اتصالات روسية _ تركية على أعلى المستويات لن تغيّر شيئاً على أرض الواقع. الطرفان «مقتنعان» بسياستهما تجاه الأزمة السورية، في وقت انطلقت فيه عجلة التسليح الأميركي الرسمي لـ«معتدلي» المعارضة المسلحة. في هذه الأثناء، اتهمت إيران السعودية بأنها شريكة في الجرائم التي تحصل في سوريا عبر تزويدها «الإرهابيين» بالسلاح، مؤكدة، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، عباس عراقجي، أنّه «ليس هناك أي قوات إيرانية على الأراضي السورية، وتصريحات وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل مليئة بالتناقضات». وذلك بالتزامن مع انتقاد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، موقف السعودية من القضية السورية، مطالباً إياها بوقف «الأفعال الخطيرة» مثل «تمويل وتسليح المجموعات الإرهابية الدولية والمتطرفين».
وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في اتصال هاتفي الوضع في سوريا. وذكرت الدائرة الصحافية للكرملين، في بيان، أن «الزعيمين تبادلا الآراء حول الوضع الإقليمي وفي سوريا وحولها على وجه الخصوص»، وأن «الجانبين أعربا عن الاستعداد المتبادل لتنسيق الجهود لصالح التسوية السياسية للأزمة».
وأشارت مصادر دبلوماسية إلى التوقيت الزمني لهذا الاتصال، الذي جاء بعد يومين من اتصال مماثل بين أردوغان والرئيس الأميركي باراك أوباما. ولفتت المصادر إلى أنّ بوتين سعى إلى إقناع أردوغان بضرورة وقف المساعدات العسكرية للجماعات المسلحة في سوريا عبر الحدود، كما سعى إلى إقناعه بأهمية مشاركة إيران في مؤتمر «جنيف 2»، فيما سعى رئيس الوزراء التركي إلى إقناع بوتين بسحب دعمه لنظام دمشق، الذي «سيسقط عاجلاً أو آجلاً».
بدوره، شدد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في محادثة هاتفية مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو، على ضرورة الإسراع في عقد مؤتمر «جنيف 2».
في موازاة ذلك، أوضح وزير الدفاع الأميركي، تشاك هاغل، أنّ الأسلحة الأميركية سوف تسلم إلى الأشخاص المناسبين في المعارضة السورية. ولفت إلى أنّ «البنتاغون يدرس بعناية الجهة التي ستتلقى الأسلحة»، مقرّاً بأن تقديم تلك المساعدات يطرح تحديات عديدة «وخصوصاً في ظل وجود مجموعات مختلفة ضمن المعارضة، وضرورة التأكد تماماً من وصولها إلى الأشخاص المناسبين».
من جهته، أعرب رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي، مارتن ديمبسي، عن «دعمه لقرار إدارة الرئيس باراك أوباما مؤخراً تقديم الدعم العسكري المباشر للمجلس العسكري»، مضيفاً إن «مساعدات الولايات المتحدة للدول المحيطة بسوريا تهدف إلى الحد من أي امتداد ممكن للصراع السوري». وشدد على أنّ فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا لن يمنع إراقة الدماء، موضحاً «إذا اخترنا فرض منطقة حظر جوي، فهذا في جوهره عمل من أعمال الحرب وأود أن أتفهم خطة تحقيق السلام قبل أن نبدأ الحرب».
كذلك ذكرت مصادر أميركية أنّ الكونغرس الأميركي لا يزال يرفض التصديق على تمويل تسليح المعارضة السورية، مطالباً البيت الأبيض بوضع خطط أكثر تفصيلاً لنقل الأسلحة إلى المقاتلين وإعلان توجه سياسي واضح إزاء الأزمة السورية.
ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن المصادر قولها إن الجمهوريين والديموقراطيين أجمعوا على رفض خطة تمويل التسليح التي وضعها وزير الخارجية جون كيري ووكالة الاستخبارات.
ومع الحديث المتزايد عن ضرورة تسليح المعارضة، حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، من عواقب هذا التسليح، مشيرةً، في كلمة أمام البرلمان، إلى أنّ «المخاطر التي ستنجم عن هذه الخطوة لا حصر لها». من ناحية أخرى، أعربت عن أنّها «تتفهم» فكرة تسليم أسلحة للمقاتلين من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
بدورها، جدّدت وزيرة الخارجية الإيطالية إيما بونينو، رفض بلادها تسليح المعارضة السورية. ولفتت إلى أنّ «الوضع السوري بلغ حداً مأسوياً منذ فترة، وعلى الغرب أن يتجنب جعل الوضع أكثر سوءاً لأن التدخل غير الواضح والمتهور في بعض الحالات لا يحل الوضع بل يزيده سوءاً». ورأت أنّ «حل الأزمة السورية لا يحسم عسكرياً، وأن السبيل الدبلوماسي يدعو إلى التأمل بشأن التطورات المستقبلية».
وفي الإطار، كشفت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية عن لقاء جمع الشيخ عبد الله بن بيه، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، مع مسؤولي مجلس الأمن القومي الأميركي داخل البيت الأبيض، قبل ساعات من الإعلان الأميركي عن قرار تسليح المعارضة السورية.
من جهة ثانية، أكد مفتي سوريا أحمد بدر الدين حسون أن ما تشهده المنطقة من دعم للمجموعات الإرهابية ومحاولات التدخل الخارجي تحت شعار الديموقراطية والحرية، يهدف إلى إعادة رسم خريطة جديدة لها على غرار اتفاقية سايكس بيكو بعد الحرب العالمية الأولى.
في إطار آخر، أعلن مصدر دبلوماسي أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا سلمتا خبراء الأمم المتحدة تفاصيل عن 10 حالات محتملة لاستخدام أسلحة كيميائية من جانب الحكومة السورية. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن الدبلوماسي أن بعض الحوادث التي لدى الأميركيين والبريطانيين معلوماتها متقاطعة.
كذلك، وصل فريق دولي من خبراء الأسلحة الكيميائية، أمس، إلى تركيا لجمع معلومات عن احتمال استخدام هذه الأسلحة في سوريا.
وذكرت وكالة «ايتار - تاس» نقلاً عن المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية التركية ليفنت غومروكجو، أن أعضاء الوفد سيجرون مباحثات مع الدبلوماسيين الأتراك للحصول على المعلومات الموجودة لدى الجانب التركي حول هذه المسألة.
إلى ذلك، نقلت قناة «روسيا» تقريراً يوضح «الاستياء الذي يعمّ أوساط الطائفة الدرزية في إسرائيل بسبب إقدام بعض الجماعات المسلحة المعارضة على استهداف المناطق الدرزية». ونقلت عن «دروز في إسرائيل» أنّهم «لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال استهداف الطائفة الدرزية في سوريا مجدداً، وأن وسائل الدعم ستكون بكل السبل المتاحة، وبدأوا يعدّون أنفسهم لعبور الحدود والتوجه إلى سوريا لنصرة أبناء طائفتهم».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)