على الرغم من المضي قدُماً في ملف المصالحات ضمن مناطق سورية عدة، بالتزامن مع تطبيق هدنة وقف إطلاق النار، غير أن خروقات المسلحين للهدنة تستمر، عبر قصف مناطق سكنية ومراكز حكومية. نقاط التماس على الأراضي السورية شهدت هدوءاً نسبياً، في ظل توقف حالات القنص والاشتباكات في مناطق تتبع لريف العاصمة دمشق. الجنود السوريون على مرأى من المسلحين عاشوا أياماً قليلة من الراحة لا تخلو من الحذر، وسط تبادل العبارات ضمن كتل الأبنية المتجاورة التي تشهد انقساماً في السيطرة العسكرية في الغوطة الشرقية. «نتحرك في مناطق مكشوفة أمام قناصيهم بحذر أقل قليلاً من المعتاد، إلا أننا لا نثق بحسن تطبيقهم للهدنة. نتوقع الخرق في أي لحظة»، يقول أحد المقاتلين السوريين في ريف دمشق. ويتابع ساخراً: «أصبحوا يتحركون أمامنا بكل ثقة، غير خائفين من الرمي الناري باتجاههم، أو إطلاق الرصاص. سألهم زميلي أمس: لازمكن شي يا شباب أمانة؟ فردوا بالنفي شاكرين». تبدو الهدنة كما لو أنها نكتة سمجة بين العسكريين والمدنيين السوريين، غير أنهم يتعاطون معها باعتبارها أمراً واقعاً تحتاج إليه البلاد بعد طول سنوات الحرب المتواصلة. وزارة الدفاع الروسية أعلنت تسجيل 14 حالة قصف على المنازل السكنية ومواقع الجيش خلال 24 ساعة، بينها 4 حالات في دمشق، وحالتان في القنيطرة واللاذقية، وحالة في كل من حماه ودرعا، إضافة إلى 5 حالات خرق للهدنة من قبل المسلحين في مدينة حلب. المركز الروسي لمصالحة الأطراف المتصارعة تسلّم من الولايات المتحدة إحداثيات المسلحين الذين قاموا خلال الأيام الأخيرة بقصف المناطق السكنية والقوات الحكومية، حسب إعلان وزارة الدفاع الروسية.
من جهة أُخرى، لم تتأثر الجبهات المواجهة لمسلحي «داعش» و«جبهة النصرة» وحلفائها بالهدنة المطبقة في مناطق عدة، إذ تواصلت الاشتباكات بين الجيش ضد مسلحي هذه التنظيمات والفصائل، منعاً من قيام عناصرها بتحصينات إضافية أو إتمام محاولات تسلل تخرق جبهات الجيش. اشتباكات الجيش على جبهة كباني في ريف اللاذقية، تواصلت مع مسلحي «النصرة» وحلفائها، ما أدى إلى مقتل 4 مسلحين منهم. كذلك دمّر سلاح الجو السوري مقار قيادة وعربات لمسلحي «داعش» في محيط تدمر ووادي أبيض والباب وسرجة كبيرة في ريفي حمص وحلب.
مصادر ميدانية في مدينة حلب أكدت سقوط قذائف عدة من مناطق سيطرة «جبهة النصرة»، على حي الشيخ مقصود، ما أدى إلى استشهاد مدنيين وإصابة 25 آخرين. كما ذكرت المصادر أنّ انقطاع المياه الذي دام 80 يومياً عن كل أحياء مدينة حلب، توقف أخيراً، بعد وساطات واتفاقات لإعادة ضخ المياه من محطة الخفسة، الواقعة في الريف الشرقي، ضمن مناطق نفوذ «داعش»، بعد موافقة الحكومة السورية على إصلاح محطة ضخ عين البيضة في الريف الشرقي أيضاً، والتي تغذي مدينة الباب. يشار إلى أن محطة الخفسة كانت قد تعرضت لاعتداء من الطيران الأميركي، قبل أشهر، ثم أعيد إصلاحها مجدداً.
في موازاة ذلك، أكدت مصادر حكومية لـ«الأخبار» أن مصالحات عدة في بعض أحياء مدينة حلب يجري التحضير لعقدها، بانتظار إعلان قريب عنها في أي لحظة. يأتي ذلك بالتزامن مع تسجيل عودة عدد من المدنيين إلى بيوتهم في بلدة كفين، الواقعة في الشمال الشرقي لبلدتي نبل والزهراء، شمالي غربي حلب.