لا يزال موقف واشنطن ضبابياً بالنسبة إلى موسكو في ما يخصّ مؤتمر «جنيف 2»، رغم تأكيد الولايات المتحدة والغرب أحادية الحل السياسي، فيما أصرّت باريس على «التوازن العسكري» قبل أي مفاوضات. وأعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن أمله بأن يوضح نظيره الأميركي جون كيري موقف الولايات المتحدة إزاء المبادرة المشتركة لعقد مؤتمر «جنيف 2» خلال لقائهما المقبل في بروناي الأسبوع المقبل. بالمقابل، أكد كيري أنّ الحل السياسي وحده مطروح على الطاولة، وهناك اتفاق على عدم جدوى الحل العسكري.
ورأى لافروف، في تصريح لوكالة «ايتار - تاس»، أنّ تشبث المعارضة بشرط رحيل الرئيس بشار الأسد لحضور مؤتمر «جنيف 2»، في وقت أعلنت فيه الحكومة السورية موافقتها على حضور المؤتمر، «أمر مؤسف، لأن هذا المنطق يضع موضع الشك المبادئ التي من المقرر أن يعقد المؤتمر على أساسها، أي عدم طرح شروط مسبقة».
وأوضح أن الموضوع الرئيسي الذي يود مناقشته مع كيري هو مشاركة المعارضة من دون شروط في المؤتمر وتحديد موعد له.
بالمقابل، أكد كيري أنّ الحديث في سوريا هو عن تسوية سلمية بعكس الخيارات التي اتخذت في ليبيا لأن الوضع على الأرض في سوريا مختلف، موضحاً أن كل الأطراف المشاركة في النزاع السوري (روسيا، فرنسا، بريطانيا وقطر) مقتنعون بأنه ليس هناك حل عسكري واتفقوا على ضرورة الحل السياسي. ولفت كيري، من الكويت، إلى أنّ التوصل في مؤتمر «جنيف 2» إلى حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات أمر صعب، محذراً بأنه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، فسيكون هناك تقسيم طائفي يشكل تهديداً للمنطقة، وستستفيد منه الجماعات المتطرفة.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أكدت ضرورة عقد مؤتمر «جنيف 2» بأسرع ما يمكن، من أجل إطلاق حوار سوري شامل يسمح للسوريين في إطاره بتقرير مصير بلادهم بأنفسهم.
من جهة أخرى، ذكر بيان للخارجية الروسية، في أعقاب لقاءات المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، الثنائية مع كل من هيثم مناع، رئيس «هيئة التنسيق الوطنية» في المهجر، وصالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، ورئيس التجمع القومي الديموقراطي الموحد، رفعت الأسد، أنه «جرى التأكيد على ضرورة إطلاق عملية التسوية السياسية في سوريا بأسرع ما يمكن وبدون شروط مسبقة، وذلك عبر الحوار الوطني السوري بمشاركة ممثلي الفصائل السياسية والطوائف الرئيسية».
من جهته، كشف هيثم مناع أن «الجانب الأميركي المشارك في المباحثات التمهيدية لمؤتمر «جنيف 2» للسلام في سوريا، رفض حضوره المؤتمر»، لافتاً إلى أن «الأميركيين أصروا على أن أي ممثل مشارك عن الهيئة يجب أن يكون ضمن خيمة الائتلاف المعارض».
في سياق متصل، شدّد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ على أن قضية سوريا «أزمة دولية ملحة» تمثل خطراً متزايداً على المنطقة وعلى أمن بريطانيا. وأوضح هيغ، خلال ندوة في مكتبة رونالد ريغان في جنوب كاليفورنيا، أنّ «الحل الوحيد هو حل سياسي يجري الاتفاق بموجبه على حكومة انتقالية، وتسوية لتحقيق السلام ومنح الحقوق لكل السوريين».
من جهته، أكد وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، ضرورة حدوث توازن عسكري أفضل على الأرض في سوريا قبل الدخول في أية مفاوضات للتوصل إلى حل سلمي.
وشدد فابيوس، في حديث إلى إذاعة «مونت كارلو»، على «ضرورة أن يتفق الجميع في جنيف، على أن تكون لدى الحكومة سلطات تنفيذية وذلك يعني تجريد الأسد من أي سلطات، ومن ثم تنحيه عن الرئاسة».
كذلك أوضح أن «بلاده لم تقرر بعد إعطاء أسلحة قاتلة، إلا أنها تقوم بتزويدها بمواد غير مميتة»، مشيراً إلى أن «فرنسا تخشى من تزويد مقاتلي المعارضة بصواريخ مضادة للدبابات والطائرات، ثم تصل إلى أيدي جماعات متطرفة معادية للغرب تقاتل في سوريا».
في إطار آخر، شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أنه يتعيّن على إسرائيل أن تكون مستعدة لأي تطور للأوضاع في سوريا. وأضاف، خلال متابعته تدريبات عسكرية في الجولان أمس، «لا نريد أن نتحدى أحداً، ولكن لن يتمكن أحد من إلحاق ضرر بإسرائيل». وأشار إلى أن الوضع في سوريا أصبح سهل الاشتعال إلى الحد الذي لم تعد فيه التدريبات في مرتفعات الجولان تحمل طابعاً نظرياً.
وفي السياق، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أنّ «روسيا لا تزال على استعداد لإرسال قواتها لحفظ السلام الى مرتفعات الجولان».
في موازاة ذلك، توصلت روسيا والولايات المتحدة إلى مشروع قرار مشترك، من المقرر اعتماده في جلسة يعقدها مجلس الأمن الدولي اليوم للتمديد لبعثة فصل القوات في الجولان السوري المحتل «أندوف». المشروع يمنح القوة التي ستبقى عند مستواها قبل انسحاب النمسويين والكروات واليابانيين البالغ ٩١٣ جندياً ، بعد تأمين 500 من الجنود الفيجيين لهذه الغاية حق الدفاع عن النفس والحصول على أسلحة أشد مما لديها.
إلى ذلك، انتقد مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، مساعد الأمين العام للشؤون السياسية فرنانديز ترانكو، الذي «كرر نفس الخطأ الذي وقعت فيه الأمانة العامة» بعدم اكتراثه بالدعوات للتطرق «إلى الدور القطري بإعطاء التعليمات للإرهابيين باختطاف عناصر الوحدة الفيليبينية في الجولان».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)