القاهرة | في ظل الانتقاد الذي وجّهته تيارات من المعارضة المصرية للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس عدلي منصور فجر أمس، على اعتبار أنّه صدر من دون الرجوع إليها أو التشاور معها، انتهت القوى السياسية الى تكليف حازم الببلاوي لتشكيل الحكومة الانتقالية، وذلك بعد اجتماعات ماراتونية طُرح خلالها العديد من الأسماء، لكنها لم تلق إجماعاً. في هذا الوقت، بدا كأن الدول الخليجية المناهضة لحركة الإخوان قد ألقت بثقلها دعماً للنظام الجديد في مصر مع إعلان السعودية، على لسان وزير المالية إبراهيم العساف، أن المملكة وافقت على تقديم حزمة مساعدات لمصر بخمسة مليارات دولار، تشمل ملياري دولار وديعة نقدية بالبنك المركزي وملياري دولار أيضاً منتجات نفطية وغاز، ومليار دولار نقداً، فيما قدّمت أبو ظبي 3 مليار دولار، تشمل «منحة مالية» قدرها مليار دولار، و«قرضاً بقيمة 2 مليار بصورة وديعة من دون فائدة».
وذلك خلال زيارة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد زيارة للقاهرة على رأس أعلى وفد أجنبي يزور مصر منذ أن عزل الجيش المصري الرئيس محمد مرسي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، بدر عبد العاطي، إن الوفد القطري سيحضر لإبداء دعمه الكامل للشعب المصري سياسياً واقتصادياً. ويلتقي وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الشيخ هزاع بن زايد مع الرئيس المصري المؤقت ووزير الدفاع.
وفي خطوة أولى يجمع عليها جميع قادة المعارضة المصرية، تم الإعلان رسمياً عن تعيين الدكتور حازم الببلاوي رئيساً للحكومة، ومحمد البرادعي نائباً للرئيس للعلاقات الخارجية، وهو ما لم يبد أي من قادة المعارضة المدنية أو الإسلامية اعتراضاً عليه، بما فيها حزب النور السلفي.
وقال عضو الهيئة العليا لحزب «النور» السلفي، أحمد شكري، إن شخصية الببلاوي لن تواجه اعتراضات من الحزب، إذ إنه ليس محسوباً على فصيل سياسى معين. وأضاف إن حزب «النور» لا يركز على اسم الشخصية، بل هو يركز على المواصفات، وتابع «نحن نريد فى حزب النور شخصية تكنوقراط ليست منتمية إلى أي حزب لكي تمر المرحلة الحالية من دون زيادة الانقسامات بين الإخوان والقوى السياسية الأخرى».
وأثار الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري المؤقت، استياء العديد من القوى السياسية، وخاصة تلك التي أيّدت بيان «3 يوليو» للقوات المسلحة، بحيث عدّت الإعلان بمثابة الضربة القاضية للمعارضة المصرية المتمثلة في جبهة الإنقاذ وحملة تمرّد.
وأعلنت الحركتان أن الإعلان صدر من دون الرجوع إليهما أو مناقشتهما، وهو ما أثار استياءهما من تصرف المجلس العسكري وقادته، الذي يوحي ببداية استيلاء على السلطة بشكل غير مباشر، ودفعهما إلى عقد اجتماعات طارئة لاتخاذ موقف موحد.
وفي وقت سابق، أصدرت حركة «تمرد» بياناً قالت فيه «لا يمكن أن تقبل الإعلان الدستوري لأنه يرسي أسساً ديكتاتورية جديدة، وسنسلم رئيس الجمهورية تعديلات» مقترحة، مؤكدة أنه يتضمن مواد لإرضاء «السلفيين» وأخرى «للديكتاتورية» وثالثة لـ«الجيش».. وقال أحد مؤسسي حملة «تمرد»، حسام هندي، لـ«الأخبار»، إن الحملة ترفض أن يتم إصدار مثل هذا الإعلان من دون إخبارهم أو مناقشتهم، مشيراً إلى أن الحملة ستجري اتصالاتها لاتخاذ موقف بشأن هذا الإعلان.
وتضمن الإعلان 33 مادة دستورية، تقرّر أن يكون لمصر دستور مُستفتى عليه في فترة أقصاها 4 أشهر ونصف، وبرلمان منتخب بعد شهرين ونصف على الأكثر من وضع الدستور، ثم البدء بإجراءات انتخابات رئاسية بعد 15 يوماً على الأكثر من انعقاد البرلمان، وهو ما يؤكد استمرار الفترة الانتقالية قرابة الـ 9 أشهر، في حال عدم حدوث ما يعرقل هذه الخريطة.
وقال القيادي في جبهة الإنقاذ، وحيد عبد المجيد، لـ«الاخبار»، إن الجبهة تدرس في اجتماعها موقفها النهائي من الإعلان الدستوري، وشكل الحكومة المقبلة، مشدّداً على ضرورة أن تكون من التكنوقراط، ولا تعتمد على نظام المحاصصة الحزبية، كاشفاً أنّ الحكومة المقبلة سيتراوح عدد وزاراتها بين 12 و15 وزارة، حيث سيتم دمج بعض الوزارات في الفترة الانتقالية ولن يظل الوضع على ما هو عليه الآن، حيث يبلغ عدد الوزارات 36.
وفي الوقت الذي أبدى فيه عضو الهيئة العليا في حزب «الوفد»، ياسر حسان، في حديث إلى «الأخبار» موافقته على الإعلان الدستوري، معتبراً إياه بداية جديدة لدولة مدنية حديثة تحتوي كل المصريين، قال عبد المجيد إن الإعلان في مجمله ليس هو المطلوب في هذه اللحظة، وكان يجب أن يصدر المجلس إعلاناً قصيراً ومركزاً يتضمن عدداً محدداً من المواد، التي تحدد صلاحيات رئيس الجمهورية والحكومة وخطوات المرحلة الانتقالية، ومواعيد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
وأوضح عبد المجيد أنه لم يتم التشاور مع الجبهة قبل إصدار الإعلان، منتقداً طريقة تعديل الدستور، التي حددها الإعلان، من خلال مرحلتين، الأولى عبر فريق من فقهاء الدستور، تليها جلسة أخرى بحضور كل فئات المجتمع للاتفاق النهائي على هذه التعديلات، مشيراً الى أن المجلس لم يتّعظ من مثل هذه اللجان.
بدوره، قال الفقيه الدستوري نور فرحات، عضو مجلس أمناء في الحزب الديموقراطي المصري، إن الإعلان يؤكد «أننا بصدد سيناريو تسريب أهداف الثورة برعاية المجلس العسكري وحمايته». وانتقد عبر صفحته الشخصية على «الفيسبوك» عدم حظر الإعلان الدستوري لقيام الأحزاب الدينية أو الأحزاب ذات المرجعية الدينية.
إلى ذلك، أعلن مصدر قضائي بدء التحقيق مع 650 شخصاً متهمين باشتباكات الحرس الجمهوري التي أوقعت 51 قتيلاً أول من أمس، وسط تواصل تظاهرات «30 يونيو» وتلك المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي.
وأوضح المصدر القضائي أن نيابات مصر الجديدة والنزهة ومدينة نصر، وهي ثلاثة أحياء تقع شمال شرق القاهرة، حيث وقعت الاشتباكات، تتولى التحقيق مع المتهمين المحتجزين في 18 قسم شرطة في القاهرة.
على المستوى الدولي، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة «ترحب بحذر» بالجدول الزمني، الذي يتحدث عن إجراء انتخابات في مصر. وقال جاي كارني «لن نفرض مواعيد. نحن نرحب بحذر بالجدول الزمني الذي ينص على العودة الى حكومة منتخبة ديموقراطياً ويتضمن تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية».
بدوره، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنه يجب على مصر أن تسعى الى انتقال سلمي للسلطة من خلال إجراء انتخابات نزيهة. وأوضح «نحن ندعم أي جهود تهدف الى إنهاء أي مظاهر للعنف والمواجهة وتهدف الى إشاعة استقرار الأوضاع». وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعرب في مطلع الأسبوع عن مخاوفه من أن تنزلق مصر نحو حرب أهلية. إلى ذلك، أشار الأزهر الشريف إلى أنّ «فتوى الشيخ رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي تعسف في الحكم ومجازفة في النظر، باعتباره خروج الملايين في 30 حزيران انقلاباً عسكرياً»، معتبراً أنّ «هذه الفتوى تعكس فقط رأي من يؤيدهم». ولفت الأزهر إلى أنّ «الإمام الأكبر أكبر من أن يقف مع طائفة ضد طائفة، والجميع يعرف مساعيه للحيلولة دون الوصول الى هذه النقطة».