمال تولّي أحد نائبيه المسؤولية، قال الأمين العام لمجلس الوزراء فواز عقل، إن «القانون الأساسي الفلسطيني ليس فيه مسمى نائب رئيس الوزراء وقد تم إسناد المنصب في الحكومة الحالية فقط لنائبين»، مؤكداً أن قرار إسناد الحكومة لأحد النواب أو إحدى الشخصيات في الحكومة هو من صلاحيات الرئيس أبو مازن فقط، وإن الرئيس هو من يحدد الإجراء القادم».
وفي أول رد فعل رسمي من جانبها، اعتبرت حركة «حماس» استقالة الحمدالله «دليلاً على أن الخطوات الفردية وغير التوافقية تبقى ضعيفة وغير مجدية ولا تحل المشكلة الفلسطينية الداخلية». وقال المتحدث الرسمي باسم الحركة «الحل الصحيح والسليم لا يكمن في تعدد الحكومات واستنساخ تشكيلات سابقة بل يكمن في تطبيق كل بنود اتفاق المصالحة، بما فيها تشكيل حكومة توافق وطني ترعى مصالح الشعب الفلسطيني وتنهي انقسامه وتلبي طموحاته».
ثمانية عشر يوماً على تولّي الحمدالله رئاسة الحكومة الفلسطينية، فترة زمنية قصيرة، لكنها كانت حافلة بالمشاكل والتحديات. فترة شهدت ارتفاع موجة الغلاء بشكل قياسي بعد إقرار رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع باهظ في تكاليف الكهرباء والمحروقات والسلع الأساسية، ودفع بالمواطنين إلى تنظيم وقفة احتجاجية في نابلس تنديداً برفع الأسعار، بعد أيام فقط من تشكيل الحكومة الجديدة، أيامٌ قليلة أيضاً مضت على إعادة تعيين جواد ناجي وزيراً للاقتصاد في حكومة الحمدالله، قبل أن يبادر مرافقوه إلى الاعتداء على الناشط نزار بنات في بيت لحم، عقب خلاف بينهما أثناء مؤتمر لمناهضة التطبيع في المدينة، ولم يحاسب الفاعل حتى الآن. هذه البداية المتعثرة كانت تنذر بتحدّيات وعقبات كثيرة كان سيواجهها الحمدالله في مهمّته، لكن في حال تمّ قبول استقالته، فستكون حكومته أقصر الحكومات عمراً منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية.