الخرطوم | كشف أحد المقربين من عراب الحركة الاسلامية في السودان حسن الترابي، عن نصيحة المفكر الإسلامي السوداني للإخوان المسلمين في مصر اثناء الحملة الانتخابية الأخيرة. وروى المصدر لـ«الأخبار» أنه سأل الترابي عن رأية في الانتخابات المصرية التي كانت تجرى وقتذاك، فأجابه الترابي «قلت للإخوان لا تترشحوا للرئاسة، بل ادعموا المرشح القريب منكم، في اشارة لأبو الفتوح، وليكن عندكم أكثرية برلمانية، واستثمروا جو الحريات لصناعة الكوادر التي تقود الدولة بعد قيادة «المسجد»، فإدارة الدولة تختلف عن إدارة الجمعيات الخيرية»، حسب وصف الترابي الذي اضاف أن «العمل في جو الحرية هو الذي يولد لكم فرصة الوجود ولو من بعد».وينقل المصدر عن الترابي قوله إن الإخوان لم يسمعوا نصيحته، قائلاً «هم يعتبروننا من البربر وعند سقوطهم سيستمعون لنا». وأضاف «لو سألت فاسأل مجرّب».
وعلى الرغم من ذلك فإن جماعة الإخوان المسلمين في مصر ضربت بنصيحة الشيخ الترابي عرض الحائط ودارت عليهم الدوائر بعد مرور عام واحد من اعلان نتيجة تلك الانتخابات التي تمخضت عن فوز الإسلاميين بكرسي الحكم في مصر.
غير أن الترابي ندد بإقالة محمد مرسي، واعتبر ذلك خروجاً عن الشرعية وانقلاباً على الدستور، وان الرئيس مرسي كان أول زعيم منتخب ديموقراطياً، وانه أصدر دستوراً أراده الشعب.
وقال الترابي إن مرسي وقع ضحية لائتلاف بين الجيش والمسيحيين والليبراليين الذين يؤمنون بالديموقراطية لأنفسهم ولكن ليس للآخرين.
وكان لافتاً التناقض في مواقف الشيخ الثمانيني الذي سبق أن انقلب على الشرعية والديموقراطية في السودان قبل عقدين وأكثر حين قاد انقلاباً اسلامياً عام 1989 باتفاق مع العسكر ليأتي بنظام الإنقاذ القابض على مفاصل الدولة حتى الآن. والمفارقة ان هذا النظام ابعد الترابي عن دائرة الحكم بعد المفاصلة الشهرية بين الإسلامين في العام 2000.
ويرى محللون ان موقف الحكومة السودانية الرسمي دائماً ما يتسم بالحذر والضبابية إزاء ما يحدث في المحيط الإقليمي والعربي. وهو ذات الموقف الذي اتخذته الخرطوم إبان ثورة يناير المصرية واتخذته الآن حيال التصعيد السياسي الذي تعيشه مصر هذه الأيام، اذ اعتبرت وزارة الخارجية أن ما يجري في مصر شأن داخلي يخص الشعب المصري.
وكان واضحاً منذ تولى الإخوان لمقاليد الحكم في مصر، وجود جفاء غير معلن مع نظام الحكم في السودان رغم تأكيدات الجانبين المستمرة على استراتيجية العلاقة بين الدولتين الجارتين.
إلا أن ثمة أصواتاً داخل الحزب الحاكم اعتبرت ما حدث في مصر اجهاضاً للديموقراطية، في الوقت الذي جاهرت فيه الحركة الإسلامية بوصفها للطريقة التي تم بها عزل الرئيس مرسي من رئاسة الجمهورية بأنها تمثل خروجاً صريحاً على قواعد الممارسة الديموقراطية التي توافق عليها الشعب المصري.
واعتبرت الحركة الاسلامية ان ما حدث في مصر يمثل تحايلاً وتكسيراً للقواعد والأساليب الديموقراطية المتفق عليها. وأعربت الحركة التي يمثل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان ذراعها السياسية، عن ثقتها في وعي القوى السياسية المصرية والشعب المصري بكل ألوان طيفه.
ودعت في بيان المصريين إلى التحلي باليقظة واغلاق الطريق أمام أعداء مصر الحقيقيين والقوى المتربصة التي لا تريد إلا إضعاف مصر وشل حركتها وإخراجها من دائرة التأثير الإقليمي والعالمي.
ويذهب مراقبون إلى الاعتقاد بأن عزل مرسي يُعتبر نهاية لطموح الإسلاميين في كل العالم.
وللمفارقة، فإن موقف الحركة الإسلامية السودانية التي يتزعمها عدد من قادة الجهاز التنفيذي للدولة، يتناقض مع الموقف الرسمي للدولة إزاء قضية عزل مرسي من الرئاسة المصرية.