ربما سمع الكثيرون مثلي عن الشيخ خضر عدنان. هذا القيادي الجهادي البارز الذي رسم خارطةً جديدة للمقاومة الفلسطينية داخل السجون الإسرائيلية بعد إضرابه عن الطعام لمدة 87 يوماً متواصلة ضمن «معركة الامعاء الخاوية» التي اطلقها. لكنهم قلائل اولئك الذين يعلمون الجانب الآخر لشخصية الشيخ.
السبب المباشر الذي دعاني إلى «التنبيش» وراءه هو خجلي من نفسي. والحكاية انني كنت في طريقي إلى عملي ولفتت نظري مجموعة جديدة من ملصقات الحائط للقائد القسامي عبدالله البرغوثي، الذي طالما أردت ان يعرف الفلسطينيون بعض التفاصيل عن دوره القيادي في الضفة الغربية.

تابعت مسيري، وبعد شارعين أو ثلاثة رأيت شخصا كان يواصل تعليق تلك «البوسترات». كان قوي البنية وفارع الطول، مُشرق الوجه مبتسمه، يا الهي. ايكون هو؟. نعم. إنه الشيخ خضر عدنان. تذكرت جسمه الذي كان قد تهافت يوماً بعد يوم خلال فترة إضرابه عن الطعام حتى تعطلت الكثير من وظائفه وكاد يستشهد نتيجة إصراره على إضرابه لتحقيق مطلبه بالإفراج عنه قبل قرابة العام فقط.
كان الشيخ يحمل مجموعة الملصقات في يد، وفي الأخرى شريطاً لاصقاً، كان يعلق منها على كل عمود يمر به في اكثر شوارع رام الله حيوية. وكان محاطاً بمجموعة من الشباب الذين اتوا ليلقوا التحية عليه ويشيدوا به، ثم يذهبون، فيأتي فوج آخر غيرهم. بهرني هذا الجانب في شخصيته خصوصاً أن عبد الله البرغوثي لم يكن «ابن فصيله»، وأردت معرفة المزيد عنه. فعلمت أنه بدأ عملاً خاصاً بعد الإفراج عنه ففتح مخبزا صغيرا في بلدته قباطية حيث يصنع المعجنات ويبيعها لأهالي البلده.
وكانت معركة الأمعاء الخاوية، وهي اهم ما يحسب للشيخ في السنوات الأخيرة، وضعت إسرائيل في خانة «الياك». فقد استدرجت وكالات الأنباء العالمية والمتضامنين الأجانب الذين أدانوا إسرائيل في موضوع السجن الإداري والعزل الانفرادي في تلك الفترة. وبعد الإفراج عنه، تبِع خطاه مجموعة من السجناء الذين سطروا اسمى الآيات في الإضراب عن الطعام ومنهم محمود السرسك وسامر العيساوي وحالياً عبد الله البرغوثي، وكلهم تخطوا حاجز المائة يوم.
وها هو اليوم.. يدور في رام الله لمناصرة غيره من المضربين عن الطعام في السجون الاسرائيلية. اتأمله يواصل عمله واتذكر مقطعا من قصيدة «أحمد الزعتر» للراحل محمود درويش يقول فيه: «له الهتاف، له الزفاف، له المجلات الملونة، المراثي المطمئنة، ملصقات الحائط، العلم، التقدم، فرقة الإنشاد، مرسوم الحداد، وكل شيء كل شيء كل شيء».