لم يتوقف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن السعي الحثيث إلى التكيّف المبكر مع التحديات التي يتوقع أن تفرضها جبهة الجولان في ضوء الوضع السوري الداخلي المتأرجح. وإلى جانب العديد من الإجراءات التي اتخذها خلال العامين المنصرمين في الهضبة المحتلة، كتحديث قواعد الاشتباك وبناء سياج حدودي ذكي ورفع مستوى التأهب والانتشار، يتوجه جيش الاحتلال إلى استحداث فرقة عسكرية لتكون مسؤولة عن منطقة الجولان من الناحية الميدانية اللوجستية.
وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أنّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، في صدد اتخاذ قرار بإقامة «فرقة إقليمية» جديدة في الجولان من ضمن توجه لـ«تحديث بنية القيادة والسيطرة الخاصة بالجيش في المنطقة التي بدأت تتحول إلى جبهة نشطة».
وتنتشر اليوم في الجولان فرقة عسكرية واحدة هي الفرقة 36، أو «عصبة النار»، التي هي إحدى فرقتين نظاميتين مدرعتين في الجيش، وتعدّ الفرقة الأكبر على الإطلاق فيه. والفرقة المذكورة مسؤولة في أوقات السلم عن منطقة الجولان بأكملها وصولاً إلى السياج الحدودي الفاصل بين المنطقتين المحتلة والمحررة، ويخضع لإمرتها كل من لواء غولاني وألوية مدرعات في الخدمة النظامية والاحتياطية، إضافة إلى فوج مدفعي ووحدات إضافية.
ووفقاً للصحيفة، فإن غانتس تلقّى اقتراحاً بتحوي فرقة «عصبة خط النار»، إلى «فرقة إقليمية» في الجولان. ووفقاً للهيكلية الداخلية للجيش الإسرائيلي، تنقسم الوحدات إلى وحدات مقاتلة ووحدات «إقليمية» مهمتها تأمين البنية التحتية اللوجستية في المنطقة التي توجد فيها مهمات قتالية أو أمن جار. وتتبع الوحدات الإقليمية عادة لقيادة المنطقة أو لإحدى الفرق، سواء كانت نظامية أو احتياطية. وفي وقت الحرب تكون الوحدة الإقليمية مسؤولة أيضاً عن البنى التحتية المدنية ضمن نطاق مسؤوليتها الجغرافية.
وكانت «عصبة خط النار»، التي تحمل الرمز 210، شاركت خلال حرب يوم الغفران عام 1973 إلى جانب الفرقة 36 في المعارك التي أدت إلى صد الهجوم السوري في الجولان، وأخذ زمام المبادرة الهجومية لاحقاً. وحينها كانت الفرقة 36 فرقة احتياطية، لكنها تحولت بعد الحرب إلى فرقة نظامية وتسلمت المسؤولية عن منطقة الجولان. وأشارت «هآرتس» إلى أن خطة غانتس تحاول الالتفاف على مفهوم الاستعداد لـ«الحرب السابقة»، وهي الحرب التي لم تحصل مع سوريا ولن تحصل في الأعوام المقبلة، نظراً إلى تفكك القدرات الهجومية للجيش السوري، بحيث بات الفيلق الأول، الذي يعدّ نظير قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، يصارع من أجل الاحتفاظ بالسيطرة على منطقة حوران وليس متفرغاً أو منظماً أو مدرباً لخوض مواجهة عسكرية مع إسرائيل. وعلى هذا الأساس، يسعى رئيس الأركان الإسرائيلي إلى تحديث الانتشار العسكري في الجولان، بما يخدم الاستعداد «للحرب المقبلة». فالقوات في الجولان «مستعدة على امتداد خط حدودي تم تجهيزه على مدى أربعة عقود بحيث يشكل عائقاً أمام تقدم المدرعات السورية، والآن يعاد تجهيزه بحيث يشكل عائقاً أمام عمليات» تتصف بطابع المقاومة الشعبية.
وتكلّف خطة تحويل «عصبة خط النار» إلى فرقة إقليمية 200 مليون شيكل، وهو المبلغ الذي قد يجد الجيش صعوبة في تأمينه في ظل الاقتطاعات المرتقبة من موازنته. ويواجه غانتس، نظراً إلى ذلك، اعتراضات من قبل أعضاء في هيئة الأركان ممن يعتقدون بأن الفرقة 36 تكفي لمواجهة التهديدات المتشكلة. لكن الصحيفة رجحت أن يصار في نهاية المطاف إلى إقرار خطة غانتس بالرغم من ذلك.