أقفل المسؤولون السوريون خطوطهم الهاتفية في وجه أية تصريحات خاصة حول الوضع في مصر، بعد كلام الرئيس بشار الأسد في مقابلته مع صحيفة «الثورة»، التي أعلن فيها سقوط الإسلام السياسي، ومعوّلاً على وعي الشعب المصري في إسقاط مشروع «الإخوان». تصريحان فقط، أحدهما لوزير الإعلام عمران الزعبي حول بدء انهيار الأنظمة القائمة على الإسلام السياسي، رابطاً بين سقوط النموذج الإخواني في مصر وصمود سوريا الذي كان جرس الإنذار للشعب المصري، وتصريح مشابه لنائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية قدري جميل.
في وقت، اكتفت وزارة الخارجية ببيان لـ«مصدر مسؤول»، هنأ فيه الشعب المصري، وعبّر عن «تقدير سوريا للحراك الوطني الشعبي في مصر». أما نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، فقد رفض إعطاء تصريحات للصحافيين على هامش لقائه وفداً جزائرياً في مقر الخارجية السورية.
ما بين مؤيد ومعارض اتفق السوريون على موقف واحد من قرار عزل الرئيس المصري محمد مرسي، إذ عدّوا الأمر فرصة لتبادل التهاني بمناسبة نجاح المصريين باختيار مصيرهم للمرة الثانية. ورغم عدم خروج مسيرات التضامن مع الشعب المصري، كما جرت العادة سابقاً، إلا أن رأي مؤيدي النظام السوري في أحداث مصر الأخيرة معلَن على أنه دليلٌ على صمود سوريا وانتصار لرئيسها، فيما عُزل مرسي، الذي تدخّل في الشأن السوري ما يكفي، على الرغم من كونه رئيساً منتخباً. ردود الأفعال الاحتفالية الشامتة لم تقتصر على المؤيدين، إذ شمت المعارضون أيضاً بقرار عزل الرئيس المصري، مشيرين إلى أن المصريين فعلوها مرتين، وانتصروا للنهضة والحرية والديمقراطية. وأثبت المصريون، برأي معارضين سوريين، أنهم شعب حيّ قادر على التغيير في كل وقت، وأن المواطنين المصريين «لا يُخشى عليهم ولا هم يحزنون».
حسرة بعض السوريين ظهرت بوضوح أمام مراقبتهم المعارضة المصرية ترفع علم بلادها كل مرة، دون أن تستبدله بآخر، كما أثارت المشاهد القادمة من ميدان التحرير عبر الشاشات الكبيرة في المقاهي حزن الكثير من المواطنين الذين حسدوا الشعب المصري على حفاظه على السلمية، رغم كل ما لوّح به أنصار الرئيس المعزول من عنف. المعارض السوري لؤي حسين يرى أنّ ما حدث في مصر هو استمرار لثورة الربيع العربي، «إذ يخطئ من يظن أن هذه الثورات هي حركات آنيّة تكتفي بإطاحة السلطات القائمة»، مشيراً إلى أن أهم ما حصّلته شعوب الربيع العربي هو الحرية التي تمكِّن المواطنين من فرض آرائهم وإرادتهم متى شاؤوا. ويحلّل المعارض السوري انعكاسات الأمر على الوضع السوري، حيث أن التغيير في مصر «سيكون الحافز للذين انتفضوا في سوريا للاستمرار حتى تحقيق أهدافهم التي طالبوا بها»، وكما أنّ الانتصارات العسكرية على الأرض، كما يراها حسين، لن تعطي لأيّ طرف حتى لو كان منتصراً أية ضمانات بأنّ الجماهير ستقبله. ويتابع قوله: «لا بد للنزاع المسلح أن يتراجع في لحظة ما وعندها سيعود الشعب السوري لاستنهاض هممه ليحقق دولة ديمقراطية تساوي بين جميع الأفراد».
بدوره، قال عضو مجلس الشعب السوري حسين راغب: «كنا نتوقع ما حدث في مصر وننتظره، لأن مشروع الإخوان المسلمين مشروع فاشل، وخاصة في مصر التي كانت دائماً تحتضن القومية العربية والحركات الوطنية». وأضاف في تصريح لـ«الأخبار» أنّ ما جرى في مصر هو «انتفاضة للشعب المصري الذي رفض الاستسلام لهيمنة الإخوان والمشروع الأميركي الصهيوني لإحراز حركة تصحيحية حقيقية ضد الباطل». وأشار إلى أن التغيير في مصر «سيحمل انعكاسات إيجابية على سوريا»، لأن سوريا ومصر «جناحان متكاملان في المدرسة القومية العربية واحدة».