الموعد يقترب والجميع يترقب. حالة من الخوف تسيطر على الشارع المصري كله سواء المؤيد منه للرئيس محمد مرسي أو المعارض له. ما الذي سيحدث يوم 30 يونيو؟ كيف سيمر هذا اليوم؟ هل ستكرر الشرطة فعلتها في ثالث أيام ثورة «يناير» وتنسحب من الشوارع لتفتح الباب أمام انتشار البلطجية لينشروا الرعب بين الناس؟ وهل ستدافع عن الرئيس؟ أم تحمي الشعب من العنف والفوضى؟
التصريحات المنسوبة لوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وكبار مساعديه تؤكّد أنّه لا عودة لـ «28 يناير»، وأنّهم «سيعملون على تأمين المتظاهرين ومنشآت الدولة». غير أنّ تلك التصريحات لم تسهم في إزالة أزمة الثقة بين رجال الداخلية والمواطنين من جانب، وبين رجال الداخلية والنشطاء من جانب آخر؛ بدأ ناشطون بالهجوم المبكر على الداخلية ومواقفها. وأكدوا أن الوزارة «لن تتغير» وهي «عصا النظام» طوال الوقت، مشدّدين على أنّه حتى إن أظهر عدد من ضباط الداخلية تعاطفهم مع تظاهرات 30 يونيو، فإن موقفهم هذا قائم على مشكلة شخصية مع النظام الحالي.
ولعلّ تكليف الرئيس للوزارة إنشاء وحدة لمكافحة البلطجة وقطع الطرق، ومهاجمة الأماكن الحيوية، وردّ إبراهيم بأنّ الوزارة تدرس الأمر، وأنّ تفعيل هذه الوحدة سيكون على وجه السرعة، يزيد من أزمة الثقة هذه، ويطرح شكوكاً في كون هذه الوحدة ستصطف الى جانب النظام مرة جديدة، ولا سيما أنها شُكلت بتعليمات منه.
لكن الشرطة حاولت في الماضي القريب أن تُطهر ماضيها، وهو ما ظهر جلياً خلال الاحتفال السنوي بيوم التدريب الشرطي، قبل أيام، حين أعلن وزير الداخلية أن «الوزارة أعدت خطة أمنية محكمة لتأمين التظاهرات التي دعت إليها القوى السياسية في 30 يونيو المقبل». ووعد بالتزام الوزارة «بتأمين فاعليات التظاهرات»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الوزارة لن تسمح بمحاولة استغلال الفاعليات والاعتداء على الممتلكات العامة والحيوية أو المنشآت الشرطية.
بل حاول وزير الداخلية أن يقطع الطريق على «المندسين»، معلناً «قررنا ارتداء ضباط وأفراد الأمن القائمين على تأمين تلك التظاهرات إشارات مميزة توضع على زي الضباط والجنود لمنع تقليد الزي الرسمي للشرطة». وأضاف «تلك الشارات ستظل سرية حتى يوم التظاهرات»، وهو ما يظهر أن هناك تخوفات من ارتداء مواطنين ملابس شرطية، واستخدامها في الوقيعة بين الشرطة والمتظاهرين.
الموقف الوسطي للداخلية لا يلقى صدىً لدى السياسيين والمواطنين، وخصوصاً في ظل تزايد حالة الانفلات الأمني. وحسب القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني أحمد فوزي، فان موقف الداخلية من حادث أبو النمرس وعدم قيامها بردّ العدوان، الذي قامت به مجموعة من السلفيين على منازل عدد من الشيعة في محافظة الجيزة وقتلهم أربعة منهم، يزيد الشكوك حول دور الداخلية، مشيراً إلى أن تظاهرات «30 يونيو» اختبار حقيقي للشرطة. قوات الشرطة ليست وحدها من سيحمي التظاهرات. الدور الكبير سيكون أيضاً للجيش، الذي تتسلط الأضواء عليه لمنع الانزلاق الى الفوضى أو الاقتتال الأهلي. وحسب مساعد وزير الداخلية السابق عبد الفتاح البديني، فإنه «بدون مشاركة الجيش ستتحول ميادين مصر الى ساحات حرب».
وقد بدأت قوات الجيش بالفعل الانتشار في عدد من المناطق الحيوية وفي جميع المحافظات مصر. غير أن وجود الجيش الى جانب الشرطة في تأمين ميادين التظاهر خلال «30 يونيو» احتفى به المعارضون بنفس القدر مع أنصار الرئيس ومؤيديه؛ ففي الوقت الذى اعتبرته «جبهة الإنقاذ» محاولة لردع الجموح الإخواني، وتأكيداً منه على عدم السماح بسيناريو الفوضى، الذي تخطط له الجماعات الإسلامية بالتعاون مع الإخوان المسلمين بمساعدة الولايات المتحدة وبعض القوى الخارجية مثل قطر، عدّته جماعة الإخوان المسلمين بمثابة إنذار واضح للقوى المعارضة، التي تدفع في اتجاه الانزلاق للاقتتال الأهلي وتهديد مؤسسات الدولة.